دائماً ما يدور دولاب الزمن وتمرُّ الأيام ويتمرحل معها الناس من درجة وظيفية لأخرى حتى يجد الشخص نفسه على أعتاب المعاش وتصبح متعتهم قهوة الصباح والاطلاع على أمور البلاد، هكذا حال أغلب من أحيلوا إلى المعاش تجدهم يجلسون أمام المنازل تحت ظلال الأشجار، يسردون ماضي الذكريات ويدور معظم حديثهم عن فلسفة الحياة وحكمة القدر، ومواقف مرت بهم في العمل وكيف تفانوا في إنجاز الكثير من الأعمال ويتبادلون حكايات عناء الوظيفة التي كانوا يشغلونها والمواقف التي مرت بهم سواء كانت جميلة أو حزينة ومع من زاملوهم في عملهم وعن مأمورياتهم، يجلسون كل صباح في كرسي يأتون به من منازلهم وتعقبه قهوة الصباح والراديو حيث يجلسون على كرسي المعاش في ظل شجرة أو أمام إحدى مساطب الدكاكين القريبة من منازلهم وقد يكون معظم«أرباب المعاشات» أولاد دفعة واحدة تدور الشاي والقهوة وعلى أيديهم جرائد الصباح ويجدون متسعاً من الوقت للقيام بجميع عاداتهم الصباحية التي حرمهم منها العمل طوال السنوات السابقة ويلقي المارة عليهم السلام وتتعالى أصواتهم بالر، ولكن هناك من يرفض الإحالة للمعاش ويصرُّ على العمل رغم المعاناة.. هكذا حال أغلب من أحيلوا للمعاش بعد أن ملوا وضجروا من روتين الحياة اليومي بالجلوس في المنازل «تقاسيم» التقت بعضهم وخرجت بالحصيلة التالية: يقول العم الزين، الذي كان يعمل موظفا في إحدى المؤسسات الحكومية إنه اعتاد على الذهاب في الصباح إلى السوق لاستجلاب مستلزمات الأسرة اليومية ومعها جرائد الصباح التي يطلع عليها ويناقش ما تحمل من أخبار ومواضيع مع أسرته وأصدقائه، وأضاف أن جلوسه في الصباح على كرسيه في الشارع ومعاودة الجلوس في المساء ما هو إلا تمضية لأوقات الفراغ التي أصبح يعيشها بعد نزوله للمعاش، يتجاذب أطراف الحديث مع المارة من سكان الحي وهم في طريقهم إلى أعمالهم، ويضيف إن تقاعده للمعاش مكنه من زيارة أهله وأقاربه في المناسبات برغم الانقطاع في الماضي بسبب ظروف العمل والمشغوليات الكثيرة في السابق. العم عثمان يقول بعد جلوس أحدنا وتقاعده للمعاش يبحث عما يخرج به من حالة الضجر والملل التي يجدها من جلوسه في المنزل فيخرج إلى الجلوس في الشارع كنوع من التغير أجد فيه عدداً من الأشخاص حالهم مثلي تقاعدوا للمعاش فنجلس ونحكي لبعضنا القصص عن العمل ونتناقش كذلك في كل ما يدور في البلاد من الأحداث سواءً كانت سياسية أو رياضية أو غيرها ونطمئن في الأول على صحة بعضنا وأهله وهذه كلها أشياء تجعلك تشعر بارتياح وتمضيه للزمن وملء لأوقات الفراغ. عم عبدالوهاب معاشي يرفض جلسة الدكان والشارع ويصرُّ على العمل بوظيفة مؤقتة في شركة خاصة لأنه لا يستطيع أن يقبع في المنزل خصوصاً وأن صحته تساعده في ذلك لذا فهو شخص منتج. زهور موجهة تربوية بعد المعاش استثمرت مع أبنائها مشروع روضة تفكِّر في تحويله لمدرسة خاصة فالمعايش أصبحت جبّارة ولا تستحمل جلوساً في البيت.