الشمالية تقسو على الجباراب بخماسية في دوري الدامر    رئيس فيفا يشيد بصقور الجديان والجمهور السوداني    طريقة فعّالة لمحاربة الرغبة بتناول الحلويات والوجبات السريعة    الدعم السريع تحتجز ناجين من حصار الفاشر للحصول على فدى    التعادل الايجابي يحسم ديربي دنقلا    ثنائية مبابي بمرمى بيلباو تنهي معاناة ريال مدريد في "الليغا"    شاهد بالصورة والفيديو.. جمهور مواقع التواصل بالسودان يحتفي ويتغنى ببسالة ورجولة مدافع المنتخب "إرنق" في إحتكاك مع مهاجم المنتخب الجزائري بعدما قام بالتمثيل    شاهد.. سعد الكابلي ينشر صورة رومانسية مع زوجته "كادي" بعد حفل زواجهم الأسطوري ويتغزل في أم الدنيا: (مصر يا أخت بلادي يا شقيقةْ)    شاهد بالفيديو.. معلق مباراة السودان والجزائر: (علقت على مباريات كبيرة في كأس العالم وما شاهدته من الجمهور السوداني لم أشاهده طيلة حياتي)    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    شاهد بالصورة.. عرسان الموسم "سعد وكادي" يغادران مصر في طريقهما لأمريكا بعد أن أقاما حفل زواج أسطوري بالقاهرة    شاهد بالصورة.. عرسان الموسم "سعد وكادي" يغادران مصر في طريقهما لأمريكا بعد أن أقاما حفل زواج أسطوري بالقاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    الهلال السوداني يتفوق على غاسوقي يونايتد بثنائية نظيفة في الدوري الرواندي    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    السودان تتعادل مع الجزائر والعراق تهزم البحرين    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    إعادة تأهيل مستشفى بحري بولاية الخرطوم وافتتاحه مطلع 2026    تطويق مربعات دار السلام بامبدة والقبض على كميات كبيرة من المنهوبات    دراسات: انخفاض ضوء الشتاء يغيّر نمط النوم    كم مرة يجب أن تقيس ضغط دمك في المنزل؟    محمد حامد جمعة نوار يكتب: لماذا بابنوسة    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    شاهد بالفيديو.. "بدران" الدعم السريع يناشد سكان الجزيرة للانضمام لدولتهم وسحب أبنائهم من "كيكل": انتم مهمشين من الكيزان والدليل على ذلك أنكم تقولون "ها زول"    السودان.. تقارير تكشف مقتل قادة عسكريين في كمين    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    شبان بريطانيا يلجأون للمهن الحرفية هربا من الذكاء الاصطناعي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الميليشيا ترتكب خطوة خطيرة جديدة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مخاوف من تأثر أسواق دارفور بقرار منع حظر خروج السلع من الشمالية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيار الإسلامي وقضايا الدستور الديمقراطي..الشيخ/ راشد الغنوشي
نشر في الانتباهة يوم 10 - 10 - 2012

الحديث عن التيار الإسلامي يتسع لمفاهيم كثيرة بسبب توسع الطيف الإسلامي وتعدد اتجاهاته والاجتهادات فيه، وهو تيار واسع جدًا يمتد من بن لادن إلى أردوغان وتتنوع فيه الإستراتيجيات وطرق العمل، نحن نرى أن الإسلام يغطي كل نشاط إنساني ويضفي طابعًا أخلاقيًا وإنسانيًا في اتجاه إقرار الحرية والعدل والسلام الديمقراطية اليوم باتت تكسب قطاعًا واسعًا من المؤيدين من داخل التيار الإسلامي الواسع ويشكل مؤيدوها أغلبية العاملين في الساحة الإسلامية رغم وجود معارضين لها، البعض يظن أن الإسلام هو حكم الله وأن الديمقراطية هي حكم الشعب كما لو كان المفهومان في علاقة تضادد وتعارض وهي مقابلة ساذجة وسطحية إلى أبعد حد، ونحن نرى أن الإسلام لم يتجسد لا في كنيسة ولا بابا، ولكن فيه تعددًا في الاجتهادات والآراء ولا يحق أن ينفرد طرف ما بالادعاء بأن لديه الرأي النهائي والقطعي فيما فيه اتساع في الرأي.
