في تطور لافت منح رئيس الجمهورية المشير عمر البشير القوات المسلحة الضوء الأخضر للرد على أي استفزازت من قبل الجيش الشعبي في الحدود بين شمال وجنوب السودان، وتمسك البشير بتبعية (أبيي) للشمال، وقال إن القوات المسلحة لن تنسحب من المنطقة، مؤكداً رفضه لأي حل ينقص من حقوق المسيرية في أبيي. الحديث يجيء عطفاً على كمين الأسبوع الماضي والتطورات المتسارعة في المنطقة التي تشير الأنباء لانزلاقها في منعطف خطير قد يؤدي إلى تعقيد القضية، ولأهمية المسألة نظم المركز القومي للإنتاج الإعلامي منبره الإعلامي أمس الاربعاء حول (أبيي الواقع وآفاق المستقبل) وتحدث فيه عدد من المختصين. مسؤول ملف أبيي السفير الدرديري محمد أحمد رأى ان اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) نصت على ترتيبات أمنية بشأن منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشريكين، واصفا الذي حدث بالمنطقة بأنه خرق من جانب الحركة الشعبية، مشيرا الى أن الاتفاقية قامت بتقسيم بحر العرب الى قسمين، ونصت على أن ينتشر الجيش السوداني شمال بحر العرب والجيش الشعبي جنوب بحر العرب، وأضاف ان الاتفاقية نصت على أن يتم نشر قوات مشتركة في المنطقة، وبموجبها تم سحب اللواء (31) الذي يتبع للجيش السوداني من منطقة أبي, وبعدها تبقت القوات المشتركة بالمنطقة. ويمضي الدرديري بالقول ان الحركة الشعبية جاءت بقوات اضافية لمنطقة أبيي باسم الشرطة الخاصة بحكومة الجنوب في المنطقة بكامل عدتها وعتادها، وقامت بنشر أكثر من (2500) جندي، وقامت بتقسيم المنطقة لوحدات ادارية، وزاد ان هذه القوة مارست كثيرا من أعمال (البلطجة) وقامت بنهب مواشي وقطعان المسيرية، الامر الذي اعتبره أدى الى سقوط قتلى من الجانبين، وأضاف: بعد تلك الخروقات تم الاتفاق في مؤتمر (كادقلي) على سحب القوات التي تتبع للحركة الشعبية من منطقة أبيي، الا أن الحركة لم تلتزم بالقرار واستمرت المناوشات بين الحركة الشعبية والمسيرية، الى أن جاء الاعتداء علي القوات المشتركة العائدة من الجنوب بجانب قتلها لعدد من المدنيين، مشيرا الى ان قوات الحركة منعت المسيرية من مواصلة سيرهم جنوب بحر العرب للحصول على الماء والمرعى. الدرديري قال إنه بعد فشل اتفاقية (كادقلي) ظل المسيرية ملتزمين من جانبهم بها، الا ان الحركة الشعبية قامت بالاعتداء في 24 أبريل على قوة مشتركة وقتلت منها أكثر من (17) وجرحت أكثر من (11) وفقدان (5) في كمين نصبته قوات الحركة، وبعد ذلك الخرق طالب رئيس الجمهورية بعدم استمرار خروقات الحركة الشعبية وطالبهم بسحب القوة التي تتبع للحركة ولم يحدث شيء علي أرض الواقع، وفي 7 مايو جلس الطرفان في (كادقلي) مرة أخرى لتنفيذ الاتفاقية، الا أن رئيس إدارية أبيي اعترض على سحب القوات، وبعدها قام رئيس الجمهورية بالتوجيه بسحب القوة المشتركة السودانية التي تتبع للجيش السوداني من أبيي بغرض تجنيب البلاد المواجهات وحل القضية عن طريق الحوار، وأضاف الدرديري قائلا: بعد أن توجهت القوة شمال منطقة (دكرة) وخلال انسحابها نحو الشمال تعرضت لهجوم سافر من قبل الجيش الشعبي وكان ذلك بحضور قوات الاممالمتحدة، وأردف: في ظل هذه الاحداث قرر الجيش السوداني أن يرد ويتولى المهمة وتحركت القوات المسلحة في مايو وأكملت مهمتها في 21 مايو وأجلت قوات الحركة الشعبية من المنطقة تماماً. الدرديري أضاف ان الهدف من دخول القوات المسلحة لمنطقة أبيي جاء لاجلاء القوة التي تتبع للحركة الشعبية وليس خرقا لاتفاقية السلام وليس بسبب الحرب أو احتلال الارض التي اعتبرها في الاصل أرضاً للمسيرية، وأبان ان ما يقوم