الغضب العارم الذي لف العالم العربي والإسلامي جراء التطاول الغربي على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي هو بشهادة مفكريهم ومؤرخيهم أعظم شخصية عرفتها البشرية على الإطلاق.. وهو الذي استطاع في زمن لا يعدو كونه شيئًا إذا ما قيس بتاريخ قيام الحضارات، استطاع بناء حضارة كاملة الأركان كانت ولا تزال يشع منها الضياء ليغمر بنوره كل ظلام الحضارات الخواء التي ما فتئت تحط من قيمة الإنسان وترديه في هاوية سحيقة من البؤس والضياع على كل المستويات.. هذا الغضب الذي عبَّرت عنه الشعوب الإسلامية وأحالته مسيرات هادرة أنطقت الحجر في كل شارع عربي، ما هو إلا غيض من فيض المشاعر التي اعتملت في صدر كل مسلم غيور وهو يرى مدى الجرأة التي أصبحت عليها الصهيونية والصليبية العالمية، التي أغراها الوهن الذي تمر به الأمة، والاستكانة إلى الذل الذي لازم كل ردود أفعالها تجاه ما يفعل بها، أغراها بأن تستلذ التطاول على مقدساتها ورموزها دون خشية من شيء ودون خوف من رد فعل باطش يريهم منها قوة ترعبهم وتزلزل أركانهم.. ومنذ سيطرة الفكر الصهيوني على الثقافة الغربية وتغلغل حامليه في آليات وأدوات الفعل الثقافي بدأت عملية احتواء كبرى لمضامين العملية الثقافية ورويدًا رويدًا أصبحت هذه الثقافة خادمة لفكر استعلائي، حاقد ومليء بالغضب تجاه البشرية ككل فأدارت له كل حروبه بالوكالة ولم تزل... لقد بدأت الحملات الحاقدة على الرسول المطهر في الكتب الخاوية في عقد الثمانينيات في بعض دول أوربا التي لا يزال سيف (المحرقة) المزعومة مسلطًا على رقابها، ثم استمرت واستمرأتها الصحافة الصفراء والأفلام القذرة من بعد ذلك وأقلام كتابها ومخرجيها ترتجف رغمًا عن كل شيء!! وأصبح الأمر فيما بعد شيئًا شبيهًا بالمخطط، حيث أضحى يتم في توقيت له دلالاته التي تعمل فيما تعمل على إضعاف جسد الأمة وغرس الخناجر السامة فيه. والآن وفي توقيت يتزامن مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر تطلق (مجموعة اعلام من أجل المسيح) فيلمها الذي بدأ تصويره في يونيو من العام الماضي الذي أنتجه وأخرجه يهودي أمريكي بدعم من رؤوس أموال يهودية والذي إن دل على شيء فإنما يدل على مدى الإسفاف الذي وصل إليه العالم الذي يدَّعي احترام الأديان والمعتقدات، والذي يملأ أسماع العالم صباح مساء بضجيج أبواقه عن (حرية الكلمة والفكر).. فهل أصبح استفزاز المسلمين (خاصة) بالإساءة إلى حبيبهم وقرة عيونهم هو غاية الفكر الحر ومنتهى إدراك الكلمة الفكرة؟؟ وكيف يطالب الغرب بالتعايش السلمي معه والحرمات تنتهك والحبيب عليه الصلاة والسلام، الرمز والقدوة لا ينفك يساء إليه من قبل شذاذ الآفاق الذين يختبئون في الأزقة والشوارع الخلفية في أوربا وأمريكا ولا يجرأون على الظهور على الملأ بعد ذاك!! ماذا تتوقع العواصم الأوربية والأمريكية أن يحدث غير ما حدث و(بأسوأ منه ما سيحدث) ومشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تجرح ويساء إليها بالإساءة إلى نبيها ودينها؟؟ إن المسؤولية الأخلاقية عن هذه الأعمال البذيئة والإهانات التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية تتحملها بكاملها الأجهزة الرسمية التي تسمح بمثل هذا العمل وعلى رأسها الحكومات الغربية التي تتدثر بغطاء الحرية الكاذب والذي هو يكشف ويشف عن عورات نواياها التي تضمر الحقد الدفين تجاه كل ما هو إسلامي. وهي من بعد ذلك تعلم يقينًا أنها وحدها القادرة على كبح جماح الكراهية تجاهها من قبل شعوب العالم، التي أضحت تنبت في كل لحظة فدائيًا يحمل روحه على كفيه ولا يبالي على أي جنب كان مصرعه!! وهي تملك أن توقف هذا العبث بإيقاف مثل هذا الإنتاج وتقديم كل من شارك فيه إلى المحاكمة ولو من باب إثارة الكراهية، ذلك إن لم تهتم لمشاعر مليار مسلم ويزيد يتميزون غيظًا وغضبًا؟؟.. إن المبادرات القانونية التي أعلنتها بعض المنظمات الحقوقية الغربية في إطار الاستنكار لما تواجهه المقدسات الإسلامية، والتي تدعو فيها إلى إطلاق مبادرة لميثاق دولي يجرم الإساءة للأديان السماوية والرموز الدينية، لهي مبادرة كريمة ولكن يبقى أن ما يتعرض للإساءة الآن هي المقدسات الإسلامية تحديدًا فحري بهذه المنظمات أن تسمي الأشياء بمسمياتها وأن تطلق مبادرة ميثاق دولي يجرم الإساءة للإسلام والمقدسات الإسلامية.. فليس اليهود أكرم من المسلمين والقانون في غالبية الدول الغربية يجرم بل ويعاقب كل من ينكر المحرقة النازية بحقهم دعك عمن يتعرض لأي شيء آخر من عقيدتهم المحرفة؟!!. إن العداء المستحكم الذي يكنه من يتولى كبر هذه الحملات التي أصبحت ومنذ فترة ليست بالقصيرة تستهدف الرسول صلى الله عليه وسلم في ذاته وأزواجه وآل بيته، هذا العداء ليس بجديد بل هو قديم قدم الجاهلية الأولى، وهو وإن ارتبط بحالة الضعف التي تعانيها الأمة على مستوى الكيانات الرسمية فإنه ومن ناحية أخرى دليل عظيم على أن هناك تجديدًا روحيًا يسري في عروق شعوبها ويضخ فيها دماء هي بلا ريب حاملة التغيير القادم.. فالخوف من المد الإسلامي الذي أصبح يجتاح بنوره العالم هو الذي يحرك تروس كل ما يحدث الآن...