(يبدو أن الأيادي الأمريكية انتقلت شرقا) هكذا تساءل العديد من المراقبين في أعقاب الكشف قبل أيام قليلة عن تحركات واتصالات يجريها الأمريكي الجنسية «هيلد جونسون» بإشراف من المعهد الجمهوري الأمريكي مع رموز قبلية من الشرق بهدف تكوين جسم «الجبهة الثورية الديمقراطية لتحرير شرق السودان» ، وتشكيل مخطط انفصالي لأول مرة يطرح بصورة منظمة . ولأن المعلومات الواردة عن المخطط تقول إن وراءه رئيس مجلس إدارة المعهد «جون ماكين» وهو المرشح الجمهوري الشهير في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2008 في مواجهة «باراك أوباما»، يضاف إلى ذلك أن من بين أعضاء المعهد «كونستانس بيري نيومان» مديرة البرامج المساعد لشؤون أفريقيا في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية. وتباين موقف الحكومة حول تلك الاتصالات، فقد وجدت فى البدء عدم اهتمام يذكر، فقد استبعد نجاح هذا المخطط وذلك بحسب تصريحات نائب أمين الإعلام بالمؤتمر الوطنى ياسر يوسف الذى استهان بهذ المخططات مؤكداً أنها لم تتوقف أصلاً ولم يتوقف الحديث عنها، وأن مصيرها سيكون الفشل بفضل قوة وتماسك الجبهة الداخلية والتماسك القومي، مؤكداً أن الجبهة الداخلية أقوى من أن تستجيب لهذه المخططات التى ستهزم كسابقاتها. لكن بالأمس أبدت الحكومة تخوفها الحذر من هذه التحركات والاتصالات، متهمة لوبيات صهيونية داخل الكونغرس الأمريكى تعمل على فتح جبهة جديدة فى شرق السودان، وذلك فى تصريحات للزميلة(آخر لحظة) لقطبي المهدى، الذى اعتبر أن أمريكا تسعى من خلال استضافتها لمجموعات رافضة لجبهة الشرق وتحريضها لإحداث مشكلات وتوترات، معتبراً هذه الخطوة بمثابة تهديد وضغط على الحكومة إلا أنه قلل من هذه التحركات. وقال إن الحكومة أوفت بالتزامها كاملاً تجاه الاتفاق، وإن أهل الشرق متمسكون به. ويتفق مع قطبي عمدة قبيلة البجا أدروب على أحمد خلال حديثه ل«الإنتباهة» أن مسألة انفصال الشرق والمطالبة به ليست واردة مطلقاً من قبل أهل الشرق مستشهداً بالمكونات الاجتماعية بشرق السودان والنسيج الاجتماعى التى تميز به الإقليم باعتبار أنه الذى أسهم فى تأسيس وبناء الدولة فى كل فتراتها، فأهل الشرق قد رفضوا مسألة الانفصال، والحديث لأدروب الذى قال إنه مع استقلال السودان كانت هنالك عروض بريطانية لأهل الشرق حتى يكونوا تحت الوصاية البريطانية، لكنهم رفضوا مبدأ الانفصال، واختاروا طوعاً أن يظلوا تابعين لدولة السودان. مطالب أهل الشرق لم تخرج من تلك المطالب التى حددت فى مؤتمر البجا الأخير الذي هدد بالخروج من الحكومة إذا لم تستجب لبعض مطالبه، والحديث لأدروب الذى يؤكد أن مطالب أهل الشرق وأغلب أبناء البجا لم تتجاوز أموراً أخرى بعيدة عن قضايا التنمية وكل النواحى الخدمية والمعيشية والاقتصادية والصحية. ويعتبر شرق السودان منطقة جغرافية تميزت بوضعية خاصة جعلتها مؤخراً تبرز إلى الساحة السياسية باعتبارها من أكثر البوابات أهمية بالنسبة للسودان ولدول كثيرة ذات علاقة بالمنطقة. وقد أنهت الحكومة أزمة فى الشرق وتم توقيع اتفاقية بين البجا بحضور وساطة أريترية بتوقيع اتفاق الشرق في الرابع عشر من أكتوبر 2006 بمدينة أسمرا بحضور الرئيس البشير ونظيره الأريتري أسياس أفورقي عقب تحالف جبهة الشرق وعدد من القوى السياسية والاجتماعية، وبعد مرور ستة أعوام على الاتفاقية برزت بعض فصائل مؤتمر البجا ترى أن اتفاقية الشرق لم تحقق شيئاً، ولن تحدث أي تغيير على مستوى المواطن، لكن السؤال الذى يبرز هل تلك الفصائل هى نفسها التى يقوم الأمريكي هيلد جونسون بالاتصالات معها لتكوين جبهة ثورية لتحرير شرق السودان؟وبالرجوع إلى حديث قطبي يظهر أنها هى نفس المجموعات الرافضة لاتفاقية أسمرا وأنها تم استضافتها من قبل مجموعات أمريكية رافضة الاستقرار الذى تحقق فى الشرق، والحديث لقطبي لكن بالمقابل يذهب عمدة البجا أدروب إلى أن هنالك ظروفاً اضطرت بعض الرموز القبيلة لقبول مثل هذه الاتصالات، لكنه ينفى أن تشكل هذه أثراً على الساحة، فحتى من كان يحمل السلاح فى السابق لم تكن لديه أية نية حول فصل الشرق، وأنها لم ولن تكون ضمن أجندة أهل الشرق. ويبقى السؤال هل بالفعل تسعى أمريكا لفتح جبهة جديدة فى الشرق لتخلق ضغطاً على الحكومة؟ أم تسعى بالفعل لتنفيذ مخطط هيلد جونسون؟