الأستاذة الزلال عثمان حمد الله اتصلت بي حول إحدى مقالاتي عن «لقاء السيدين الجليلين» والذي ظل يتكرر منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن ودون انقطاع وربنا يديهم العافية ويدي أولادهم العافية عشان يجتمعوا طوالي. وقد ذكرت لي أن ظاهرة تكرار اجتماع ومبادرات ولقاء السيدين كانت من الكثرة والتواتر بحيث إن «نساء السودان» أطلقن على أحد الثياب اسم «لقاء السيدين» منذ الخمسينيات. وقد قادنا ذلك إلى أن أسماء الثياب والملبوسات النسائية وعلى مدى الفترة الممتدة من الأربعينيات حتى الآن قد تأثرت بالأحداث السياسية والاجتماعية المختلفة. وقد كان السيدان يشكلان إحدى المؤثرات المباشرة في حياة الناس «زمان» بالدرجة التي جعلت النسوة يخترن ثوباً ويسمينه «لقاء السيدين» وكأن هذا اللقاء من المستحيلات أو من المفرحات المفاجئة.. وقالت الزلال إن بداية تسمية الأثواب النسائية بدأت بالثوب «البنغالي» الذي يسمونه في السودان «البنقالي» بالقاف وكان يستورد من سيرلانكا وتزامن مع ثوب البنقالي القطعة أو «الفركة» التي تسمى «أم صفيحة» وهي قطعة يتم ارتداؤها كإزار «قرباب» ومعها غطاء للرأس والكتف يسمى القرمصيص والذي استمر استعماله للعرائس حتى الآن بينما اقتصر استعمال الفركة على العرب الرُّحل وسكان الريف. وفي فترة الأربعينيات ظهر ثوب اسمه «ضلع الدكاترة» وهو عبارة عن ثوب مخطط يشبه الأضلاع وكان الأطباء في تلك الأيام لهم شنَّة ورنَّة ليس كأطباء هذه الأيام.. وقد ظهرت في ذلك الحين أغنية «بالعصر مرورو» وأغنية «البنسلين يا تمرجي نادوا الحكيم يا تمرجي» أما ثوب «لقاء السيدين» فقد أعلن عنه رسمياً مع ذلك اللقاء الكبير الذي جمع بين السيد علي الميرغني والسيد عبدالرحمن المهدي في فترة التفاوض حول الحكم الذاتي وطلب الاستقلال في فترة السودنة والشعارات المطروحة من الجانبين حول التبعية للتاج البريطاني أو الوحدة مع مصر، وما تم الوفاق عليه لاحقاً من إعلان الاستقلال من داخل البرلمان. ومن بعد الاستقلال ظهر ثوب نسائي آخر اسمه «عيون زروق» وأُطلق الاسم تيمناً بالمرحوم مبارك زروق والذي سطع نجمه في ذلك الحين كأحد الوزراء اللامعين، وكانت عيونه واسعة ويمتاز بالوسامة بمقاييس ذلك الزمان.. وتزامن مع هذا الثوب ثوب آخر اسمه الاستقلال وآخر اسمه «صوت المرأة» وهذا يعني أن الحراك النسوي قد بدأ في السودان منذ ذلك الوقت. ثم شهدت فترة ما بعد الاستقلال مسمى ثوب «أبو قجيجة» وهو ثوب عليه تطريز بارز يشبه «حلاقة الكاريه» ومعه ظهرت الأغنية التي تقول «أحب أب قجيجة وأريت أب صلعة طاير» والقجيجة هي شعر الرأس الكثيف.. وقد رجع ثوب أب قجيجة إلى الظهور بعد الاختفاء وهو نفس ما حدث إلى ثوب رسالة لندن الذي ظهر الآن بتشكيلات كثيرة. ولم تتوقف التسميات النسوية على الثياب، بل ضمت تسمية أنواع الذهب والمشغولات المختلفة والتي بدأت في الثلاثينيات «بالشف» و«التيلة» وهي عبارة عن خرز أسود اللون يتخلل ذهب الجنيه المرصوص على الرقبة.. ثم أعقب ذلك ظهور عقد من الذهب الكثير يسمى «فرج الله» وجاء هذا الاسم «فرج الله» على الرغم من أن الذهب مرسوم عليه صورة ملكة بريطانيا لكن يبدو أن صانع المشغولات كان اسمه «فرج الله» وقد ظهرت أساور كبيرة الحجم اسمها «القوات المسلحة» وهي غويشة معقدة التركيب. ومن بعدها جاءت غويشة احفظ مالك وهي محشوة بذهب الجنيه حسب المقدرة المالية للزوج مثلما ظهرت «اللبة» وهي أنصاف جنيهات وجنيهات كاملة من الذهب الإنجليزي توضع على الرأس.. وفي مجال الأحذية فقد كانت هناك «العروسة والزيزي» وهي من البلاستيك ومازالت معروفة للاستعمال المنزلي أو في القرى. ومن بعدها ظهر «الكركب» وهو من الخشب والشبشب والكدارة والفاشري النسائي.. لم يتوقف الأمر على الملبوسات النسائية لكن ذهب إلى إطلاق الأسماء على الكثير من الأغذية والمأكولات وهذه الأيام تشتهر الفطيرة المسماة «عمة ترباس» وقد شاهدتها لأول مرة عندما أهدتها لنا أم سلمة أحمد الشيخ زوجة عمي المرحوم عباس عبد الماجد قبل عدة أشهر. وأخيراً نقول من ناحية اقتصادية إذا كانت نساء السودان في حدود خمسة عشر مليون سودانية وإذا كان ثلث هذا العدد يملك ذهباً بما يعادل خمسة أوقيات لكل واحدة فهذا يعني أن لدى نسائنا مخزونًا من الذهب يعادل خمسة وعشرين مليون أوقية ويبلغ ثمنها مليارات الدولارات، ولو افترضنا أنني محافظ بنك السودان أو وزير المالية كنت سوف أطبع نقوداً تعادل هذه القيمة وأقوم بسد العجز من ميزان المدفوعات وأعمل على تحريك الجمود الاقتصادي.. وأكون بهذا غير مخالف للضوابط الخاصة بالتمويل بالعجز أو مقررات بازل الائتمانية والمسألة جديرة بالاهتمام والنقاش الجاد.. وقد يحتاج الأمر إلى الخيال والمبادرة للاستفادة من هذا المخزون الذهبي في أيدي النسوان وهو مخزون غير متحرك ولا تتم الاستفادة منه.. وعلى طريقة زملائنا بتاعين البنوك يمكن «تصكيك» الذهب المحمول في أيدي النسوان واستخراج إيصالات أو صكوك تأمين يتم تداولها وبيعها «زيها زي سندات شهامة».. { كسرة: دلّل على وعيك الأمني وامتنع تماماً عن تقديم أي نوع من الخدمات أو البيع أو الإيجار للأجانب ولا تأوي منهم أحداً إلا بعد إخطار الجهات الأمنية فربما أن بعضهم أو كلهم خلايا نائمة قد تدخلك في مشكلات كثيرة.. واعلم أن تشغيل الأجانب أو إيواءهم بأجر أو بدون أجر قد يكون جريمة يعاقب عليها القانون واعلم أن كل جنوبي أجنبي وليس كل أجنبي جنوبيًا.