التعليم في معظم الدول المتقدمة أصبح عبارة عن صناعة ونجحت هذه الصناعة بعد الاستفادة الكبيرة من نتائج الورش والسمنارات التي تعقدها تلك الدول لتبرز أهم المحاور في الهدف من هذه الصناعة غير أن الفارق بين تلك الدول وسياسات التعليم في السودان يبقى دومًا هو أن ما تخرج به الورش والسمنارات والمؤتمرات في السودان يظل حبيس الأدراج وتشترك عدة أسباب في ذلك ولكن يبقى أهمها ضعف التمويل للبرامج وعشوائية السياسات العليا التي تُتخذ دون دراسات إضافة إلى إسناد أمر هذا القطاع إلى غير المختصين فيه وغيرها، ولكن ما يحمد لأمر التعليم في السودان تكاتف الجهد الشعبي مع الرسمي يبرز ذلك في الأموال المقدرة التي يتبرع بها أهل الخير وأصحاب الأموال دعمًا لخدمات التعليم بينما تظل قضايا عديدة تحتاج إلى مراجعة دقيقة في مكونات العملية التعليمية. ويرى مراقبون أن للإدارة دورًا كبيرًا في حسم العديد من القضايا إذا وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا ما حدث بمدرسة الفاتح الثانوية حيث استطاعت الإدارة الجديدة للمدرسة بالتعاون مع وزاره التربية وراعي برامج التعليم والاستثمار بالشمالية الدكتور مصطفى إساعيل تدارك الأمور سريعًا ومعالجة الشرخ الذي أحدثه الطلاب عندما خرجوا عن طورهم واعتدوا على معلميهم، ويرى الأستاذ حافظ عبد الجليل مدير مدرسة الفاتح الثانوية بالشمالية أن من مقومات الإدارة الناجحة توزيع الأدوار والتنسيق بين الأفراد مشيرًا إلى أنه تم استكمال عدد من الخدمات بالمدرسة أهمها استكمال شبكة الكهرباء والمياه وزيادة الصرف الصحي إضافة إلى تحسين البيئة المدرسية وتفعيل المناشط المدرسية وتفعيل الجانب الأكاديمي وزيادة سكن استراحة المعلمين مؤكدًا استقرار العملية التعليمية بالمدرسة، وضمن البرنامج الذي نظمه الاتحاد العام للطلاب السودانيين بمدرسة الفاتح الثانوية خلال الأيام الماضية تشير وزيرة التربية بالولاية هويدا إبراهيم أنهم في الوزارة لا يريدون أن ينجرف الطلاب خلف الإعلام السالب والغزو الثقافي الفكري عبر الفضائيات مبدية ارتياحها بما شهدته المدرسة من إبراز لإبداعات الطلاب بين مدرستي الفاتح الثانوية والعفاف الثانوية بنات وغيرهما من المدارس، بينما يرى معتمد القولد أمير فتحي أن الطلاب يعتبرون أمل الأمة وحَمَلَة لواء المستقبل، وأضاف: «إذا تحركت مسيرة الطلاب اهتز عرش الساسة»، واستعرض إنجازات الطلاب عبر الحقب في العديد من المواقع.. وإن كان الجانب التربوي بالمدارس عامة لا ينفصل البتة عن التحصيل الأكاديمي فإن أكثر ما يزعج قيادات التعليم بالسودان عامة ما تشهده نتائج شهادتي الأساس والثانوي من تدني مستوى التحصيل في مادتي الرياضيات والإنجليزي وبذلك تتقافز مجموعة من الأسئلة من شاكلة هل للمنهج دور في ذلك؟ أم ضعف عملية التدريب؟ أم أخطاء وسائل التدريس؟ ويرى الأستاذ/ لطفي سعيد مدير عام وزاره التربية أن المشكلة تكمن في التدريب موضحًا أن أهم الحلول لعلاج هذه المعضلة يتمثل في تدريب معلم المادة على طرق التدريس وتكثيف الورش التدريبية وتوفير الكتاب المدرسي وتكثيف الاختبارات والامتحانات التجريبية مشيرًا إلى أن الوزارة حاليًا وفرت الكتاب المدرسي بصورة كبيرة كما تم تدريب حوالى «200» معلم ومعلمة في إطار تدريب معلم اللغة العربية وترى الأستاذة وردة حسن عباس مديرة مدرسة العفاف الثانوية أنها كمديرة لاحظت أن الاستمارات التي تأتي للثانوي من الأساس وتحوي نتائج الطلاب تجد الرسوب في مواد «الإنجليزي والرياضيات واللغة العربية» لذلك تأتي أهمية التدريب لمرحلة الأساس موضحًا أنهم في المرحلة الثانوية يبدأون في معالجة ذلك واصفةً ذلك بالأمر الصعب، وأوضحت أن معالجة ذلك تتم بتدريب المعلم وكثرة العمل التحريري وزيادة التدريبات في كل مادة بينما يرى الأستاذ محمد عثمان أستاذ مادة الإنجليزي بالمدارس الثانوية أن المنهج الحالي لا غبار عليه بينما يكمن الخلل في عدم تدريب المعلم إضافة إلى عدم وجود وسائل مساعدة في تدريس مادة اللغة الإنجليزية مثل الوسائل «المسموعة والمرئية أو المصورة» ويضيف عثمان أن من أهم الحلول لمعالجة مشكلة تدني التحصيل في اللغة الإنجليزية هو استخدام أشرطة الكاسيت لتعليم الطلاب النطق الصحيح وتدريب المعلم واستخدام الوسائل وإضافة كمية مقدرة من التدريبات بالمنهج وتنقيحه بينما ترى الأستاذة حياة حسن أستاذة مادة الإنجليزي بالمدارس الثانوية بالشمالية أن تدني مستوى التلاميذ في هذه المادة ناتج بسبب تدنٍ تراكمي لذلك يصعب العلاج في الثانوي مشيرة إلى تطور مستوى النجاح في الإنجليزي، وتشير إلى أن مكمن المشكلة يرجع لعدم تدريب المعلم بصورة عامة موضحةً أن الاعتماد على خريجي التربية في عملية التدريس من شانه أن يرفع من عملية التحصيل في المادة، بينما ترى الأستاذة وجدان حسنين أستاذة مادة الرياضيات بالمدارس الثانوية أن أهم مشكلة تواجه الطالب في مادة الرياضيات هي البداية غير الصحيحة.. وأضافت: «أن تدني مستوى الرياضيات ناتج عن أن الطالب إذا لم يكن من الأساس جيدًا فعندما يأتي إلى الثانوي لا يكون مستعدًا نفسيًا ولا يتقبل أي زيادة في هذه المادة» موضحةً أهمية العامل النفسي لأن الطالب يرى أن مادتي الإنجليزي والرياضيات يصعب فهمهما وتشير إلى أن من الحلول توزيع الطلاب في مجموعات لحل التمرينات إضافة إلى الإكثار من العمل التحريري ومتابعة الطلاب وكذلك أهمية الرجوع بالطالب إلى الدروس السابقة لأن مادة الرياضيات مرتبطة ببعضها.