في أحد خطاباته قال الرئيس البشير إن المغتربين كانوا يمثلون أكبر داعم للحكومة في منتصف التسعينيات في لحظات اشتداد الحصار عليها وفعلت الحكومة خيراً عندما أزاحت الضرائب عن كاهل قطاعات كبيرة من المغتربين كرد جميل منها تجاه ما قدموه ولكن الحكومة لم تقدم أي إغراءات للمغتربين لجلب مدخراتهم واستثماراتهم وتحويلاتهم بل ضيقت الخناق عليهم وكأنها اكتفت منهم وقد يكون السبب في ذلك عائداً إلى جريان أموال البترول في يدها فتركت السلال الأخرى فارغة من غير بيض وعندما تحطم بيضها في سلة البترول بدأت تبحث عن أدوات وسياسات تعيد بها أموال المغتربين في ظل الارتفاع الجنوني للدولار والإغراءات الكبيرة التي يقدمها تجار السوق الأسود للمغتربين والحكومة بمقدورها أن تهزم هؤلاء التجار بقليل من التفكير في الاتجاه الإيجابي وتحفيز المغتربين لكي تصب مليارات الدولارات في خزينة الدولة بدلاً من أن تحوَّل من هنا مباشرة إلى الصين أو دبي وتذهب تجارة إلى السودان بأسعار تكوي أهلنا البسطاء هناك وتهزم برامج الحكومة وحكاويها عن ثلاثيات ورباعيات الاقتصاد التي نسمع جعجعتها منذ أكثر من عشرين عامًا ولم نرَ طحينها. ويبدو أن الحكومة لا تستوعب دروس الماضي جيداً في كثير من تفاصيل مسيرتها ولا تريد أن تضحي بشيء من سياسات تمكن لآخرين دونها حتى وإن كان على حساب الوطن. وعندما يشهد شاهد من أهل الحكومة على ما نقول نصمت نحن وقد كشف الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج، د. كرَّار التهامي، أن إسهام تحويلات المغتربين السودانيين من العملات الحرة قد تجاوز (3) ترليونات دولار، وقال إن «تحويلات المغتربين تشكل ثاني أكبر موفِّر للعملة الحرة للبلاد بعد البترول وزاد بالقول «كلما كانت التسهيلات من الحكومات للمغتربين، فإن العائد سيكون أكبر؛ لتزايد نسبة الدخل»، مشيراً إلى أن تبسيط إجراءات الرسوم يزيد نسبة التحويلات للبلد، وارتفاع عائدات المغتربين. هذا الحديث صرَّح به الدكتور كرار التهامي في عام «2010م» أي قبل سنتين ولكن خلال هذه «السنتين» تضاعف عدد المغتربين فيما تراجعت عائدات البترول الذي أصبح لا يمثل الرقم الأول في ميزانية الدولة وهذا يعني أن تحويلات المغتربين الآن تمثل الرقم الصعب في ميزانية الدولة «فلماذا لا يكافأ هؤلاء المغتربين بمزيد من القرارات التي تصب في صالحهم».