منتصف نوفمبر القادم موعد استثنائي للمؤتمر القومي الثامن للحركة الإسلامية السودانية، وبين هذه المساحة الزمانية الفاصلة تمور الحركة الإسلامية على مستوى القطاعات والولايات بمؤتمراتها القاعدية التي تدفع من خلالها برؤيتها الخاصة فضلاً عن عمليات التصعيد لعضوية المؤتمر العام، في هذا الإطار انطلق أمس الأول مؤتمر قطاع المرأة بالحركة برعاية الأمين العام للحركة الأسلامية، علي عثمان محمد طه الذي خاطب المؤتمر من على المنصة التي اختارها طه ليبث طائفة من الرسائل القوية لبني جلدته في الحركة وللآخرين، مستهلاً حديثه بالنظر في حيثيات التساؤل عن المطروح عن: أين هي الحركة الإسلامية بعد عقدين من الزمان؟ ليفصل القول بأن مشروع الحركة في السودان يلتف حوله ويناصره كل التنظيمات والأحزاب التي تقوم على ركيزة الإسلام وكذا الفئات التي لا تدين بالإسلام، لأنها ضمنت أن وجودها في ظل الحركة لاينتقص من حقوقها أو وجودها، فعقد المواطنة هو العنصر الذي يؤطر للحقوق والواجبات في الدستور الحالي، وفي الدساتير القادمة، الموضوع الثاني الذي تناوله هو التراجع في بعض مناحي الحركة عبر مسار تطورها التاريخي، وفسر ذلك بقوله إن قيام الحركة جاء لسد الثغرة في ما سبقها من جهود الكيانات التي تتخذ الإسلام قوة دفع لها في العمل العام، أما في المرحلة التي أعقبت الاستقلال فقد اتسع المجال أمام التيارات الليبرالية واليسارية، التي عمدت لإقصاء الإسلام، وحصره في خانة الشعائر والعبادات، لذا فإن تركيزها انصب على سد ثغرة ضعف وجود الإسلام في المراحل السياسية السابقة، ومن هذا الجانب اكتسبت الحركة تأثيرها المحلي والقطري والدولي، خاصة عقب توليها لمقاليد الحكم في 1989م، ويبدو طه مهتما بانفتاح الحركة على الكيانات المشابهة بقوله إن مؤتمراتهم ليست قصرًا على الإصلاح والتجويد فحسب، بل هي مشاعة ومفتوحة لكل القوى السياسية والاجتماعية ولأهل السودان قاطبة، ذلك أن قيادات الحركة سواء أصابت أو أخطأت في اجتهاداتها تؤثر على حياة كل أهل السودان، وذهب إلى أبعد من ذلك بقوله إن تجربة الحركة واجتهادها يتجاوز القطرية ليصب في محيط التجربة الإسلامية، خاصة وأننا نشهد اندفاعا واسعاً لتجديد دور الإسلام في أقطار الأمة الإسلامية، في إشارة منه لمخرجات الانتخابات في دول الربيع العربي, وتطرق لضروة التفات العالم الإسلامي للتأهيل والتطوير لمواجهة الغرب مسمياً الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ما إن فرغ من حربه مع الاتحاد السوفيتي التفت للإسلام باعتباره العدو المباشر له، في عودته لمؤتمرات الحركة أوضح طه أن تناولهم للأوراق التي ستناقش فيها لن تكون للبصم والتمرير بل ستؤخذ مأخذ الجد للخروج منها بتوصيات يدفع بها للمؤتمر العام، واعترف طه بوجود نقاط إخفاق في تجربتهم لكونها بشرية ولأنها غير مسبوقة في تاريخها المحلي، وذلك مدعاة لإعمال الفكر بغية التصحيح ودفعها للأمام، ودعا لطرح القضايا والموضوعات بجرأة في المؤتمرات للوصول إلى شورى حقيقية تحتمل الرأي الآخر ولا تضيق به، حتى لا تكون شورى صورية، وفي دفاعه عن الحركة أكد أنهم لم يبدلوا عهدهم، مشيرًا إلى ما وصفه بالهمز واللمز بشأن سلوك ومواقف البعض منهم، وبدأ طه مشغولاً بالتقاطعات المختلفة التي تمت إثارتها بشأن وجود الحركة وعلاقتها بالحكم والمؤتمر الوطني، فقد شدد على ضرورة وحدة الكلمة واجتماع الصف، وأشار إلى أن تباين وجهات النظر لا يمنع أن الأساس هو التزام الشورى، ونفى ما يتردد من انفراط عقد الحركة، وطالب الجميع بتكذيب ظنونهم، وتطرق طه لسلطة شورى الحركة والمؤتمر العام، مشيرًا إلى أن الشورى تملك سلطة المؤتمر العام المستمدة من الدستور ما عدا المادة المتعلقة بحل الحركة فهي من سلطة المؤتمر العام، وتطرّق بوضوح لقضية تغيير القيادات وعدم تكريس السلطات، وشدد على تنزل منزلتها في النظام الأساسي، وأكد بأنه لا مجال للتجديد لأمين عام حظي بدورتين، بما فيهم المتحدث ويعني شخصه الذي نال دورتين في منصبه كأمين عام للحركة الإسلامية، وتبدو أن شمال دارفور والنيل الأبيض معنية أكثر من غيرها بهذا الحديث فالأولى جدد عهد الأمانة للمرة الثالثة للوالي محمد عثمان كبر ومحاولة الثانية التجديد للمرة الثالثة للأمين السابق صلاح الدين الهادي رغم رفض شباب الحركة بالولاية لذلك، مؤكدا عزمهم على التجديد وعلى الدفع بأجيال جديدة لقيادة الحركة تمهيدًا لقيادة الحزب والدولة، مضيفاً«أما نحن فنجلس في مجالس الشيوخ لبذل النصح وتقديم التجربة». من جانبها بعثت أمين أمانة المرأة إنتصار أبو ناجمة بعدة رسائل منها تطلعهم لدستور على غرار دستور المدينة، لتثبيت الحقوق وتأسيس الشراكة، وصولاً للرضا والاستدامة المطلوبين، وتعزيز السلام مع دولة جنوب السودان، وبثت آمالها في تحقيق الرفاه للمرأة التي ضحت بالزوج والابن في سبيل السلام بغية تمكينها من تقديم الأسرة المثال على جميع المستويات.