قالت صحيفة الاكينومست البريطانية في عددها الصادر أمس في مقال بعنوان «اتفاقية الحد الأدنى» إن رئيسي السودان وجنوب السودان قد وقَّعا اتفاقًا يتم بموجبه تدفق النفط بين البلدين مرة أخرى ولكنه فشل في حل النزاعات الحدودية التي دفعت البلدين في وقت سابق إلى مربع الحرب الأهلية الأمر الذي دفع المراقبين إلى تسميته باتفاق «الحد الأدنى» الذي سعى من خلاله رئيسا الدولتين إلى تخفيف الضغط الدولي على حكومتيهما اللتين تواجهان ضغوطًا داخلية وأخرى خارجية عظيمة أكثر من الوصول إلى تسويات فاعلة للقضايا العالقة بين الدولتين عقب الانفصال، وعلى المدى القصير فإن الاتفاق يُزيل احتمال اندلاع حرب شاملة بعد أن تم الاتفاق على قيام منطقة عازلة منزوعة السلاح من قِبل الجانبين كما أنه سيؤدي إلى استئناف التجارة ووضع حد للتضخم الجنوني الذي عصف بالبلدين عقب قرار جوبا إغلاق أنبوب النفط إثر الاقتتال بين الحدود آنذاك، وبالرغم من قمة اليوم الواحد والتي امتدت إلى أربعة أيام لم يتوصل رئيسا الدولتين إلى رسم حدود نهائية بين دولتيهما بعد أن لم يتوافقا على وضع نهائي لمنطقة أبيي المتنازع عليها والتي تستولي على نصيب الأسد في الخلافات الحدودية كونها منطقة غنية بالموارد الطبيعية سيما النفط والمراعي بعد أن رفض السودان التسوية التي اقترحها الاتحاد الإفريقي غير أن دبلوماسيين أفارقة وغربيين يرون أن الاتفاق خطوة في الطريق الشائك بين الجارتين رغم النواقص التي صاحبته، وستظهر آثاره الإيجابية على أرض الواقع سريعًا خاصة في ظل ظروف الارتفاع الجنوني للأسعار في الدولتين ولسان حالهم يقول إن نصف اتفاق يفتح آفاقًا أطول للسلام ويمكِّن الشعبين من الاستفادة من النفط خيرٌ من لا اتفاق، إذ أنه وبغياب النفط كان من السهل على رئيسي الدولتين اللجوء للاحتراب لحسم المظالم التي طال أمدها طالما أن ليس للجانبين ما يخسرانه، غير أن وجود النفط أضعف حجة الاحتراب، ويقول التقرير إن الاتفاقية لن تبدأ مرحلة من العلاقات السلسة بين البلدين اللذين دامت بينهما المحادثات إلى عشرة أعوام تمخَّضت عنها اتفاقية السلام الشامل حيث عادة ما كانت تتبع تلك المحادثات سلسلة من الصراعات الداخلية ومن ثم الاحتراب والعودة إلى المحادثات من جديد خاصةً أن كلا الرئيسين لا يستطيع تقديم المزيد من التسويات الصعبة خوفًا من إضعاف جبهتهما الداخلية، حيث يوجد بكلتا الدولتين رافضون يرون في اتفاقية السلام الشامل خروقات ونواقص أضرت بأمنهما العسكري والاقتصادي خاصة بعد ظهور أدلة هذا الأسبوع تؤكد تورط دولة الجنوب في تزويد المتمردين بالسلاح فضلاً عن اتهام جوبا للخرطوم بدعم الحركات المسلحة ضدها، وعليه فإن الاتفاق قد نجح في تهدئة المخاوف الدولية وتأطير الخطوط العريضة في اتفاقية النفط التي بدأت ملامحها في الظهور منذ عدة أشهر ولكنة فشل في ترسيم الحدود الذي أثبت أنه ملف أكثر صعوبة من أن تنجزه قمة رئاسية واحدة.