في أثناء أحداث جنوب كردفان وتبادل إطلاق النار من قبل قوات الحركة الشعبية والجيش السوداني دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما لوقف فوري لإطلاق النار بمنطقة جنوب كردفان ولم تخرج الدعوة من كونها تصريحات أو توجيهات من البيت الأبيض اعتبرها مراقبون أنها كشفت ضعف الجيش الشعبي في الاستمرار بالقتال، ومؤخرًا بعد أن شهدت ولاية النيل الأزرق من أحداث واشتباكات بين قوات الجيش الشعبي وتمرد والي النيل الأزرق المقال مالك عقار ظلت الولاياتالمتحدة في حالة من الصمت وهي تراقب ما يجري من أحداث ولم تتدخل كما فعلت قبل أشهر ومن أعلى قياداتها ودعوتها بوقف إطلاق النار الفوري ولم تجد الدعوة حيزًا للتنفيذ وبحسب مراقبين يرون أن أمريكا قد أيقنت أن التدخل في الشأن السوداني قد يؤثر على الاستقرار في المنطقة التي تشهد تغيرات كثيرة فهي بذلك تحقق ضماناتها في الشمال والجنوب معاً ولايتحقق إلا في بقاء النظام الحالي. وربما التصريحات الأخيرة من المبعوث الأمريكي في الخرطوم برنستون ليمان التي أعلن فيها رفض الولاياتالمتحدة دعم أي اتجاه لفرض حظر طيران على أي منطقة تقاتل فيها الحكومة في السودان وبعد رفض الخرطوم تدخل أي جهة خارجية في أي خلافات أمنية من أي جهة خارجية فيبدو أن واشنطن قد اتبعت سياسة التفاوض ورأت أن استقرار المنطقة من أهم مصالحها التي تسعى لتحقيقها. ويعتبر قرار المبعوث الأمريكي أن واشنطن لا يتماشى ولايروق للحركات المسلحة وقوى المعارضة وذلك ما ذهب الخبير الإستراتيجي عباس إبراهيم أن الولاياتالمتحدة قد بدت حذرة في تعاملها مع قضايا السودان فبعد تحقق انفصال الجنوب فقد شعرت واشنطن أن تلعب دورًا إيجابياً تجاه الخرطوم وأنها تريد بذلك أن ترحب الحكومة لأي قرار يصدر منها وقد تبدو «كتهدئة للعب» والحديث للخبير الإستراتيجي عباس الذي أضاف في حديثه ل «الإنتباهة» أن أمريكا كما دعمت فصل الجنوب لمصالحها فلن تدعم متمردي النيل الأزرق الذين تعتبرهم أقلية وبمثابة خارجين على الدولة التي لها الحق في ردعهم. وذهب مراقبون أن قرار واشنطن بعدم فرض أي حظر قد يعتبر ضربة في وجه قوى المعارضة التي لطالما دعت إلى الخروج إلى الشارع العام لإسقاط النظام وقد دعا الحزب الشيوعي إلى الخروج بعد صلاة الجمعة في مسيرات لإسقاط الحكومة، ويرى محللون أن المعارضة أضعف من أن تستطيع إخراج الناس إلى الشوارع الذين فقدوا الثقة فيها، ووضح ذلك من خلال اجتماعاتهم التي أظهرت خلافاً فيما بينهم، وقد جاءت تصريحات واشنطن بعدم التدخل او فرض أي حظر جوي بمثابة ضربة قاضية للحركات المسلحة وقوى المعارضة التي لطالما انتظرت فرصة لتحقيق ما تصبو إليه حتى بمساعدة ومعاونة من أمريكا. وبحسب مراقبين يبدو أن تصريحات المبعوث الأمريكي تدعو إلى انتهاج خيار التفاوض بين الحكومة والمعارضة وربما جاءت لاستشعاره بتواطؤ الداخل المتمثل في القوات المسلحة لإسقاط النظام.. وتعتبر اللغة التي أرسلها إلى الولاياتالمتحدة مبعوثها أشد وضوحاً فهو أجرأ قرار اتخذته أمريكا لصالح الخرطوم في وقت يشهد السودان توترات بولاية النيل الأزرق وصراعاً في دارفور.. وفي وقت ما تزال القوى السياسية المعارضة تسعى لاقتناص الفرص في إسقاط النظام يرى متابعون للأحداث أن الموقف الأمريكي الجديد ربما يقود إلى شق الصف المعارض من خلال التأثير على بعض القوى وذلك وضح مؤخرًا من خلال الاختلافات التي تحدث داخل أروقة العديد من الأحزاب المعارضة.