ظلت مشكلات الصحة والعلاج في مختلف التخصصات بولاية جنوب دارفور تشكل هاجسًا للجميع وأصبحت تلك المشكلات لا تخفى حتى على الإنسان العادي وهي معلومة لمن يعملون في الحقل الصحي وتأتي مشكلات الأدوية متصدرة للقضايا الصحية العالقة بدءًا من صرفها من الطبيب وانتهاءً بالمواطن (المريض) ونتيجة للأخطاء التشخيصية لبعض الأطباء بجانب سوء استخدام الأدوية بسبب فقد الحلقة التثقيفية بين الطبيب والمريض من المقابلة حتى صرف الدواء وكيفية استخدامه، كثيرٌ من المرضى وحسب متابعاتنا خلال السنوات الماضية عملت لهم عمليات غسيل معدة بالخرطوم لتداول الأدوية الخاطئة، كما أن هنالك عددًا من المواطنين يفضلون الطبيب الذي يكتب لهم أدوية كثيرة ظنًا منهم أنها أفضل لجهلهم بالثقافة الدوائية مما دفع القائمين بأمر الصحة بالتفكير الجاد والعلمي لتدارك تلك المشكلات الصحية وتحسين الوضع إلى الأفضل فكانت ورشة التوعية الدوائية لمقدمي الخدمة الطبية والاستخدام الرشيد للدواء التي نظمتها الإدارة التنفيذية للتأمين الصحي بالتعاون مع اتحاد الصيادلة بالولاية الأسبوع الماضي بنيالا بغرض وضع المعالجات الجذرية لمشكلات الصحة، ودعا والي جنوب دارفور حماد إسماعيل حماد خلال مخاطبته فاتحة أعمال الورشة القائمين بأمر تقديم الخدمات الطبية بالولاية بضرورة إعطاء المرضى ولو قليلاً من الثقافية الصحية بجانب الأدوية تفاديًا للمشكلات الناتجة عن الوصفة الطبية، سيما وأن هنالك الكثير من المواطنين نتيجة لجهل بعضهم للتثقيف يفضلون الطبيب الذي يكتب لهم أدوية كثيرة، وقال إن مثل هذه الورش من شأنها الإسهام في معالجة العديد من المشكلات الطبية العالقة بالولاية وتابع: (لا بد أن يكون لدينا سلوك جيِّد في تعاملنا مع الأدوية وهناك شح في إعطاء المعلومة المفيدة للمريض والتي هي في الأصل مكملة للعلاج)، من جانبه أشار المدير التنفيذي للتأمين الصحي د. حاتم آدم ناجي إلى أن الورشة تأتي في إطار السياسات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة بغرض تبصير مقدمي الخدمة بأهمية ضبط صرف الدواء والاستخدام الأمثل له، لافتًا إلى أنهم في جنوب دارفور في أمس الحاجة لتلك الخطوة لوجود العديد من الأخطاء، وأضاف ناجي أن الورشة استهدفت الاختصاصيين ونوابهم والأطباء العموميين والامتياز وأطباء الأسنان والصيادلة وأن مخرجاتها ستنفذ فورًا حتى تكون بداية الانطلاقة نحو تصحيح المسار الصحي، أما رئيس اتحاد الصيادلة د. آدم محمد أحمداي فقد أشار في خطابه للجلسة الافتتاحية إلى أن البلاد والولاية بصفة خاصة تعاني من مشكلات عميقة في مجال الصحة والعلاج في مختلف التخصصات والمجالات الموجودة بالحقل الصحي وهي مشكلات لا تخفى على الإنسان العادي ومعلومة بالضرورة لمن يعملون بالحقل، مبينًا أن هذه المشكلات ظلت تؤثر وبصورة واضحة في صحة الإنسان والحيوان وفي الاقتصاد الوطني والقومي من خلال إهدار الموارد في التكلفة العلاجية الباهظة وهجرة المرضى للخارج بحثًا عن