لا توجد اليوم بدائل أحسن من آليات الديمقراطية فالشورى بقيت في تاريخ المسلمين مجرد مبادئ ومواعظ للحاكم ولكنها لم تتجسم فعليًا إلى آليات ومؤسسات واقعية، والديمقراطية لا يمكن وصفها بأنها الخير المطلق بل نعتبرها أقل الموجود سوءًا. اليوم اتسع الإدراك بأن الديمقراطية هي تجسيم للشورى رغم أن بعض المعارضين لها يعتبرونها كفرًا وبدعة والبعض يعتبرها استيرادًا من الغرب جاءت مع الأساطيل الغربية التي غزت المسلمين والبعض الآخر يعتبرها مرادفًا للإباحية. قانون التطوّر ينطبق على التيار الإسلامي وهو أمر واقعي ولا يلجأ إليه الإسلاميون من باب الانتهازية لإيهام غيرهم بأنهم تخلوا عن نظرتهم الضيقة القديمة بل إن المقتنعين بالديمقراطية اليوم يزداد عددهم خاصة بعد الثورات العربية. الإسلاميون اليوم يريدون دولة مدنية؛ لأنه لا يوجد في الإسلام دولة دينية بابوية، ويكون للشعب حق اختيار من يحكمهم بحيث يكون هو مصدر شرعيتهم وصاحب السلطة فيها، فالمواطنون هم الذين يملكون الدولة وليست الدولة التي تملكهم على قاعدة الحقوق والواجبات لكل واحد منهم وعن طريق مؤسسات شرعية تقوم بتسيير الشأن العام نيابة عنهم. نطمح إلى دستور يوفق بين الإسلام والحداثة والديمقراطية، وقد وجدنا مخاوف من بعض الأطراف من دستور ينص حرفيًا على الشريعة بسبب ارتباط تطبيقات الشريعة في بعض البلدان بالعنف والحيف والظلم، لذلك لم نرَ فائدة من أن نحمل الناس على دستور هم غير موافقين عليه بشكل واسع. أي نعم أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية ولكن لا يعني ذلك أن نتجاهل الأقلية ونحيف عليها ولهذا السبب نحن نعول دائمًا على الوفاق والاتجاه إلى ما يجمع الناس لا ما يفرقهم، والناس اليوم متوافقون على الفصل الأول من الدستور السابق ويعتبرونه محل إجماع ونحن نراه كافيًا رأينا في الدستور السابق نصوصًا وفصولاً جيدة تحترم الحقوق والحريات ولكنها لم تمنع من انتهاكها ولم تكن محل تطبيق ورأينا في بلدان أخرى دساتير غير مكتوبة كما هو الأمر في بريطانيا ولكن حقوق المواطنين وحرياتهم مصانة، إذن المشكلة ليست في التنصيص الحرفي بل في الوعي الشعبي. المصلحون في القرن 19 اعتبروا أن الاستبداد هو مصدر كل بلاء، ويعود السر وراء تقدم الغرب في القرون الأخيرة إلى كونه قنَّن الحكم واعترف بحقوق المواطنين وحرياتهم، ولهذا السبب حرص المصلحون في العالم الإسلامي على الدعوة إلى اعتماد دساتير تقر الفصل بين السلطات واستقلال القضاء والتعددية إلخ... البعض من الإسلاميين يضيق صدره من الأحزاب العلمانية ويخفي نية إقصائهم ونحن نرى أنهم مواطنون ومن حقهم أن تكون لديهم أحزابهم على أساس أنهم مواطنون ومن حقهم التعبير عن آرائهم. المساواة في المواطنة تقتضي قبول ترشح المرأة لمنصب الرئاسة والوزارة والمجلس التشريعي، إلا أن هذه الفكرة ما زالت على قدر كبير من الانتشار لدى كافة أطياف التيار الإسلامي. الأزهر أصدر وثيقة تؤصل للديمقراطية وتعترف بحقوق الأقليات تذكرنا بالصحيفة التي كتبها الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة وأسس فيها لمجتمع تعددي تحترم فيه حقوق غير المسلمين وقد رأينا كيف احترم المسلمون سكان العراق والشام بعد فتحهما ولم يفرضوا عليهم الإسلام. المسلمون عبر تاريخهم تحاربوا من أجل السلطة وليس من أجل الإسلام وبقيت الشورى موعظة حسنة تلقى امام الحكام ولم تتحول إلى حل إجرائي للأسف، نحن لسنا في حاجة للعلمانية؛ لأن الدولة عندنا ليست دولة دينية وحروبنا فيما بيننا عبر التاريخ لم تكن حروبًا دينية بل حروبا من أجل السلطة، الإمام أحمد بن حنبل تصدى لتغول الدولة في عهد المأمون ووقف مصرًا على أنه ليس من حقها أن تتدخل في إيمان مواطنيها ولا أن تفرض عليهم رأيًا بعينه، فالعقائد والآراء الفقهية تدخل ضمن تدافع المجتمع ولا تُفرض بقوة الدولة. تفاعلت تونس مع مجتمعها وتراثها الإصلاحي وانفتاحها على الغرب والعالم العربي والإسلامي وعلى التجربة النقابية التي تعد قوية اليوم وهو ما لم يكن منصوصًا عليه في نصوص النشأة التي انطلقنا منها في عملنا في الساحة الإسلامية. أحداث 1978 أيقظتنا إلى البعد الاجتماعي والعدالة الاجتماعية في الإسلام بعد كان هذا البعد غائبًا في كثير من الأدبيات الإسلامية في تلك الفترة، وبتنا اليوم نحتفل بيوم العمال لاقتناعنا بحقوق هذه الفئة من المجتمع وحجم المظالم التي تعرَّضت لها من قبل، حيث تعرضت المرأة إلى مظالم شنيعة في الماضي ونحن لا نرى مانعًا من وجود مجلة للأحوال الشخصية لحماية حقوقها وهي تندرج ضمن اجتهاد من بين الاجتهادات وقد عملت على إقرار المساواة بين الرجل والمرأة ورفع الحيف عنها. نحن لا نرى مانعًا من أن تشغل المرأة أية وظيفة بشرط توفر الكفاءة وقد كان هذا شرطنا في اختيار نائباتنا للمجلس التأسيسي، وقد ساعدتني زيارتي للسودان في نهاية السبعينيات ورؤيتي للمكانة التي تحتلها المرأة هناك على مراجعة بعض الفكار المسبقة واستيعاب التحديات الجديدة للعصر.
