.. والفريق عبد الرحيم يهبط الخرطوم مساء الأحد للتشاور حول المفاوضات. والوفد الذي يصبح أكثر خبرة.. بحكم انغماسه الطويل في المحادثات .. يهبط الخرطوم ليستشير من لا خبرة له بالأمر. والخرطوم المنغمسة في التجارب تعرف أن الوفد = كالعادة = يذهب دون خطة. والحديث حول البنود الخمسة ينتهي.. والتوقيع مساء العشرين من الشهر هذا.. والأيام العشر القادمات يقضيها كل من الوفدين وهو يحدِّق في الأوراق ينتظر الحيات والأفاعي المنغمسة هناك. .. والخرطوم تقضي الأيام وهي تنظر إلى الاتفاقية تبحث عن المعاني الحقيقية للكلمات مثل : اتفاقية الحريات. اتفاقية الحدود. اتفاقية أبيي. اتفاقية التجارة. اتفاقية الديون. ومتحدث رفيع في الخارجية يحدثنا عن أنه : لا جنسية للجنوب.. كل ما هناك هو تعامل.. مثل ما نفعل مع الناس من بقية العالم.. بريطانيين أو نيجيريين أو من الصين.. مثلهم الجنوبيون وحق التجارة والإقامة لهم مثل الآخرين. ونسمع وحين نعيد قراءة أوراقنا تطل الأفاعي لتقول : لكن البريطانيين وأهل نيجيريا وبقية أهل العالم في الخرطوم لا يطالبون بحقوق أربعة أو خمسة.. .. قالت الأفعى : ما يطالب به الجنوب إذن شيء آخر.. ما هو؟ قالت الأفعى: والشيء هذا حين يخفيه وفدنا هذا الإخفاء.. وحين يلح عليه الجنوب هذا الإلحاح .. ماذا يعني؟ ونحن مثل الخرطوم لا نحصل على تفسير. واتفاقية إعفاء الديون نسمع عنها ما لا يمكن نشره.. واتفاقية الحدود حدودها هي : الوساطة تقدم خريطة تقول فيها : توصلنا إلى اتفاق على (كل) نقاط الحدود .. عدا مناطق خمس (المقينص وكفياكنجي.. وكاكا التجارية.. ودبة الفخار). عندها الجنوب يأتي جرياً ليضيف ست عشرة منطقة أخرى متنازع عليها. ثم قوساً يلتهم أربعة عشر ميلاً (عرض) وألف ميل طولاً على الحدود. و.. وعن التجارة يقدم الخبراء ما يعني أن (نصف سكان الجنوب يعيشون في الحدود مع الشمال.. وتجارة وطعام كوستي والأبيض أقرب إليهم من كمبالا .. ودار السلام). و.. و.. والمستفيد هو.. الجنوبيون.. حياة.. والسودان.. تجارة.. وارتباط التجارة يمنع الحرب. والوساطة حين تجد السودان.. وبعيون ضيقة يهدد بالانسحاب يطلق مبادرة أخرى .. وأمبيكي يقول متمتماً : الخريطة التي قدمناها لمجلس الأمن ليست مقدسة.. والتراجع ممكن.. قبلها فترة مجلس الأمن السابقة.. واللاحقة ليست مقدسة.. والتفاهم يمكن أن يتم .. والملف الحدودي هو الملف الأمني. .. وهما وجهان لأغرب عملة. الوجه الأول الحدودي ليس مقدساً.. بينما الوجه الآخر «الأمن» مقدس. والوفد السوداني الذي يصل إلى اتفاق على كل شيء وينتظر العشرين من الشهر هذا للتوقيع يعلن جملة صغيرة. .. عبد الرحيم يقول للقاعة إن عدم وجود ثقوب حتى الآن في الاتفاقيات الخمس (عدا أبيي) لا يعني أننا سوف نهز القلم الأسود بالتوقيع. عبد الرحيم = وفي قاع ذهنه حكاية النفط الغريبة .. (جداً) = يعلن للناس أنه : صباح يوم الجلسة الأخيرة نأتي.. وحين يقوم الوفد الجنوبي بالتوقيع أمامنا على ملف الحدود .. عندها نوقع نحن. .. وإلا .. فلا توقيع على شيء. ونذهب. .. وكل جملة من الجمل أعلاه تسبقها وتحيط بها حواشٍ ممتدة من دونها الكلمات تصبح جحوراً للأفاعي.. نحكيها.. وحكاية الجنسية الحقيقية. ونحكي حكاية إغلاق أنبوب النفط.. الحكاية التي صنعها الشمال.. حتى يمنع الجنوب من تنفيذ خطة ماكرة جداً للتدمير الواسع. وحكاية قطاع الشمال.. وبعضها هو أن الحلو الذي يتمرد صباح 6/6/1102م قبل الانفصال بشهر كان يفعلها بعد أن يستمع من عرمان إلى حقيقة أنه إن اصطلح الشمال والجنوب خرج كلاهما من الأمر كله. .. وحكاية عن عقار أسوأ.. ونحكيها.. وأخرى عن باقان وثالثة عن أبناء أبيي الذين يديرون كل شيء.. من واشنطن. .. والعالم من حولنا في الشأن السوداني له حكايات أكثر غرابةً. ويكفي أن أمريكا التي تخطط منذ عشرين سنة .. لهدم السودان.. أمريكا هذه تلتقط فتاة سودانية الشهر الماضي طفلة في الرابعة عشرة تحرز المركز الأول في مسابقة عالمية للفيزياء. والمخابرات الأمريكية هناك لا تلتقط الفتاة هذه لإرسالها لجامعات الفيزياء. المخابرات تلتقطها = في الخطة العشرينية لهدم السودان = للعمل في الخارجية الأمريكية!! أمريكا هذه التي .. والتي .. يصمد أمامها السودان الذي لا يعرف كيف يخطط لأسبوع. وعبد الرحيم يهبط الخرطوم أمس الأول ليسأل الناس