ربما تبدو تصريحات المبعوث الأمريكي بريستون ليمان الداعية الي عدم التفكير في إسقاط نظام الخرطوم بدواعي أنه ليس خيارا جيدا.. ربما تبدو هذه التصريحات بمثابة إعلان شهادة وفاة لقوي المعارضة التي تنشط هذه الأيام في محاولة لاستغلال الظرف والدفع به نحو إسقاط النظام الذي يبدو أن الحكومة الامريكية لا تشجع هذه الخطوة علي الأقل في الوقت الراهن – حسب ما صرح بذلك مبعوثا للسودان ووفقاً لقراءات سياسية متعددة. النقطة المهمة في تصريحات المبعوث الأمريكي تكمن في إزاحة الغطاء الخارجي عن أحزاب المعارضة التي وجدت نفسها تقاتل بلا سند. وكانت أحزاب المعارضة قد دعت في اجتماع سربته احدي الصحف انعقد بتاريخ 9/3 بدار المؤتمر الشعبي, دعت الي الخروج للشارع لإسقاط النظام. وذهب القيادي بالمؤتمر السوداني عبد القيوم العوض الي ضرورة حمل السلاح ضد الحكومة بحجة أنهم كمعارضة ليسوا بأغلى من الشعوب العربية التي حملت السلاح وفق ما ذكرته احدي الصحف . وأفادت الأنباء وقتها أن الاجتماع لم يخلص الي نتيجة بسبب تباين وجهات النظر حول أمر الخروج للشارع من عدمه. ويشير متابعون الي أن تصريحات المبعوث الأمريكي التي تدعو الي انتهاج خيار التفاوض بين الحكومة والمعارضة ربما جاءت لاستشعاره بتواطؤ الداخل المتمثل في المعارضة والخارج المتمثل في الحركات المسلحة علي إسقاط نظام الخرطوم. ومن هنا فان اللغة التي أرسلت بها الولاياتالمتحدة عبر مبعوثها تبدو أشد وضوحا ويعتبره مراقبون أجرأ قرار اتخذته أمريكا لصالح الخرطوم ليكون حاسماً في قطع الطريق أمام أي تحرك لإسقاط النظام. ويشير متابعون الي أن الولاياتالمتحدةالامريكية ربما تيقنت مؤخرا أن الاستقرار الذي تريده في المنطقة لضمان استمرار استثماراتها في الشمال والجنوب معاً لا يتحقق إلا في بقاء النظام الحالي علي سدة الحكم. ووفقاً لقرائن الأحوال في المنطقة العربية فان أي محاولة لإسقاط النظام قد تدفع بجهات أخري لاعتلاء مسرح الأحداث بما لا يتوافق مع الرغبة الامريكية.. وقال بروفيسور ابراهيم ميرغني الخبير بمنطقة الشرق الأوسط وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري في تصريحات سابقة للصحيفة أن تطور الأحداث في المنطقة العربية واعتلاء حكومات تنفذ برامج الشعوب التي تقف ضد المصالح الامريكية ربما تدفع الولاياتالمتحدة الي البقاء علي القادة الحاليين, باعتبار أنهم حتي ولو كانوا ضد الرغبة الامريكية فيمكن تطويعهم من خلال ممارسة بعض الضغوط. جديد الإدارة الأمريكية هذه المرة جاء بلغة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ليقطع الطريق أمام كل الأطراف التي تسعي لاستثمار الظرف والدفع به لتعجيل إسقاط النظام.. وهو ما أشارت اليه أحزاب المعارضة نفسها في اجتماعها المسرب بضرورة استثمار صراعات النيل الأزرق لتحقيق الهدف المنشود.. فهل يدفع موقف الإدارة الامريكية الجديد الأطراف التي تقاتل الحكومة الي الجلوس للتفاوض؟.. أم أن الإدارة الأمريكية تريد التهاب الأطراف بالإبقاء عليها لإحداث صداع دائم للخرطوم دون أن يتجاوزوا تلك المرحلة وتلك المهمة الي إسقاط النظام الذي وضح أن الإدارة الامريكية لا تريده ولا تشجعه. وقد تتصدي له إذا دعت الضرورة؟!. القوي السياسية- حسب قيادي فضل حجب اسمه – قلل من تصريحات المبعوث الأمريكي وقال ل(لحرة) أمس ان القوي السياسية لا تأتمر بأمر الولاياتالمتحدة ولا يعنيها ما قاله ليمان, وإنما ماضية في خطتها لإسقاط النظام لو شاءت أمريكا أو رفض مبعوثها.. غير أن متابعين للأحداث يقولون ان الموقف الأمريكي الجديد ربما يقود الي شق الصف المعارض من خلال التأثير علي بعض القوي السياسية التي ما زالت مترددة بشأن فكرة إسقاط النظام .. ويعنون بذلك حزبي الأمة والاتحادي.. ذلك خلاف أنه يدفع بتلك التي تدعو صراحة لإسقاط النظام خارج دائرة الأحداث.. مما يعني انتهاء ما يسمي بالمعارضة .. فهل ذلك هو ما سيحدث حقا؟!. نقلا عن صحيفة الحرة السودانية 15/7/2011م