به الجيش السوداني هو تنفيذ لاتفاقية السلام التي نصت على وجود قوات مشتركة متفق عليها، وأضاف أنهم أخبروا وفد مجلس الأمن بأن القوات المسلحة لم تنسحب من منطقة أبيي لتركها للحركة الشعبية، ومضى قائلاً: طالبنا وفد مجلس الامن بأن تنسحب قوات الحركة الشعبية جنوب بحر العرب وأن ينسحب الجيش السوداني شمال بحر العرب بشرط أن يتم الاتفاق على قوات مشتركة وترتيبات أمنية، وزاد: اذا لم يتم ذلك فلن تنسحب القوات المسلحة الي شمال بحر العرب، مشيرا الى أن الولاياتالمتحدةالامريكية طالبت الجيش بالانسحاب، وبدوره أكد رفضه للانسحاب من المنطقة، مؤكدا التزامهم بالدخول في حوار مع الحركة تحت رعاية امبيكي بغرض تنفيذ الاتفاقية وبرتكول أبيي ووضعها النهائي، موضحا أنهم لم ينقضوا أي عهد ولا يريدون فرض وضع جديد في المنطقة، مشددا على ضرورة تكوين ادارة مدنية للمنطقة بعد الترتيبات الامنية لتتولى ادارة المنطقة، مؤكدا رفضهم إدارة أبيي بادارة عسكرية وزاد: بل نريد ادارتها مدنيا. الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني د. الحاج آدم يوسف اعتبر في حديثه خلال المنبر ان منطقة أبيي ظلت محور خلاف بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية رغم النصوص التي وردت في البرتكول الخاص بالمنطقة والمفاوضات التي لحقتها، مشيرا الى أن هناك اصرارا من قيادات الحركة على تصعيد القضية، مؤكدا ان الوضع في المنطقة سيظل على ما هو عليه الى أن يصل الطرفان الى اتفاق، فضلا عن انه ستظل هناك قوات مشتركة في أبيي الى أن يتوصل الطرفان الى اتفاقية، مؤكدا التزامهم بخيار الاستفتاء، مشيرا الى أن رفض الحركة لتصويت المسيرية في الاستفتاء كان بسبب رفض بعض أبناء أبيي في الحركة الشعبية، مبينا ان أغلب القيادات الفاعلة في الحركة هم من أبناء أبيي لذلك يريدون تبعيتها الى الجنوب، موضحا ان الحركة الشعبية أقدمت على سيطرتها على منطقة أبيي وان رئيس الادارية جاء بقوات تتبع للحركة الشعبية في المنطقة ظلت تقوم بدورها باعتداءات متكررة على المواطنين والقوات المسلحة. قرار دخول الجيش السوداني لمنطقة أبيي - بحسب الحاج آدم - هو أقل قرار يمكن أن تتخذه القوات المسلحة، مبينا ان الحكومة التزمت بما نص عليه الاتفاق وهي لم تتخطى بحر العرب جنوبا، مؤكدا أنه سيظل الوضع هكذا الى أن يصل الطرفان الى اتفاق، وأشار الى أن الذي حدث بالمنطقة سيعجل ويؤدي الى حل قضية أبيي، مطالبا الحركة الشعبية أن تفي بالتزاماتها تجاه برتكول أبيي وأن تضبط منسوبيها، قبل أن يؤكد على ان أبيي ستبقى شمالية الى حين أن يتفق الطرفان اتفاق جديد، وأبان أنهم لا يرغبون في العودة الى الحرب وملتزمون باتفاقية السلام الشامل وبرتكول أبيي، واعتبر الذي حدث هو ردة فعل لما حدث من الحركة الشعبية، وزاد: لا ندعوا الى التصعيد وستبقى الحركة الشعبية جنوب بحر العرب والجيش السوداني شمال بحر العرب الى أن يصل الطرفان الى اتفاق، مشيرا الى أن هناك آلية لحل قضية أبيي بقيادة امبيكي، مؤكدا رفضهم التدخلات الخارجية في قضية أبيي، مشيرا الى أن حل واعفاء الادارية جاء للحفاظ على أمن المواطنين، وأضاف: هنالك تآمر تجاه السودان وانحياز لجانب الحركة الشعبية، وزاد قائلا: نحن نرفض تدخل الاممالمتحدة بالفصل السابع لاعتبار ان الذي حدث هو شأن داخلي ولا يوجد مبرر لدخولها بالفصل السابع، موضحا ان القوات المسلحة في حالة استعداد بالمنطقة وتتوقع الرد من قبل الجيش الشعبي، مبينا أنه لا يوجد مبرر للجيش الشعبي أن ينتشر شمال بحر العرب، وأكد عدم سحبهم للقوات المسلحة من أبيي بخلاف تكوين قوات مشتركة متفق