طالبت القيادية بالمؤتمر الوطني ورئيسة لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان «عفاف تاور» بإعفاء وتغيير والي جنوب كردفان مولانا أحمد هارون، وسبَّبت ذلك بأن هارون هزمه التمرد ولم يستطع كبح جماحه والانتقال بالولاية إلى آمنة مستقرة، وأكدت أن ذلك لا يتنافى مع الدستور باعتبار أن الولاية تمر بحالة استثنائية تستدعي هذا التدخل وهذا القرار، وأكدت عدم اطمئنانها لحوار سلس مع دولة الجنوب في ظل حكم الحركة، وبالرغم من مساحة الحوار بالصحيفة إلا أن تاور تحدثت عن عدم حيادية الناشر والأبواب مشرعة.. وهي تقول ما تريد!! فالانتقاد الذي يأتي من هنا وهناك إلا أنه لم يُنقص من الاستقلالية شيئاً.. (الإنتباهة) هي البوابة الأكبر والأشمل لكل من يعارضها لنشر آرائه.. وكانت تاور قد ألحَّت في هذا الحوار أن يُنشر نص انتقادها بأن هناك شيئًا من الاثنية!! في هذا الحوار تطرح رؤية متكاملة لما يحدث في جنوب كردفان.. إلى التفاصيل: في تقديرك إلى أين تمضي جنوب كردفان في ظل الأوضاع الحالية؟؟ إلى مصير يعلمه الله، وبالرغم من سيطرة القوات المسلحة على كثير من مناطق جنوب كردفان إلا أن هناك مناطق (مقفولة) وتحت سيطرة الحركة الشعبية بعد الانفصال، وهذا أمر غير مريح ويقلقنا نحن أبناء الولاية، وللأسف الشديد وجود الفرقتين التاسعة والعاشرة حتى الآن بالشمال أيضاً يدعو إلى القلق، بالتالي وبالنسبة لي طالما أن هناك مناطق في يد الحركة غير مطمئنة وغير متفائلة، إلا إذا عاد الوضع لطبيعته وهو أن تصبح جنوب كردفان منطقة مفتوحة، بمعنى عدم وجود مناطق وجيش للحركة داخل الأراضي الشمالية حيث يقتل وينهب ويروِّع المواطنين ويزرع ألغامًا تهدِّد حياة المواطن. لكن ألا تعتقدين أن لأبناء النوبة بالحركة الشعبية دورًا في هذا الوضع؟ هذا صحيح، ما لم يتم فك الارتباط بين أبناء النوبة والحركة الشعبية ستظل المشكلة قائمة، إذا لاحظنا أن أبناء الجنوب بالمؤتمر الوطني (قطعوا) الرباط بينهم وبين الشمال، لكن العكس لم يحدث، لذلك لا بد أن يُعاد الوضع وأن ما يجري حالياً من بحث لمخرج يدعو إلى فك هذا الارتباط، لأن الجنوب استخدم أبناء النوبة بالشعارات البراقة (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، وتصر الحركة بعد الانفصال على استخدام أبناء جبال النوبة حتى آخر قطرة دم، أحياناً أنظر إلى أشياء أعتبرها مُضحكة (ومُبكية) في نفس الوقت، كيف تفاوض أو تتعامل مع أبناء شمال السودان بالحركة الشعبية (قطاع الشمال)؟؟ قطاع الشمال هذا كان قطاع شمال الجنوب السوداني، لكن (ناسنا) ارتضوا هذا الوضع بالرغم من أنه غير قانوني، لأنه كان لا بد أن يفك الارتباط أولاً حتى ولو لم يكونوا حزبًا بالشمال، ثم يطلبوا التفاوض بوصفهم من أبناء الوطن بأي صيغة سواء كانت متمردين أو خارجين على القانون، لكن هذا الوضع لا يستقيم، لذلك ظهر لنا بشمال السودان ذات الأشخاص الذين كانوا يديرون المكاتب في السابق (عقار، وعرمان، والحلو) حتى أبناء النوبة لم يظهروا لأن دورهم تنفيذ الأوامر فقط لهؤلاء الثلاثة أشخاص. ما الذي وجده أبناء النوبة في الحركة الشعبية في تقديرك؟ الحركة لم تقدم للنوبة شيئًا سوى القتل والتشريد، وفي تقديري أن أبناء النوبة بالحركة غير (مرتاحين) لهذا الوضع إلا أن الحركة استطاعت أن تُدخلهم في غيبوبة تامة ولا يقبلوا حديث أحد، والحرب الأخيرة بجبال النوبة والنيل الأزرق كانت المطالب فيها هي تغيير النظام بالخرطوم!! ما شأننا نحن أبناء النوبة بتغيير السلطة؟؟ أبناء النوبة يتحدّثون عن التنمية والمشاركة في السلطة والتعليم والصحة، ويتحدثون عن وجودهم في السودان كسودانيين بمشاركتهم مع الدولة في السلطة لكن أن يُستخدموا لتغيير النظام فهذا ما لا يهفمونه هم أنفسهم، لأنهم إذا استطاعوا تغيير النظام فسيكون رئيس الدولة واحدًا من الثلاثة الذين يأمرونهم وليس لهم علاقة بجبال النوبة، فعرمان يتجول من أمريكا إلى نيروبي للجنوب، والحلو من ألمانيا إلى أمريكا، وعقار كذلك، وليس لهم أُسر بالجبال ولا يعيشون معاناة أهل السودان. كيف تقيِّمين الوضع الأمني الآن بجنوب كردفان؟ غير مستقر، ما زال الانفلات الأمني يشمل معظم المناطق بالولاية، ولأن هناك مناطق (مقفولة) وبيد الحركة. إذاً ما هي مجهوداتكم أنتم أبناء الولاية في إرجاع هؤلاء إلى صفوفكم؟ وهل حدثت مواجهة بينكم وبين أبناء النوبة بالحركة؟ جهدنا جهد (المقل)، وحتى الآن لم تحدث مواجهة، لذلك عندما بحثنا في كيفية التلاقي وجدنا عنصرًا ثالثًا وهم أبناء النوبة بالخارج لأنهم (مقبولون) بين الطرفين وقد تتهيأ لهم الفرصة، وفعلاً جاءوا وجلسوا معنا ويبذلون حتى الآن جهدًا للقاء أبناء النوبة بالحركة ليتم حوار يجمع كل أبناء النوبة بالداخل والخارج ليتفاكروا في أمر منطقتهم وإلى متى سيستمر هذا الحال وهل بالضرورة أن نحمل السلاح لنصل إلى ما نريد أم هناك أسلوب وخيار آخر لنلحق بركب التنمية والمشاركة؟، حقيقة نحن في حيرة من أمر إخواننا بالحركة. فيما يخص التفاوض بشقيه كيف تقيِّمين المرحلة الحالية؟ وهل يمكن أن يصل الطرفان إلى اتفاق؟ لا نريد أن (نشوِّش) المفاوضين، لكن الخطوة التي بدأوا بها ليست مطمئنة بالنسبة لنا، كان يجب أن يبدأوا بالأمن لأنه بعدم توفر الأمن لا توجد حياة، لكنهم بدأوا بالبترول، كيف يمر البترول من غير أمن؟! وهم أحرص على ملف البترول.. وأخشى أن تُستخدم عائدات البترول لتسليح جديد لضرب الشمال، لذلك ما لم يُعدَّل مسار التفاوض ويبدأ بالترتيبات الأمنية أولاً أنا غير متفائلة بهذا التفاوض، لأن الوضع الآن بالجنوب رديء، وهناك انهيار في الاقتصاد، وبداية التفاوض بالبترول تساعدهم في إنعاش اقتصادهم، وأول خطوة سيبدأون بها هي قتل مواطني الشمال وهدم وطننا.. أما التفاوض بين ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان مع قطاع الشمال فرأينا فيه واضح، وهو عدم اعترافنا بما يسمى قطاع الشمال، لذلك يجب أن تصحَّح الأوضاع ويظهر أبناؤنا من الطرف الآخر في التفاوض لأن التفاوض بالوكالة لا نقبله وغير مُجْدٍ، والأمثلة كثيرة على ذلك.. ونحن أهل المصلحة بوصفنا أبناء الولاية لا يشرفنا أن يكون ياسر عرمان والحلو مفاوضين باسمنا، والحلو هذا إذا حاول دخول الولاية سينتهي، ولن يستطيع الإقدام على هذه الخطوة، أجروا مقارنة على وفدي التفاوض وقالوا لنا إن رئيس وفد التفاوض كمال عبيد وهو ليس منكم، قلنا لهم نحن ما زلنا في المنظومة القومية كسودانيين، وإذا أردنا ألا نتحدث أن كمال عبيد ليس من أبنائنا (كيف يستقيم الظل والعود أعوج)، أحمد هارون ليس منا ويحكمنا الآن؟؟ لذلك نحن نعطي أصواتنا إلى كمال عبيد، ومن هنا أقترح وأطالب بتغيير الوالي أحمد هارون من الولاية، صحيح أنه بدأ مشروعات التنمية لكن دون فائدة لأن التمرد يهدم كل هذه التنمية التي قام بها، بجنوب كردفان، الآن لا يستطيع المواطن الخروج «5» كيلو مترات من المدن، لذلك نحن نعتبر أن أحمد هارون غير مناسب لهذه الولاية في هذه المرحلة. لكن كيف يمكن تغيير والٍ منتخب؟ توجد ظروف استثنائية بالولاية أدت إلى اضطراب أمني وعدم استقرار، لذلك يمكن تجميد صلاحياته وإعلان حالة الطوارئ بالولاية وتعيين حاكم عسكري، وفي حالة استقرار الأمن يمكن إرجاعه كوالٍ منتخب بعد استتباب الأمن. هل وجدتم أن التجربة في النيل الأزرق نجحت؟ نعم... وما الذي يمنع أن تطبَّق نفس التجربة بجنوب كردفان؟ لأن الوالي بالنيل الأزرق تمرد وهنا لم يتمرد؟ والي جنوب كردفان لم يتمرد لكن غلب عليه التمرد وكثُرت سهام المتمردين. يتحدث المهتمون من أبناء الولاية أن المرحلة القادمة من التفاوض ستكون أفضل باعتبار مشاركة أهل المنطقة فيه.. الحسنة الوحيدة من مشاركتهم هي استنطاق أبناء المنطقة لكن المهم من تفاوض؟ عرمان وعقار؟! لكن ما هو الضمان في أن تُسمع أصواتهم ويؤخذ بها وألا تكون ديكورية؟ نحن نثق في أبنائنا ووفدنا، لكن من هم هؤلاء من الطرف الآخر ليجلسوا معهم؟؟ نحن لدينا رأي في مشاركة وتمثيل قطاع الشمال لأننا لا نعترف بهم في الأصل. تجلس الحركة الشعبية للتفاوض من جهة وترسل أسلحة عبر النيل الأبيض للخرطوم وتشنُّ هجوماً قبل أيام على منطقة الموريب.. كيف يمكن الوصول إلى جوار سلس بين الدولتين؟ حكومة الجنوب تكنّ للشمال حقدًا غير طبيعي، بمعنى أن الأسلوب الذي يتعاملون به في أديس من تفاوض غير جيد ومُحبط بالنسبة لنا، لأنه أثناء عملية التفاوض تشنُّ الحركة هجوماً على منطقة هنا وهناك، قطاع الشمال ينفذ تعليمات رئيسها سلفا كير ميارديت لأنه القائد الأعلى ولن يتحرك الجيش دون تعليماته، إذاً هذا القائد الأعلى لا يريد الجنوح للسلم، وهذا يؤكد أن الحركة لا يمكن الوثوق بها بالرغم من وجود الرقابة الدولية، ولا أطمئن ولا أثق بجوار سلس طالما أن الحركة هي التي تحكم الجنوب، وفي تقديري أننا (فرّطنا) كثيراً بانفصال دولة الجنوب دون ترسيم حدود، لذلك أصبحت تطمع، لذلك برغبتهم الملحة في الانفصال سابقًا كان يمكن أن نحرص على حسم أشياء أهمها ترسيم الحدود التي ستصبح مثل (مسمار جحا) وللأسف هذه مشكلة سنورثها للأجيال القادمة. قبل الانفصال كان المؤتمر الوطني يتعامل مع الحركة الشعبية باعتباره الأكبر.. لكن بعد الانفصال وتكوين دولة الجنوب ألا يمكن أن تحسم الحكومة هذه الأوضاع بما يحفظ للبلاد عزتها وكرامتها وأنتِ قيادية بالوطني؟؟ التفاوض الذي يتم الآن لمنع مثل هذه الخروقات.. ولأن حكومة الشمال مؤمنة وتعلم بحقوقها القانونية وتتعامل مع الجنوب كأخ أكبر إذا قامت بأي رد فعل عنيف وهي قادرة على حسم كل الخروقات لكن سيتضرر المواطن العادي بالرغم من أن الحركة (لا تستاهل) هذا التعامل اللطيف. نحن لدينا الآن مئات من أبناء النوبة بمعتقلات الحركة الشعبية.