مركز شباب الربيع بأمدرمان، لعل القارئ لهذه اللافتة يظنُّ أن هذه التسمية منسوبة للربيع ذلك الفصل الجميل المرتبط بالرومانسية، بيد أن دلالة الاسم الحقيقية تتناقض تمامًا مع الربيع وعطره وزهوره الجميلة إلى عالم التضحيات والدماء التي أُريقت في سبيل إعلاء الدين بواسطة مجاهدي المهدية البواسل خاصةً ذاك البطل الذي يسمَّى العريفي الربيع محمد الذي سُمِّي باسمه ميدان الربيع، أي مركز شباب الربيع، الكائن بأمدرمان تخليدًا لذكراه الخالدة التي مازالت تخلد بطولاته وذكراه. من هو الربيع؟ العريفي الربيع محمد أحد أمراء المهدية وُلد بغرب السودان بدار التعايشة، أي من قبيلة التعايشة، موطنه الأصلي سنجة «الرماش»، كان قائد ربع الملازمين، وكان عدد المقاتلين تحت لوائه «1850» وخيوله «270» وبنادقه «1236» وذلك حسب تقرير المخابرات البريطانية عن معركة كرري، ويُعتبر العريفي الربيع الحرس الخاص للخليفة في المعركة التي كان مسرحها ميدان الربيع حاليًا، إضافة لذلك فإنه من الأربعة أرباب الذين يقومون بحراسة الخليفة أثناء المعركة، وبعد انتهاء معركة كرري أراد الخليفة الانسحاب وكان العريفي الربيع من ضمن «الاربعة أرباب» الذين قاموا بتأمين الخليفة عند خروجه من المنطقة، ومن ثم أُصيب جواد العريفي الربيع مما جعله يواصل القتال مستخدمًا قدميه الشيء الذي جعل أسره أمرًا سهلاً للإنجليز حيث قاموا بأسره ومعه آخرون في «ساحة ميدان الربيع» حيث تم إعدامه بذات المنطقة نسبةً لأوامر سلاطين باشا، فدُفن وآخرون من الأمراء من بينهم مقاتل حبشي يُسمّى رابح الحبشي، كذلك أُسر ابنه محمود وتم اقتياده وسُجن برشيد بمصر آنذاك، علمًا بأن للعريفي الربيع ثلاثة من الأبناء أحمد ومحمد من أم وأب، أما محمود فأخوهم من أبيهم العريفي، إضافة لذلك فللعريفي أخ واحد يسمى محمد المعروف الربيع، وقد أفادنا بهذه المعلومات القيِّمة حفيدُه العميد معاش الفاضل صالح حامد الذي يقطن بالعباسية. الجهد الشعبي ومنذ تلك الموقعة التي حدثت بتاريخ «1898م» أصبح الميدان ساحة كحديقة وفي عهد الرئيس النميري تم بناء تلك الساحة وتسويرها بالجهد الشعبي ومن ثم بدأت تتطور ومنذ ذلك العهد تمت تسمية الميدان بميدان «الربيع» وقد أصبح قبلة لجميع شباب أم درمان، ويضم المركز حاليًا مسجدًا وقسم شرطة إضافة لميدان لممارسة الكرة بجانب كل المناشط سواء كانت رياضية أو ثقافية أو غيرها، كذلك به معاهد لتعليم الخياطة والتدبير المنزلي وتدريس علوم الحاسوب والتمريض بجانب رياض أطفال ومسرح وغيرها من الأشياء علمًا بأن أول مضمار لألعاب القوى أُقيم بميدان الربيع بجانب الدورات المدرسية التى كانت تُقام فيه. قرار غير صائب وعند سؤالنا لأحفاد العريفي الربيع محمد عن قرار السيد وزير الشباب والرياضة بولاية الخرطوم الطيب حسن بدوي الذي أعلن في حفل تأبين الراحل الفنان زيدان إبراهيم استبدال اسم ميدان الربيع باسم ميدان زيدان، استنكروا ذلك القرار بشدة واعتبروه جائرًا لأنه يتجاهل الدور التاريخي الذي قام به الأمير العريفي الربيع حيث ضحَّى بدمائه فداءً للدين والوطن.