عليها في المنطقة، وأضاف: اذا أعلنت الحركة أبيي جنوبية فإننا سنعلن ان أبيي شمالية، مؤكدا التزامهم بتكوين ادارية جديدة باتفاق الطرفين وبشرط أن يسبقه اتفاق على ترتيبات أمنية وقوات مشتركة بين الطرفين، وأوضح يوسف ان اتفاقية كادوقلي جاءت لوجود القوات غير المبررة التي تتبع للحركة الشعبية في أبيي، وأضاف أن الذي حدث في أبيي لا يعتبر حربا وانما هو حدث منفرد والجيش رد عليه بقوة، وأردف: ان الذي حدث هو من صميم اتفاق السلام، وقال: اذا تطورت الاوضاع في أبيي وحدثت حرب ستسقط اتفاقية السلام الشامل، ومضى قائلا: (اذا الحركة الشعبية استمرت في الاعتداءات الامنية من حق دولة الشمال أن لا تعترف بدولة الجنوب)، محملا مسؤولية الذي حدث في أبيي الى قيادة الحركة الشعبية، مطالبا رئيس الجمهورية والقوات المسلحة أن لا يتكرر الذي حدث في أبيي في جنوب كردفان والنيل الازرق لوجود قوات غير شرعية في هذه المناطق. ومن جانبه قال عضو البرلمان د. حسين حمدي ان منطقة أبيي تاريخيا هي جزء من ريفي المسيرية منذ الاستعمار، وأضاف: بحسب حدود 1956م ان حدود منطقة أبيي تمتد (47) كيلومتر جنوب بحر العرب، مبينا ان الذي يقوم به الجيش هو ليس تعديا وانما حفاظ للسيادة الوطنية، موضحا ان أبيي تاريخيا هي دار للمسيرية منذ عام 1800م وان الدينكا جاءوا الى المنطقة نازحين وكانوا جزءا من نظارة المسيرية، مؤكدا أنه لا توجد مناطق ضمت للشمال في عام 1905م، مشيرا إلى ان الحركة الشعبية ليس لها التزام سياسي وانضباط عسكري، متهما إياها بأنها ظلت تفتعل القضايا وتتراجع عن التزاماتها، مبينا ان الذي حدث في أبيي هو بغرض احراج القيادة السياسية والعسكرية للحركة لفشلها في ضم أبيي للجنوب. وعدد حمدي الخروقات التي ارتكبتها الحركة الشعبية رغم التزام المسيرية باتفاق (كادوقلي)، مبينا ان الحل السياسي للقضية يتطلب رؤية واضحة للحل من قبل الحركة الشعبية ومنهجا لادارة الحوار والتفاوض، وأن لا تتراجع عن اتفاقاتها وتجنيب الشمال والجنوب الحرب، وطالبها بالسيطرة على أفرادها لتعجيل الحل السياسي، موضحا ان الحل الاجتماعي يحتاج لموقف من الحركة الشعبية بتركها الوصايا على دينكا نقوك والابتعاد من القوى الخارجية، وأضاف ان الواقع هو ان الجيش والمسيرية داخل أبيي، وان أي انتشار للقوات في المنطقة لا علاقة له بحركة المسيرية، مشيرا الى ان المسيرية لن يعلنوا الحرب من جانبهم معتبرا الذي حدث هو نتيجة فعل ورد فعل وان المسيرية لم يكونوا جزءا من الاحداث الاخيرة، متهما الحركة بأنها أقامت معسكرات في (الدبب والقرنتي والحجيرات وأم بلائل ودبة مكير)، الأمر الذي اعتبره خرقا لاتفاقية السلام الشامل، وقال ان الهجوم الذي تعرض له الجيش السوداني والقوات المشتركة تم بتدبير وترتيب تام من قبل رئيس ادارية أبيي، مؤكدا أنهم لم يسمحوا بضم أبيي الي الجنوب. ومن جهته ربط الكاتب الصحفي اسحق أحمد فضل الله الاحداث بزيارة وفد مجلس الامن الذي تزامن مع الاحداث، وأبان ان الذي حدث جاء بسبب فشل أبناء أبيي في تضمين أبيي في دستور الجنوب وقيام استفتائها، متهما الحركة بأنها تريد التدخل الاجنبي في المنطقة لذلك قامت بهذه الاحداث، مشيرا الي أن هناك عددا من قيادات الحركة كانت تريد أن تقوم الاحداث كي يحدث التدخل الاجنبي، منبها إلى ان المعركة في أبيي تتطلب دعم الحكومة للمنشقين عن الحركة بمثل ما تفعل الحركة بدعمها لحركات دارفور المتمردة.. إذن بعد الحديث الذي ذكره هؤلاء المتحدثون بجانب تحفظ الحركة الشعبية على مجمل الاحداث التي دارت بالمنطقة، تبقى كل السيناريوهات متوقعة بشأن تطورات قضية أبيي