٭ الكل يتآمر على السودان.. مؤامرات يظن المعارضون أنها ستقضي على نظام الحكم، ليخلو لهم، ومؤامرة يقودها النظام الحاكم يظن أيضاً أنها ستبقيه على سدة الحكم!.. لكن المؤامرة الكبرى يقودها الغرب الذي لا يرغب في كل من نظام الحكم والمعارضة سواءً بسواء، فهؤلاء لن يحققوا له ما يريد، فالغرب لا يرغب في البشير وبذات الدرجة التي لا يرغب فيها بالصادق أو الميرغني أو الترابي فهؤلاء جميعًا مسلمون عرب، والغرب يريد القضاء على العنصر العربي وغير العربي المسلم. ولو أن جميع الذين ذكرت فهموا جملة قيلت وهي في غاية الخطورة ولكن أياً من هؤلاء لم يعرها اهتماماً رغم خطورتها، إنها جملة «آن للسودان أن يحكم بغير مسلم وغير عربي». وهذا مخطط الغرب ننفذه بأيدينا وبدون مقابل.. كيف يمكن للسودان أن يحكم بغير عربي وغير مسلم؟!. الجاهل الأمي سيجيب عن هذا السؤال بعد أن يتم القضاء على كل عربي وكل مسلم، ولهم «أي الغرب» تجارب ناجحة في الأندلس وحتى في تنزانيا في ستينيات القرن الماضي!.. جون قرنق حارب نظام نميري وحارب حكومة أبريل وحارب حكومة الصادق وحارب النظام الحالي أي أنه حارب كل الأنظمة التي يتحكم فيها العنصر العربي والمسلم، وفي هذا تبدو النية السيئة والمبيتة يساعد على تحقيقها أبناء البلد الواحد، فالنزاع والصراع على الحكم أنسى الجميع أن نتيجة ذلك الصراع الحتمية هي ضياع السودان بأكمله!!!... ٭ ذلك الصراع كان قد نشب بالأندلس فاستعان الحاكم (المسلم) بغير المسلم على أخيه المسلم وضاعت الأندلس ففي الأندلس كانوا لا يريدون بقاء أي حاكم مسلم، فضربوهم ببعضهم البعض حتى بقي آخرهم الذي استوعب الدرس بعد فوات الأوان، وفهم الدرس أخيراً فالفونس الذي استعان به وطلب عونه انقلب عليه بعد أن أصبح وحيداً فأخذ يبكي ملكاً كالنساء بعد أن عجز الدفاع عنه كالرجال، وفضل رعي إبل ابن تاشفين على رعاية خنازير الفونس!.. والآن المسرح خالٍ من ابن تاشفين فأين المفر؟!.. ٭ الغرب آمن تماماً بأن السودان يجب أن يخلو من أي تأثير إسلامي، فعقب سقوط الأندلس مباشرة قامت الدولة الإسلامية في سنار، وعقب احتلال محمد علي للسودان قامت الدولة الإسلامية المهدية، وعقب الاستقلال أطلت المطالبات بالدستور الإسلامي، حتى نظام مايو الذي بدأ أحمر رفرفت عليه الراية الخضراء آخر الأمر، أما نظام الأحزاب الطائفية فقد أسقطه التنصل من دستور الإسلام. ما دام هناك عرب ومسلمون في السودان فذلك الخطر يحدق بكل المخططات الغربية لوقف المد الإسلامي جنوبًا!.. ٭ اتفاقيات سلام تعقد وتوقع وهي أبعد ما تكون عن السلام، فلا نيفاشا أتت بسلام ولا ما يعك ويعجن في هذه الأيام يبشر بسلام، فالخطر على السلام باقٍ ويزداد خطورة يومًا بعد آخر؛ لأن العوامل التي ترسي السلام غير موجودة، وافقنا على الحريات الأربع وعلى المنطقة منزوعة السلاح حتى تلك المناطق التي تحت سيادتنا انتزعت منا وبقيت قضية الحدود تراوح مكانها وهما سبب أساسي لنشوب حرب!!!.. المنطقة منزوعة السلاح ستهيء للجنوب التنصل من دعمها لحركات التمرد التي ترعاها وتحدها بالسلاح فتكون بذلك مسرحاً لعمليات عسكرية تخريبية على الحدود، دون أن يسأل الجنوب عن وزرها، وهي منطقة عازلة لا سلطة لدولة الجنوب عليها، وتمتد هذه المنطقة مسافة لا تقل عن ألفي كيلو متر طولاً وثلاثة وعشرين كيلو مترًا عرضاً، وهي منطقة كافية لزعزعة أمن دولة عظمى ناهيك عن دولة منهكة كالسودان!.. والاتفاق الأخير بمثابة أكبر خطر على السودان وأمنه فهو خطر حتى على بقائه، وكان من الأشرف لنا ألا نوقعه حتى ولو تم ضربنا بواسطة مجلس الأمن، وهو أمر شبه مستحيل إذ أن دولاً مثل روسيا والصين لا تريدان تكرار ما حدث في ليبيا؛ لأن في ذلك ضربًا لمصالحهما، ولو كان الأمر بهذه السهولة