العلاج بعيدًا عن السودان ومن خلال اللجوء إلى خيارات علاجية غير علمية وغير صحيحة، وأضاف أن واحدة من أهم المشكلات التي تواجههم هي المشكلات الناتجة عن الوصفة الطبية منذ تحريرها مرورًا بصرفها وحتى تناولها، واعتماد الخيارات الذاتية للمرضى في العلاج بالمضادات الجرثومية والعلاج بالمنتجات العشبية وغيرها من الممارسات الخاطئة في استخدامات الأدوية التي أصبحت بمعدلات مرتفعة وبشكل مثير للقلق، وتابع أحمداي: (ما زال من أكبر همومنا في الاتحاد المشكلات المتعلقة باستخدامات الأدوية ولدينا الكثير من المناشط في هذا الجانب أهمها إنشاء مركز للمعلومات الدوائية يهتم بنشر الوعي الدوائي وكيفية استخدامه والحصول عليه كما يعنى بتوفير المعلومات للأطباء والصيادلة عن الأدوية المختلفة المسجلة بالسودان، إذ أن الحصول على المعلومة الآن يعتمد على الجهد الشخصي للطبيب وعلى مناديب شركات الأدوية الذين همهم الأول تسويق الدواء، وفي ولاية طرفية كجنوب دارفور يكون حضور هؤلاء المناديب مكلفًا مما يترتب عليه قصور واضح في تحديث المعلومات عن الأدوية المتاحة)، وطالب أحمداي حكومة الولاية والمؤسسات الصحية بالولاية بدعم مشروع هذا المركز الذي سيقام داخل مستشفى نيالا التعليمي، وخلصت الورشة بتوصيات عدة منها عمل بروتوكول لكل وحدة اختصاصي بالمستشفيات وضرورة متابعة ذلك من قبله مع المحاسبة بالمستشفيات التعليمية مع ضرورة وجود صيدلي سريري، مراجعة وتفعيل ضوابط الوصف والصرف وعمل موجهات قياسية للمضادات الحيوية بمستشفى نيالا، إدخال البروتكول والموجهات العلاجية في المناهج الدراسية بكليات الطب وتقعيل لائحة الترويج الدوائي لشركات الأدوية وتشكيل لجنة لمتابعة توصيات الورشة وتنفيذها، أما بالمستشفيات العامة فأوصت الورشة بالعمل بنظام الاستفادة من تجربة بروف الرشيد أحمد عبد الله فيما يلي استخدام المضادات الحيوية في مجال الجراحة وعمل بحث في مستشفى نيالا بتمويل من الإدارة التنفيذية للتأمين الصحي بجنوب دارفور فضلاً عن تفعيل وتكوين لجان الأدوية والمداواة بالإدارة التنفيذية والمستشفيات والمراكز الطرفية وتدريب الأطباء على تشخيص وعلاج الأمراض الشائعة وإقامة ورشة عن كيفية تطبيق البرتوكولات العلاجية وطبع البرتوكول وتوزيعه على منافذ الخدمة واستخدام التكنولوجيا لربط الريف بالمراكز العلاجية المتطورة عبر شبكة الاتصال مع ضرورة إنشاء مركز معلومات دوائية بالولاية (التأمين الصحي، وزارة الصحة واتحاد الصيادلة) علاوة على تكوين لجنة استشارية من الأطباء الاختصاصيين والنواب لمراجعة وتصحيح وصف وصرف المضادات الحيوية بالولاية، عمومًا وجدت الورشة التفاعل والتجاوب من كافة القائمين بالأمر لقناعتهم بحجم المشكلات الصحية العالقة ولكن يبقى التحدي في كيفية ترجمة تلك التوصيات إلى عمل ملموس يعود بالنفع على المواطن البسيط الذي لا يدري شيئًا عن الأدوية إلا من خلال الطبيب الذي يحتاج هو الآخر لتدريب مستمر لتحقيق السلامة الصحية المتكاملة.