كثيراً ما تطالعنا الصحف والقنوات الفضائية بمصطلح جديد بدأ يغزو عالم الشباب ووجد ترحيباً من الأسر والحكومات والمؤسسات التعليمية، وهو مصطلح المدرسة الذكية التي عرفت باسم اسمارت اسكول، ولكن هناك تساؤلات واستفهامات كثيرة عن مغزى هذه المدرسة وما هو الشيء الذي يميزها عن غيرها من بقية المدارس، فما معنى المدرسة الذكية والجديد الذي تقدمه؟ وما هي الفلسفة التي تقوم عليها هذه المدرسة التي اتصفت بالذكاء والصورة التي تريدها لخريجيها؟ ولاقت هذه الفكرة رواجاً في معظم دول العالم المتخلفة بعد تجربتها في ماليزيا صاحبة الفكرة. وجاءت كلمة المدرسة الذكية نتيجة للترجمة الحرفية لكلمة Smart وهي ليست كلمة قائمة بذاتها، وهي مجموعة من الاختصاصات والتعاريف وأخذت من كل كلمة حرفاً وهي: يمكن قيامها specific ممكن التحقيق Measurable محددة بترتيب Achievable زمني معين Timed وإذا جمعت بداية هذه الاختصاصات صارت كلمة Smart وهذه مشكلة الترجمة الحرفية مما يوقع الكثيرين في أخطاء شائعة، ومعنى هذا أنها تحمل مواصفات معينة يجب توافرها في مثل هذا النوع من المدارس، وكلمة ذكاء في اللغة الإنجليزية تعني كلمة Intelligence وقد جاءت الترجمة نتيجة أن أفضل ترجمة لكلمة Smart هي ذكية، ومن هنا ظللنا فترة من الزمن نسمع عن الأسلحة الذكية والأهداف الذكية والقنابل الذكية إلى آخر هذه الأسماء. وظهرت فكرة مفهوم المدرسة الذكية باعتبارها صيغة لتطوير التعليم العام الذي يهدف إلى خلق مجتمع متكامل ومتجانس من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمدرسة، إلى جانب ربط المدارس ببعضها على تكنولوجيا المعلومات لتحديث العملية التعليمية، حتى تضمن تخريج جيل معافى يشرب من حوض التكنولوجيا الحديثة بمفاهيم ومعايير مختلفة عن بقية المدارس، فهي مدرسة تتميز بالأداء العالي في العملية التعليمية من خلال تطبيق مفهوم القيمة الإضافية. والمدرسة عالية الأداء عند مفهوم البروفيسور بيتر موتديمور مدير معهد التربية بجامعة لندن هي المدرسة التي يحقق فيها الطلاب تقدماً يفوق ما يمكن توقعه، وتتميز بتبادل المعلومات بينها وبين المجتمع المحيط بها، وبذلك تعني المدرسة ال Smart ثورة في التعليم وشخصية الفرد ومحاولة الاستفادة من الذكاء المتعدد للتلاميذ، ولعل أكبر شاهد عيان في العالم على نجاح المدرسة الذكية تلك التجربة التي قامت بها دولة ماليزيا في إنشاء عدد من المدارس الذكية التي كان ثمارها أن صعدت ماليزيا فجأة من دولة نامية على مصاف الدول الصناعية الكبرى، وكانت المدارس الذكية هي أداتها في تحقيق هذا الحلم، وأصبحت رائدة المدرسة الذكية، وبدأت الدول تبعث وفودها ومناديبها للوقوف على التجربة الماليزية والاستفادة من فكرة المدارس الذكية، وظلت ماليزيا تقيم كل عام مهرجانات للطلاب الأذكياء من كل دول العالم، وقد فاز السودان في عدة مرات بهذه المهرجانات العلمية. وهذه المدارس تعتمد على تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع بشتى جوانبها، سواء من الناحية الإدارية كعملية حضور وغياب التلاميذ التي يتم رصدها من خلال الكمبيوتر، أو من خلال درجاتهم الشهرية. ويمكن لأولياء الأمور متابعة مستوى أبنائهم من خلال الانترنت الخاص بالمدرسة دون الحاجة للذهاب للمدرسة، وكذلك مكتبة المدرسة مكتبة إلكترونية، ويمكن من خلالها الدخول في شبكة الانترنت والحصول على المعلومات التي تحتاج إليها، وهناك شبكة داخلية للمدرسة يتم خلالها ربط كل ما يدور بالمدرسة، وبإمكان مدير المدرسة من خلال جهاز الكمبيوتر متابعة سير الدراسة طيلة نهار اليوم، ومن المزايا الفلسفية لهذه المدارس تطوير مهارات وفكر الطلاب من خلال البحث عن المعلومات، إلى جانب تقديم دراسات وأنشطة جديدة وتصميم مواقع للانترنت، ومن أهم الميزات تطوير مفاهيم المدرسين بالطريقة العلمية الحديثة في شرح المواد عبر الكمبيوتر لتقليل الوقت والجهد، ويستفيد الطلاب من إقامة اتصال دائم بين المدارس بعضها ببعض لتبادل المعلومات والأبحاث ودعم المعلومات، وكذلك الاعتماد على الشركات الوطنية المتخصصة في توريد الأجهزة والمعدات والدعم الفني للمدارس الذكية. والسودان أكثر الدول تأهيلاً لهذه المدارس لتفوقه في العديد من المسابقات العلمية، وهذه فرصة سانحة للشركات الرأسمالية الوطنية لاقتحام هذا المجال وبناء عدد كبير من المدارس الذكية ذات العائد العالي، وأناشد صديقي أحمد بشير النفيدي وهو خريج جامعة لوس انجلوس، وهو أدرى بقيمة هذه المدارس، أن يبادر ببناء مدرسة ذكية باعتبارها خطوة أولى في مجال التعليم، للاستفادة من مزايا هذه المدارس لدعم الرأسمالية الوطنية بموظفين مؤهلين على مستوى العالم في شتى المجالات.