واليسر لتم ضرب سوريا؛ لأن في ضرب سوريا تأمينًا لإسرائيل ويفسح المجلال لضرب إيران!!!.. ماذا نال السودان من توقيع نيفاشا، هل رفعت العقوبات؟.. كلا هل توقفت الجنائية؟.. لا، لقد وقعنا بناء على وعود شفهية تنصل منها الغرب، فالغرب لا يدفع ثمن وجبة دخلت أمعاءه وتم هضمها!!!.. واليوم بعد الزحف الإريتري والإثيوبي سوف يأتي زحف آخر من دولة جنوب السودان، وغرابة هذا الزحف أن جُعل له سداً يمنع عودته تمثله المنطقة العازلة، يفسح ليأجوج ومأجوج الإفساد في الأرض دخول خمسة أو ستة ملايين من رعايا دولة جنوب السودان يريحها من إطعامهم وتوفير الخدمات لهم لينعم حكام الجنوب بالحكم دون أدنى مسؤولية تجاه شعبهم الذي يوفر له السودان العمل والمأكل والشرب وحق التملك، والشعب السوداني شعب فقير لا يجد قوت يومه واقتصاده وصفه من هو منوط بإصلاحه بأنه عربه انفجرت إطاراتها!!!.. ٭ والإطار في السيارة أسهل عطل يمكن علاجه، لكن عجز إصلاح الإطار هو قمة الإفلاس الاقتصادي وهذا اعتراف من وزير المالية بعجزه الاقتصادي الذي لم يؤهله حتى لوظيفة بنشرجي الاقتصاد!!!.. كيف وهذا حال اقتصادنا يمكن أن نستوعب ملايين المواطنين من دولة مستقلة بذات الحقوق في العمل والتملك، حقوق عجز عن نيلها المواطن المغلوب على أمره..!!! ٭ أذكر أنني كتبت عن كيف يُعامل المهاجرون إلى إسرائيل من السودان، وخاصة مواطني جنوب السودان إذ يتم استيعاب سبعين في المائة منهم للعمل الاستخباري، وهذه النسبة مقسمة على مواطني جنوب السودان بأكثر من سبعين في المائة والبقية الباقية مقسمة على مواطني دارفور والمناطق الأخرى، وعند إعداد هؤلاء الجواسيس على أحدث أنماط التجسس يعاد تصديرهم للسودان هؤلاء سيجدون الفرصة سانحة بعد الاتفاق الأخير لدخول السودان معززين مكرمين، وربما يتم توظيفهم في أكثر المراكز حساسية.. مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة سوف يأتي الكثيرون من أبناء الجنوب بأموال طائلة لشراء العقارات والشركات الآيلة للإفلاس وما أكثرها، وحتى البنوك، وقد حدث هذا الأمر في فلسطين حيث باع الكثيرون منازلهم وأراضيهم بدواعي الفقر، أما الذين رفضوا البيع فقد حوصروا وأجبروا على ترك أراضيهم بالقوة!!!.. وأخطر ما في الأمر الأمن الاجتماعي، حيث سيفقد السودان ذلك الأمن الذي نعم به رغم الحالة الاقتصادية الضاغطة، كما أن أصوات الناخبين طالما يحملون الجنسية السودانية وهي تعد بالملايين يمكن أن تؤثر على سير أي انتخابات وترجح بكفتها، ولك عزيزي القارئ أن تتخيل اعتداء من دولة جنوب السودان كالذي حدث في هجليج وردة الفعل العظيمة التي جاءت من الشعب السوداني، هل ستمر ردة الفعل تلك بذات القوة إذا وجد في الخرطوم وغيرها ملايين من مواطني دولة الجنوب، وبأي منطق يتم توقيع هذا الاتفاق وفتيل الحرب لم ينزع بعد وأسباب الحرب تزداد قوة كل صباح جديد؟!.. لقد اكتملت عوامل الإحلال والإبدال التي كان يتحّدث عنها جون قرنق وللأسف نحن من وثقنا بأيدينا هذه العوامل.. أذكر أنني كنت أتحدث مع أحد كبار قادة الأحزاب، فذكر لي أنه بعد عشر سنوات سيكون حال السودان كذا وكذا، فقاطعته قائلاً بعد عشر سنوات إن كنا أحياء في هذه الدنيا فسنلتقي أنا وأنت على بوابة الأممالمتحدة للاجئين في إحدى دول الجوار هذا إن كنا أحياء، استغرب الحاضرون حديثي هذا ولكن رد عليهم «إنني أفهم جيداً ما يقول د. هاشم» ولم يعلق. ٭ نيرون أحرق روما ليظفر بمقطوعة موسيقية، فما الذي ستظفر به بحريق السودان. «وإن تتولوا يستبدل قوماًَ غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم».. وا إسلاماه.. وا سوداناه... وا حر قلباه يا سودان!!.. اللهم لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف فيه!!!..