يبدو ان مايدور بجنوب السودان بعد انفصاله يوليو الماضي وعدم استقرار اوضاعه والتي تدل عليها العديد من المؤشرات ذات الطابع السياسي والاجتماعي والتي ترتكز على الوضع الاقتصادي خاصة وان الحرب التي استمرت زهاء ربع قرن قد تركت بنية تحتية متهالكة تحتاج الى تأسيس من جديد اضافة الى التصدعات التي اصابت كيان الحركة الشعبية هي ماجعلتها تعلن عن قبوله دفع رسوم عبور ستخدام المنشآت النفطية للشمال عندما يحدد الاتحاد الافريقي بعد فشل المحادثات مع الخرطوم والتي يرى د. عادل عبد العزيز «الخبير الاقتصادي» ان فشل هذه المفاوضات في الوصول الى تسعيرة مقبولة من الطرفين ادت لتدخل العديد من الوسطاء لتقريب وجهات النظر وكان من بينهم دولة النرويج والنمسا وجنوب افريقيا واخيراً الاتحاد الافريقي، ومن الواضح من التصريحات الاخيرة للمسؤولين في الجنوب انهم يعولون على وساطة الاتحاد الافريقي في كل الاحوال، وبرأيي الشخصي ان الاتفاق على تسعيرة معقولة هو مفيد لاقتصاد كلتا الدولتين وليس من المحبذ تطاول الوقت في الوصول لمثل هذا الاتفاق ومن الضار جداً توقف انسياب صادر البترول الجنوبي بسبب الاختلاف حول التسعيرة والضرر سيصيب الاقتصاد في كلتا الدولتين. ويأتي ذلك بعد اتهام الحركة الشعبية الخرطوم بالمساومة لرفع سقف التفاوض في شأن مصاريف نقل نفط الإقليم لتعويض خسارة عائدات النفط التي سيفقدها الشمال بعد الانفصال، بعد تهديد الرئيس عمر البشير بإغلاق أنابيب النقل خاصة وان بترول دولة جنوب السودان يمر عبر موانئ التصدير باراضيه ولا توجد اي طريقة اخرى لتصدير هذا البترول للخارج الا عبر السودان في الوقت الحالي، حيث ان التخطيط لخط انابيب بديل يمر عبر كينيا الى شواطئ المحيط الهندي وتكاليف بنائه تقدّر بثلاثة أضعاف تكلفة تصديره عبر الأراضي السودانية؛ ذلك لارتفاع الأراضي الكينية عن سطح البحر وانخفاض درجة الحرارة مما يستدعي عشرة أضعاف المضخات واستخدام تقنيات مكلّفة للغاية لمنع النفط من التجمد داخل الأنابيب بسبب البرودة في المناطق المرتفعة اذاً فالخاسر هوالجنوب. رفض الحركة الشعبية حينذاك جعل العديد من المراقبين يرون ان اصرارها على ذلك يدل على شيئين ؛ أولهما الانقياد الأعمى للجنوبيين لنصائح الغرب وإسرائيل اللذين يهدفان من وراء ذلك إلى الإضرار بالسودان والفوز بالعقود التجارية للشركات التي ستبني خط الإنابيب.. ثانيهما هو الحقد الدفين للجنوبيين تجاه السودان وتمني السوء له رغم منحهم الاستقلال والتنازل عن كل ما تم إنجازه في صناعة البترول والتي استلموها جاهزة، مع العلم أن السودان طالب بال 35دولارًا حينما كان البترول تتراوح أسعاره بين ال80 و ال90 دولارًا واليوم البترول تخطت أسعاره المائة وفي ازدياد مما يفقد قيمة الرسوم المقترحة تدريجياً وعليه يجب على الدولة فرض الرسوم كنسبة وليس مبلغاً محددًا لترتفع مع ارتفاع أسعار النفط.. تراجع الجنوب وقبوله الاتفاق على تصدير بتروله عبر الشمال جعل د.عبدو مختار «المحلل الاقتصادي» يقول إن هذه الخطوة تشير الى ان حكومة الجنوب قد انتبهت للواقع الاقتصادي في الجنوب بعد الانفصال وادراك تهالك بنيتها التحتية التي تحتاج إلى وقت طويل حتى تستطيع ان تقف في مصاف الدول النامية، وقال ان هذه الخطوة كانت متوقعة وربطها قبول التصدير عبر الشمال بالاتحاد الافريقي يدل على حرصها على حفظ حقوق الطرفين وان الجنوب لن يستطيع الاستغناء عن الشمال مما يدعوه لتجنب الخلافات. اذن هل قبول حكومة الجنوب بتصدير بترولها باستخدام المنشآت النفطية الشمالية مؤشر لسعيها لتطبيع علاقات جديدة مع الخرطوم في ظل التوترات التي تسود المناطق المتاخمة لدولة الجنوب ولدحض ما اثبتته الأحداث المتفجرة حالياً في الدمازين .. ام انها ضغوط خارجية لحل الازمة لها ما وراءها من قبل المجتمع الدولي..