يبدو أن المؤتمر الوطني راضٍ على حكومة الجنوب بعد الاتفاقات الأخيرة، فها هو يصدر لها صك البراءة من أحداث كادوقلي على الرغم من أن الجيش الشعبي المتمرد في جنوب كردفان ظل يقصف حاضرة الولاية مدينة كادوقلي لثلاثة أيام متتالية وبعد تنبي قطاع الشمال للاعتداءات التي نفذتها الفرقة العاشرة «جيش شعبي» التي لا تزال تأتمر بقيادة جوبا. موقف المؤتمر الوطني الواضح حول هذه الأحداث حمله تصريح عضو القطاع السياسي بالحزب د. ربيع عبد العاطي في ندوة الاتحاد العام للطلاب السودانيين أمس الأول عندما أكد عدم تعاملهم مع دولة الجنوب بردود الأفعال والتصعيد، وقال: لن نتبع سياستهم وأرى أن هذا الاعتداء لن يقوِّض اتفاق التعاون المشترك مع دولة الجنوب بل سنتجاوز التحديات، مشيرًا إلى أن ما قام به قطاع الشمال واعتدائه على مدينة كادوقلي جاء فقط للفت الانتباه إلى وجودهم على مسرح الخارطة السياسية، قاطعاً بأن الأمر سيرتد إليهم لأنهم تسببوا في قتل الأبرياء والمدنيين من النساء والأطفال وإعاقة جهود السلام التي يقوم بها أهل جنوب كردفان. لكن بالنظر إلى اعتداءات كادوقلي التي راح ضحيتها أبرياء من مواطني الولاية وقبل أن يجف مداد توقيع اتفاقية التعاون المشترك مع دولة الجنوب، وكأن أحداث هجليج على وشك أن تتكرر يؤكد بشكل قاطع أن هذه الاتفاقات لن تكون ذات فائدة قصوى للسودان وشعبه خاصة مواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان كونهم لا يزالون تحت قصف المدافع وتحصد أرواحهم الصواريخ إذ أن الاعتداء على الأبرياء بعد كل اتفاقية بات سمة ثابتة من قبل دولة الجنوب التي ظلت تدعم قطاع الشمال الذي أقر بتبنيه للاعتداء، لكن يرى السفير بالخارجية العبيد مروح أنهم لم يقعوا اتفاق مع قطاع الشمال بل مع حكومة دولة الجنوب. فهو يقول لا يجب أن ننزعج في تناول الإعلام للاتفاقية طالما ظلت في إطار القانون، وما دامت بعيدة عن النقد الموضوعي وأضاف: علينا أن نعلم أن المعارضين للاتفاق في دولة جنوب السودان أكثر من في السودان. نقيب الصحفيين د. محيي الدين تيتاوي قال إنهم لاحظوا بوضوح ترحيب الحكومة بالاتفاق عبر المسيرات التي خرجت إلا أنه لم يلمس ذلك من الطرف الآخر في الجنوب أو رئيس دولة الجنوب. وحذر من صمت المسؤولين في الجنوب ومن تكرار ما حدث في هجليج بعد اتفاقية أديس وقال إن حالة صمت المسؤولين في الجنوب حول الاتفاق تضع الشمال والحكومة في موضع المتهافت على الاتفاق أكثر من الجنوب. لكن جاء رد المروح على تيتاوي أنهم ليس في موقف المتهافت كما ذكر نقيب الصحفيين ولكنهم مجتهدون على إتمام الاتفاق وعن الضمانات المطلوبة لتنفيذ الاتفاقية بين الطرفين قال الناطق باسم الخارجية السفير العبيد مروح إن علينا أن لا نستعجل الأمور فتطبيق الاتفاقية يحتاج إلى وقت لكنه لم يقدِّم أي ضمانات لتنفيذ الاتفاق، وقال علينا أن لا نستعجل الأمور بل نقرأ الاتفاقية جيدًا والتي تحتاج لوقت لتنفيذها، موضحاً أن خطوات التنفيذ تسير بشكل جيد. على كل ومع موقف الحكومة السلبي تجاه اعتداءت كادقلي وعدم أخذ مواقف حاسمة يظهر جلياً أن ما تحمله الأيام القادمة يعطي مؤشرًا واضحاً أن الحكومة تطلب سلاماً مع دولة ترد على هذا المطلب بالاعتداءات سواءً بصورة مباشرة كما فعلت بهجليج أو غير مباشرة كما يحدث الآن في كادقلي. ويقول خبراء أمنيون إن حكومة ودولة جنوب السودان ضالعة حتى النخاع في الهجوم الذي ظل يتكرر حتى الأمس على حاضرة جنوب كردفان كادوقلي على الرغم من انتهاء ملتقى السلام مستدلين في ذلك على أن من يقوم بالهجوم هم قطاع الشمال الذي لم يفك ارتباطه حتى الآن مع دولة جنوب السودان الأمر الذي يجعل الهجوم خرقاً واضحاً لاتفاقات التعاون الموقعة أخيرًا بأديس أبابا، مؤكدين أن الحكومة ما لم تتخذ خطوات صارمة تجاه حكومة الجنوب بفك الارتباط وسحب جيشها من السودان سيظل الأمر على ما هو عليه وسترضخ الحكومة أخيرًا لما يمليه عليها المجتمع الدولي بتوقيع اتفاقية مع قطاع الشمال حول المنطقتين تعيد فصول مسرحية نيفاشا من جديد.