في تونس نشأت حركة ديمقراطية على يد أحمد المستيري الذي تعلمنا منه الكثير واستفدنا من الحراك النقابي ومن الصراع الطلابي العنيف في الجامعة مما جعلنا نبلور فكرًا منفتحًا متقبلاً للرأي المخالف. المنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وقفت معنا في نضالنا ضد الدكتاتور ورسخت في فكرنا البعد الحقوقي والإنساني، النهضة كانت واضحة في البداية فهي لم تصل إلى الحكم لتفرض تطبيق الشريعة بالقوة على الشعب بل لإنهاء الاستبداد ومقاومة الظلم ونشر قيم العدل والحرية والمساواة بين المواطنين فالإسلام دين فطرة ولا يحتاج للقهر والإجبار. لم نر مانعًا في التحالف في اتفاق 18 أكتوبر مع أنصار الحرية ومنهم شيوعيون على قاعدة المساواة والمواطنة والحرية والقبول بالديمقراطية وحق الشعب في تقرير من يحكمه إلخ... ولذلك لم نجد حرجًا في التحالف مع أحزاب علمانية مادامت هذه المبادئ محل توافق بيننا وبينها ولهذا السبب لم تقُم الحكومة الجديدة بفرض نمط ما في اللباس أو الطعام أو الشراب على الناس بل تركت ذلك لسنن التدافع بين مكونات المجتمع، قامت لجان إعداد الدستور بكتابة مسودته ولكن ما زال يوجد اختلاف في نوعية النظام السياسي الذي ستُحكم به تونس هل سيكون برلمانيًا أو رئاسيًا ونحن نميل إلى أولهما؛ لأنه يقطع دابر الاستبداد الذي رأينا أنه يتسرب دائمًا عن طريق الأنظمة الرئاسية ونحن نريد إنهاء القيادة الفردية وجعلها جماعية وأن ننتقل من حكم الفرد إلى حكم الشعب، وهو أقرب إلى معنى الآية القرآنية: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» وهي أحسن من طاعة ولي أمر واحد قد يميل إلى سوء استخدام سلطته.
خصومنا غير موافقين على النظام البرلماني؛ لأنهم يتخوفون من حصول النهضة على الأغلبية في الانتخابات القادمة التي تتيح لها تعيين رئيس المجلس المنتخب ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وبالتالي تتحكم في مفاصل الدولة، وهم يطالبون بنظام لا رئاسي ولا برلماني بل مزيج بينهما، نحن نرى أن النظام البرلماني هو أكثر الأنظمة انتشارًا في العالم وأن النظام المشترك قد جربناه في تونس وتسبب في مشاكسات وخلافات بين الرئاسة والحكومة فضلاً عن المشكلات التي سببها في فرنسا خاصة إذا كان الرئيس من حزب مختلف عن حزب رئيس الحكومة، ونحن نريد أن لا يتشتت مركز القرار حتى لا تضطرب شؤون الدولة.
ما زالت بعض القضايا الخلافية في الدستور مثل النظام السياسي والهيئة المستقلة للانتخابات والفصل الخاص بالتكامل بين الرجل والمرأة ونحن نسعى للتوافق؛ لأن الدساتير الناجحة لا تبنى بنسبة 51 بالمائة وتتجاهل مطالب البقية.
٭ محاضرة في ندوة أقيمت بالدوحة في قطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.