{ سنواصل رسالتنا في احتواء الأزمة الأخيرة التي ضربت الرياضة في مقتل بسبب التعصب الأعمى والحساسية المفرطة اللذين حلا بدلاً عن الحب والتشجيع والاستمتاع بالمنافسة، وأحياناً الاستمتاع بحب الأندية الذي لم يكن يتجاوز الخطوط الحمراء كما تجاوزها مؤخراً وانقلب إلى كراهية وحقد وغل وتحطيم واعتداء وشتم وأضرار بالغة. { نحاول هنا أن نستذكر بعضاً من جماليات ذلك الزمن الجميل زمن الاستمتاع بالتشجيع والتعبير عن التنافس الراقي واحترام جماهير هذا النادي لجماهير النادي المنافس الآخر.. وكلنا تابعنا أعلام الهلال ترفرف في مطار الخرطوم استقبالاً للمريخ وهو عائد بالبطولات الخارجية.. وهو نفس المنظر الذي تتابعونه عبر الشاشات حين يلعب أحد الفريقين أو غيرهما خارج الحدود وتجد أبناء السودان المغتربين يحملون أعلام السودان والهلال والمريخ وغيرها من الأعلام في مشهد رائع قد يخجل منه منظر تلك الفئة التي تعتدي على مقاعد الإستادين. { حين تعرّضت بعثة المريخ لذلك الحدث المأساوي في حادث بص أم مغد الذي راح ضحيته نفر كريم من أبناء المريخ وحلت بقية البعثة في المستشفى كان رئيس الهلال الرجل الشامخ المرحوم الطيب عبد الله يرابط أمام المستشفى داخل سيارته البيضاء وعيناه تدمعان ولم يغادر إلا بعد أن اطمأن على بقية أفراد البعثة.. ومن المريخ كان رئيسه الأسبق اللواء ماهل أبو جنة وهو يقدم النصائح لمهاجم الهلال الراحل ويعيده إلى بيته الهلال وعاد الطائر إلى عشه وأبدع. { في الثمانينيات حين بدأت الحساسية والتعصُّب تطلُّ برأسها ولم يكن السبب الصحف الرياضية، كما هو الحال الآن، إنما أجمع العلماء والحكماء بأن السبب هو ندرة لقاءات الفريقين الكبيرين اللذين لا يلتقيان في الموسم كله إلا ثلاث مرات، مرتين في الدوري ومرة في الكأس وكان قرارهما بإقامة مباراة شهرية يستضيفها بالتناوب أحد الناديين بكل مظاهر الضيافة السودانية وأسهمت هذه في تعدد اللقاءات وانتعاش خزينة الناديين من حر مال جماهيرهما وليس من جيوب الأفراد وانتهت أزمة الحساسية والتعصب ولكن إلى حين إذ انقض على التجربة الرائعة صقور التعصب وحدث ما حدث. { شارك الفريقان معاً في دورة أبها بالسعودية وفي وداع البعثتين تم الإعلان من جانب الأهلة أن رئيس بعثة المريخ رئيس الرؤساء هو رئيس البعثتين والمتحدث والمكلف بأمر الفريقين.. ونذكر هنا الإداري الهلالي الكبير المهندس عبد الله السماني أحد أشهر المحافظين على حقوق الأهلة.. وقد ذكر ابنه لي مرة أن السماني كان يجهش بالبكاء في لندن عقب سماعه فوز المريخ ببطولة خارجية.. ومرة اشتبك مع أحد لاعبي الهلال ورفع في وجهه العصا حين رفض ارتداء شعار المريخ في مباراة استعراضية كان كل فريق يلبس زي وشعار الفريق الآخر. { ذكرت هذه النماذج ليعلم طيور الظلام وصقور الاعتداء على المقاعد كيف كان الحال في ذلك الزمن الجميل وكيف هو الآن في هذا الزمن الأغبر ولدينا المزيد من النماذج وسنواصل.