شهدت ال15 عاما الأخيرة سلسلة من حملات التهجم على الأديان والتطاول على المقدسات الإسلامية ،وعلى الرسول الكريم،والقرآن، منذ نشر كتاب آيات الكاتب الهندي سلمان رشدي الشيطانية، ثم الرسوم الكارتونية ، والقس تيري جونز، الذي أراد حرق نسخة من القرآن في باحة كنيسته. هذه الإساءات لا علاقة لها بحرية الإبداع أو الفن أو الرأي أو بأي قيمة محترمة،الأديان ينبغي أن تكون بعيدة عن محاولات زجها في معتركات الصراع السياسي وتصفية الحسابات من قبل أصحاب العقول الصغيرة والأفكار الضالة الذين يحملون حقدا دفينا لا صلة له بالابداع وحرية الرأي. الزميل عبد الباري عطوان قال إنه يقيم في بريطانيا منذ 35 عاما، ولا يجرؤ على كتابة كلمة واحدة، يشكك فيها بالمحرقة أو بعدد قتلاها، أو الإساءة للديانة اليهودية ومعتنقيها، لأن جميع القوانين الاوروبية لا تتسامح في المسألة الاولى، أي المحرقة، وتجرّم كل من يقترب منها نافيا أو مشككا، أما من يتعرض لليهود فتهمة معاداة السامية جاهزة، وتترتب عليها حملات تشويه إعلامي ومقاطعة أكاديمية، ومطاردة في كل ندوة أو مؤتمر. التعرض للإسلام والمسلمين ،والرسول صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص، أمر مباح ولا يشكل أي خرق للقانون، ويتحوّل من يقدم عليه الى بطل تنهال عليه العروض والأوسمة، ويتمتع بحماية كاملة من الشرطة، باعتبار التطاول على الإسلام أهم تجسيد لحرية التعبير. التعلل بحماية المتطاولين على الإسلام والأنبياء والمسلمين بحرية التعبير أكذوبة لا يمكن أن تنطلي على أحد، لأن انجيلا ميركل مستشارة المانيا التي كرمت صاحب الرسم الكاريكاتوري المسييء أوقفت رسماً مماثلاً مسيئاً للمسيح، كما منعت القناة الرابعة البريطانية بث شريط وثائقي مماثل، بل اكثر إساءة تحت دواعٍ أمنية وبعد احتجاجات وتهديدات. التشديد على ضرورة احترام الدين الإسلامي ورموزه، لا يعني تأييد اقتحام السفارات الأميركية وحرقها، فينبغي الالتزام بالاحتجاج السلمي الحضاري والالتزام بكل القوانين التي تحكم العلاقات الدبلوماسية بين الدول والحكومات، وعلى رأسها تأمين الأمن والحماية للسفارات. وثمة من يرون أنه إذا كان الهدف من الفيلم استفزاز المسلمين فقد خدم المتظاهرون منتج الفيلم الاسرائيلي وقدموا له خدمة اضافية بالهجوم على السفارة الأميركية ببنغازي في ذكرى 11/9/2001 ليذكّروا الأميركيين أن هناك من لا يؤمنون الا باستخدام العنف ، وأنه لو لم تُهاجم السفارة الأميركية في القاهرة ولم يُقتل السفير الأميركي في ليبيا بسبب الفيلم لبقي انتشاره محصوراً ضمن مجموعة صغيرة من الاسرائيليين والموتورين الآخرين، وجاء المتظاهرون ليعطوا الفيلم شهرة عالمية وسيراه الملايين قبل أن تنطفئ القصة. ويحاجج أصحاب هذا الرأي بقضية سلمان رشدي والفتوى الايرانية بقتله بعد صدور كتابه «آيات شيطانية»، فبيعت من الكتاب مئات ألوف النسخ، مع أن قراء الكاتب قلة من الناس. لكن تكرار الأعمال الاستفزازية للمسلمين وضعف مواقف الدول الإسلامية دفع الشعوب المسلمة الى التعبير بقوة،وبأساليب غير متفق عليها وبالطبع لا يمكن السيطرة على مشاعر من استفزوا وأسيىء الى دينهم ونبيهم «صلى الله عليه وسلم». بعد تكرار هذه الاساءات للإسلام ينبغي أن يحدث تحرك جماعي للاتفاق على كل ما من شأنه الإساءة للأديان،وعدم السماح بنشر هذه الأعمال التي تدعو إلى الكراهية وتثير العنف والفوضى،وقطع الطريق أمام من يسعون الى الشهرة والصيت والمال حتى يقتنعوا أنهم يسلكون طريقا خطيرا يكلفهم ثمنا باهظا ولا يربحون من ورائه الا الخسران والذل،ويجب أن يكون التحذير أكثر وضوحا الى اسرائيل وحلفائها الأميركان فلم يعد الصمت مجدياً والنصح مفيداً.