ليس هذا بمستشفى بل «حظيرة حيوانات أوقل مكب للنفايات» مستشفى يقتقر لأبسط مقومات العلاج والمعدات والأجهزة وسط انعدام وندرة للأدوية المنقذة للحياة وبيئة متردية «والصورة لا تكذب الواقع» في وقت تواردت قائمة من الأمراض من غير الموجود أصلاً بدءًا بالسرطان «بسبب الإسبستوس والمبيدات» واصبحت معدلات الإصابة به امرًا مخيفًا للغاية.. هكذا وصف امين محمد عثمان رئيس محلية حلفاالجديدة السابق الوضع المتردي بالمستشفى واكد ل «الإنتباهة » خلال جولة قامت بها داخل المستشفى ان المستشفى نفسه قد دخل غرفة الانعاش ويحتاج الى عملية انقاذ عاجلة حتى لا تحدث كارثة، وقد بدأت معالمها تلوح مع ارتفاع نسب الإصابة بمرض الملاريا وهوالمرض الذي طالما أنهك ساكني محلية حلفا لسنوات، فضلاً عن البلهارسيا والتي وصلت نسبة الإصابة بها أعلى معدلاتها بعد ان ظهرت المواد البرازية والبكتريا بصورة واضحة على المياه المفحوصة بواسطة المختبر، وفي ذات الاتجاه اوضح نميري علي حسين رئيس منظمة النهضة الخيرية بحلفاالجديدة ان مستشفى حلفا يفتقر لأبسط مقومات التشغيل الضرورية مثل الشاش والقطن وغيرها وكذلك الكادر البشري الذي هو العمود الفقري للعمل الطبي المتكامل من أطباء وممرضين - أجهزة.، حيث لا وجود لأجهزة الموجات صوتية أشعة ملونة ومقطعية والرنين وغيرها، وقال: نعلم أن شهورا عصيبة تمر على الطاقم الطبي وأسرة المستشفى والمرضى يضطرون فيه للتعامل مع السوق السوداء لتأمين حاجات المستشفى الملحّة حيت وصل سعر علاج الملاريا الى 100 جنيه مع انعدام العديد منها مبينًا أن الوضع في مستشفى حلفا يشبه تماماً وضع المستشفيات في مناطق الشدّة ومناطق الحرب والنزاعات المسلّحة، فالمستشفى يفتقر إلى ابسط مقومات التسيير في ابسط القرارات المالية الحيوية فلا يمكن شراء أي قطعة في أحرج المواقف ومدير المستشفى لا يملك ادنى صلاحية في التصرف في أي مبلغ دون استشارة المسؤولين في كسلا والحصول على موافقتهم.. ويذهب قائلاً: في مستشفى حلفا تغيب غرفة للعناية المركزةّ والضرورية للحالات الحرجة.. سواء كانت حالات الولادة وحالات الإصابة والحوادث أو أي حالة أخرى ولا يوجد قسم نساء وتوليد معدّ بصورة تليق بعدد سكانها الذين تخدمهم.. دعك من قسم الأطفال الذين يمثلون أكثر من أربعين في المائة من سكان المحلية - حسب آخر إحصائية، وكذا الحال لا وجود لمستشفى أمراض عقلية ونفسية.. إن الوضع المهني الطارد والضاغط للكادر الطبي للمستشفى يدعو لنزوح الكفاءات من حلفا.. وفي أذهاننا الجراحين والاختصاصين النازحين من حلفا برغم الثقل السكاني الضخم... وعلى مستوى المحليتين ففي كثير من الأحيان تكون سيارات الإسعاف الموجودة في مستشفى المحلية مشغولة بنقل حالة طارئة.. لتظهر حالة أخرى فيضطرون إلى نقله بإسعاف المعلمين الذي يخضع للمعايرة التجارية.. وإسعاف مصنع سكر حلفا أو بسيارات الإسعاف الأخرى المتاحة.. وكلها بأسعار صعبة المنال.. يتساوى في ذلك الحكومي والخاص ولا بد من ضرورة توفر عدد أكبر من سيارات الإسعاف المجانية أوبسعر معقول لتلبية الحاجات الملحة والطارئة كخدمة مرافقة وحيوية للخدمات الصحية.. ونضيف هنا أن رسوم دعم الخدمات الطبية ..بما فيها خدمات الإسعاف تؤخذ من تجار السوق في حلفا بما فيها الصيدليات التجارية ولذا نفترض أن تيسّر هذه المصاعب للمواطنين. واعرب مصدر ذي صلة فضل حجب هويته عن بالغ اسفه لما آلت اليه الاوضاع بالمستشفى محملاً تبعية ذلك لحكومة الولاية وتعيينها وزيرًا للصحة لا علاقة له بهذا المجال مضيفًا ان الضغط الذي يتعرض له المستشفى يوميًا لا يحتمل طاقته المحدودة والمنهكة اصلاً ولعلنا نذكر بالمراكز الصحية على نطاق المحلية والتي تنتشر على نطاق أرياف حلفا بكل قراها وحتى المدينة بأحيائها المختلفة . فمنذ التهجير كانت تقوم بتخفيف الضغط على مستشفى حلفا المركزي وتسهيل وتيسير العلاج لسكانها بدلاً من اهمالها.. والآن جميعها اغلقت.. إذا رجعنا إلى قائمة الأمراض فقد كشفت مهمة قام بها وفد من وزارة البيئة والتنمية العمرانية العام قبل الفائت للتقصى حول المسببات التى تقف وراء ارتفاع نسب الإصابة بالسرطانات بالمنطقة عن إحصائيات أولية تمت بالجهد الشعبى للخمس سنوات الماضية توضح ان عدد الوفيات جراء هذا المرض فى تلك الفترة تجاوز 357 شخصًا من غير الذين توفوا خارجها أو لم يعرف سبب وفاتهم لعدم وجود مركز للفحص المبكر للمرض، الامر الذى جعل المتهم الرئيس هو مادة الإسبستوس والتى تستخدم فى سقف ما يزيد عن عشرة آلاف منزل بالمنطقة واستخدامها في توصيلات المياه، بجانب اتهامات لملوثات تتعلق بالأسمدة والمبيدات وفطريات الفلاتوكسين ومادة بروميد البوتسيوم والتى تستخدم فى صناعة الخبز المحلى وعلى نطاق واسع.