أجواء من الصراحة والتفاؤل طغت على الاجتماع الأول لوزير المجلس الأعلى للاستثمار د. مصطفى عثمان إسماعيل، بعد توليه المنصب الجديد، وهو يلتقي قيادة كسلا بولايتهم التي حزم واليها، محمد يوسف آدم، وطاقم حكومته أمتعتهم في اتجاه «التاكا» و«توتيل» ونهر القاش ومناطق أخرى لا تنقصها الروعة والجمال بحثًا عن ألق يزيد الولاية المخضرّة بهاءً ونضرة، الاجتماع خُصِّص لعرض أهم المشروعات السياحية والاستثمارية الأخرى التي يجري فيها العمل وسُلِّم بعضها لمستثمرين محليين وأجانب إضافة إلى النقاش حول الفرص الاستثمارية التي تزخر بها الولاية في المجالات المختلفة «سياحية، زراعية، صناعية» وغيرها والوقوف على أهم العقبات التي تواجه الولاية للمضي في هذا العمل، وحينما قال وزير الاستثمار إن «ولاية كسلا جاذبة جدًا للاستثمار»، تأكد للحضور أن اختيار ولاية كسلا لتكون نقطة للانطلاق في تشجيع الاستثمار بالبلاد، لما تتمتع به من مزايا يندر توفرها في الولايات الأخرى «الماء، الأرض، الأماكن السياحية والتراث الحضاري والتنوع الثقافي القديم، الموقع الجغرافي الذي يجعل منها مركزًا للتسوق يمد أسواق الولايات المجاورة بالسلع والخدمات وكذلك دول الجوار، الطريق القاري الذي يربطها مباشرة بدولة إريتريا والطريق القومي، الخرطومبورتسودان، المار بها والذي يجعلها أقرب ولايات السودان لموانئ التصدير، مطار بمعايير عالمية لحركة الطيران بحاضرة الولاية، المصارف والبنوك، كهرباء الشبكة القومية والاتصالات، ثروات في باطن الأرض» ومزايا تفضيلية أخرى كشفت عنها المداولات التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات وشهدت عرضًا لمشروعات كبرى على شاشات كمبيوترية وُضعت بعناية فائقة على طاولة الاجتماع الذي حضره لفيف من القيادات بينهم وزير الاستثمار بالولاية الذي تم توجيهه من قبل الوزير الاتحادي بضرورة التنسيق مع الجهاز المركزي للاستثمار لتذليل كل المعوقات التي يمكن أن تعيق العملية الاستثمارية وتحبسها عن الوصول إلى أهدافها التنموية التي تضمنها قانون الاستثمار بالولاية للعام «2011م»، وبدا واضحًا من حديث وزير الاستثمار الاتحادي، أن عملية التنسيق هذه هدفها حماية المستثمر لتلافي التداخل في الاختصاصات بين بعض الجهات الرسمية المتعددة التي أشار إليها خلال حديثه عن ضرورة ربط المركز بالولايات لتلافي مثل هذه التعقيدات وتسهيل مهمة متابعة الإجراءات الاستثمارية لتمضي إلى نهايتها بصورة سلسة. لم أحسب أن أحدًا تفاجأ أكثر مني حينما أشار الوزير إلى عدم معرفتهم بعدد المستثمرين في البلاد، لجهة أن هناك جهات رسمية ليست على صلة مباشرة بالجهة المعنية بأمر الاستثمار وتقوم بالتصديق على بعض المشروعات الاستثمارية، وأشار إلى عزمهم على ربط الوزارات الولائية بشبكة معلومات لتسهيل المتابعة موضحًا أن عملية التصديق للمستثمر تتوقف على المساحات الشاغرة التي يحددها الوزراء المعنيون بالولايات، وفي إطار حديثه عن المميزات الاستثمارية لولاية كسلا، طالب، مصطفى، بضرورة تحويل الإنتاج الزراعي بالولاية إلى قيمة مضافة، وتوقع أن يغطي إنتاج الولاية من الخضر والفواكه احتياجات أوروبا في حال عمل دراسة شاملة حول القضية، وكشف عن سعي الوزارة لوضع خارطة طريق مناسبة جدًا للاستثمار في السودان للمرحلة المقبلة تسبقها عدة ورش عمل ومؤتمر قومي للاستثمار يشارك فيه كل المهتمين من داخل البلاد وخارجها. وخلال زيارتي الأولى لكسلا لم أترك لنفسي مساحة للبحث عن الأماكن التي تجذب الاستثمار السياحي بسبب الغرض الذي أتيت من أجله حيث أتيت للراحة والاستجمام في إجازة قصيرة، إلا أن الزيارة الثانية للولاية بمعية وفد الاسثمار الاتحادي نهاية الأسبوع المنصرم، أضافت إلى ذاكرتي أبعادًا جمالية جديدة لمناطق سياحية أخرى لم تقل روعة عن التي حفظتها الذاكرة وذلك بعد الجولة الخاطفة التي نظمتها الولاية للوفد القادم من الخرطوم والذي ضم إلى جانب الزميلة الصحفية المصرية المعروفة، صباح موسى، عددًا من الزملاء والخبراء الأجانب في مجال الاستثمار، زرنا خلالها مناطق سياحية أهمها منطقة الرميلة المحاذية لنهر القربة ذات الطبيعة والألق والخضرة الدائمة، جبال التاكا وتوتيل، ومشروعات استثمارية صناعية وزراعية.. وزير الاستثمار بالولاية أوضح خلال التنوير أن العمل في تلك المشروعات يسير في تقدم ملحوظ، مشيرًا إلى شحن معدات العمل واكتمال التصديقات وتسليم الأرض للمستثمر والإعفاءات، في منتجع «الرميلة السياحي»، مسلخ لوتاه الذي وضع حجر الأساس له بجانب اكتمال البنيات التحتية للمشروع، ومستودعات الصناعات، ومصنع أسمنت مامان، فندق خمسة نجوم يحتوي على «8» طوابق و«120» غرفة و«6» أجنحة فخمة ومطاعم وصالات رياضية وصوالين حلاقة ومسبح، مشروع «التلفريك» لعرض التراث الحضاري والتنوع الثقافي للمنطقة بجبال التاكا ذات الشهرة العالمية، قرية الصادرات البستانية في مرحلة الإعداد وسلمت لمستثمر سعودي. وحتى الموعد الذي ضربته حكومة الولاية لتنفيذ تلك المشروعات التي يتوقع منها تغيير معالم الولاية، يبقى الرهان قائمًا على نجاح التجربة طالما أن «الشمس تشرق منها».