تشكل تحويلات المغتربين جزءًا من اقتصاديات الدولة ولكن بعد ظهور السوق الموازي قلت بصورة ملحوظة، ويعد السودان الدولة الوحيدة في العالم التي تشهد تدنياً في معدل التحويلات بدرجة عالية وفقاً للتقارير الحديثة، ولكن من المتوقع أن تعاود ارتفاعها خلال العام المقبل نسبة لزيادة أعداد المهاجرين الذين بلغ عددهم خلال هذا العام الحالي حوالى (67) ألفاً بمهن مختلفة. وكشف الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج، د. كرَّار التهامي، أن إسهام تحويلات المغتربين السودانيين من العملات الحرة قد تجاوز (3) ترليونات دولار، وقال في تصريحات صحفية سابقة له (إن تحويلات المغتربين تشكل ثاني أكبر موفِّر للعملة الحرة للبلاد بعد البترول).. وأضاف قائلاً: (كلما كانت التسهيلات من الحكومات للمغتربين، فإن العائد سيكون أكبر؛ لتزايد نسبة الدخل)، مشيراً إلى أن تبسيط إجراءات الرسوم يزيد نسبة التحويلات للبلد، وارتفاع عائدات المغتربين.. ونوَّه إلى ضرورة دعم المغترب في ما يتعلَّق بالإعفاءات، باعتبار أن دخل المغترب يسهم بشكل أكبر ممّا يمكن أن تقدمه صناديق الدعم الأخرى.. وكشف أن تحويلات المهاجرين العرب بلغت من (19751994) أكثر من (146) مليار دولار.. موضحًا أهمية ربط الاقتصاد المباشر بالاقتصاد المهاجر للاستفادة من النقد الأجنبي وتقديم حوافز تشجيعية للمغتربين بطريقة مدروسة.. ولكن تلك التحويلات شهدت تراجعًا ملحوظًا إلى النصف عن الأعوام السابقة، مما يؤكد أن الوضع الاقتصادي يمضي إلى الأسوأ، خاصة أنها تعتبر أحد الحلول المطروحة لسد الفجوة التي خلفها خروج البترول إثر انفصال الجنوب، على الرغم من وجود كم هائل من هذه التحويلات إلا أنه يأتي عبر قنوات غير رسمية حيث ساهم في تدهور الوضع وأرجعت الجهات الرسمية هذا التدهور إلى عدم استقرار سعر الصرف وضعف الثقة في الاستثمار بالداخل، وأبان كرار أن تحويلات المغتربين وصلت نسبة مساهمتها في الناتج القومي إلى (30%)، واعتبر الإجراءات الأخيرة وظهور السوق الموازي خطراً يهدد تحويلات المغتربين، وعزا تراجع تحويلات المغتربين لضعف التشريعات، حيث بلغت التحويلات في السودان خلال عام (2009م) (3 مليارات و100 مليون دولار)، إلا أنها تراجعت في الآونة الأخيرة، في وقت بلغت فيه تحويلات السودانيين إلى بعض دول الجوار أكثر من أربعة مليارات دولار خلال عام واحد، كما بلغت التحويلات التي تصل إلى أمريكا سنويًا حوالى (37) مليار دولار، وإلى مصر حوالى (14) مليار دولار خاصة بعد أن اجتهدت جمهورية مصر في عمل (صكوك للمغتربين)، داعياً الدولة إلى ربط التحويلات طواعية بالاقتصاد الداخلي. وأكد الخبير الاقتصادي الوزير السابق لوزارة المالية عز الدين إبراهيم أن الهجرة ظاهرة قديمة وكثيرة خاصة في السبعينيات بظهور الطفرة البترولية في دول الخليج وكانت تحويلاتهم في السابق بمبالغ كبيرة، وأشار إلى آخر تقرير للبنك الدولي قدرها بحوالى (3) مليارات دولار وهذا يجعل المغتربين أكبر مصدر للعملة الأجنبية في السودان وهم في الوقت الحالي أهم من البترول والذهب، وأكد أن الصادر الرئيسي للبلاد ليس البترول ولا الذهب بل هو القوى العاملة المؤهلة، موضحًا أثرها في اقتصاد البلاد، قائلاً إنها تؤثر في ميزان المدفوعات الذي يمثل لنا سجلاً لعلاقاتنا مع العالم الخارجي، لافتًا إلى أن تحويلات المغتربين لا تدخل خزينة الدولة؛ لأنها تحول بالعملات الأجنبية، ويؤخذ مقابلها بالجنيه السوداني، وبيَّن أنه توثر في الاقتصاد بتوفير العملات الأجنبية للاستيراد من الخارج، لافتًا إلى أهمية وجود العملات الصعبة التي تدخل في الاستهلاك والإنتاج والاستيراد.