تمشياً مع الإجراءات التقشفية التي أعلنتها الدولة في ظل الأزمة الاقصادية التي يمر بها العالم ويعانيها السودان، يسعى الصندوق القومي للتأمين الصحي لترشيد عملية الصرف على الدواء تخفيفاً للأعباء على المواطن وحفاظاً على الموارد. ومثلما كانت سنار هي بداية انطلاقة خدمة التأمين الصحي يمكنها أن تقود التغيير في كثير من السياسات الخاصة بعمليات صرف الدواء المقتصر على الاختصصايين فقط، مراعاة لمعاناة المشتركين في الخدمة التأمينية. وحتى يتم تطبيق سياسة التأمين الصحي المتعلقة بشمولية وتجويد وتطوير الخدمات الصحية المقدمة وضمان عدالة توزيعها واستمراريتها بولاية سنار، لا بد من وقفة قوية ومراجعة وتقييم لخدمات التأمين الصحي بالمستشفيات والمراكز التي يفتقر بعضها إلى أبسط الخدمات الطبية، وفي بعضها تتكدس الخدمة، مما يجعل المرضى في حالة زحام وانتظار ممل لمقابلة الطبيب، فمنهم من يحتمل ذلك ومنهم من يتضجر، ومنهم من تسوء حالته الصحية أكثر مما كانت عليه، ومنهم من يحتاج إلى بلسم عاجل لأناته وأوجاعه وآلامه، ومنهم من أسرف في استخدام الدواء بلا فائدة، بل زاد ذلك من آلامه بسبب معاناة البحث عن التشخيص اللازم والعلاج الناجع والصرف الكبير على الدواء وعدم فعاليته. وعقد التأمين الصحي بولاية سنار بالتعاون مع وزارة الصحة وجامعة سنار، ورشةً حول الاستخدام الرشيد للدواء تحت عنوان «روشته رشيدة لعافية أكيدة» بالقاعة الكبرى لمحلية سنار، وتناولت الورشة بإسهاب أهمية الاستخدام الرشيد للأدوية وضرورة فهم الطبيب للمريض فهماً خاصاً، مما يساعد في العلاج، والاستخدام الوقائي للمضادات الحيوية والعواقب والآثار الصحية والاقتصادية نتيجة الجهل في استخدامها في العمليات الجراحية، مستشهدين بالدراسات التي أجريت على عمليات الفتاق والغدة والمرارة والثدي. والي سنار المهندس أحمد عباس قال إن الاتفاق الأخير الموقع بين دولتي السودان وجنوب السودان بأديس أبابا، سينعكس خيراً وبركة على شعبي البلدين، ويحوِّل الحدود إلى تبادل تجاري وعمالي وزراعي ورعوي. وأكد حرص الولاية على أن تقدم المؤسسات الصحية خدمة بصورة لائقة وبمستوى معقول، داعياً إلى إمعان النظر في حقوق المشترك وتوطين الدواء وتقنين الحركة الدائرة للأطباء والاختصاصيين. وقال إننا نقبل المناصحة وندعو العاملين في الحقل الصحي إلى ذلك من أجل المهنة والمواطن، ومن أجل ترقية الخدمة واستقامة الحال. ودعا إلى عقد ورشة حول التأمين الصحي وتوطينه والعلاقة بينه وبين المشترك ووزارة الصحة والحكومة، وذلك لتأطير العلاقات. وزير الصحة دكتور شرف الدين هجو قال إن الاستخدام غير الرشيد للأدوية وعدم فعاليتها يعتبر «أم البلاوي»، وإن أكبر كارثة وأكبر خطأ صرف الدواء بالوصف ومن غير روشتة وغير طبيب، ووجه بكتابة الروشته عبر الطبيب المعني وفقاً للتشخيص الدقيق للمرض وليس بالاجتهاد. ودعا إلى ضرورة الاتفاق على سياسة موحدة وخطاب موحد في ما يختص بعملية صرف واستخدام الدواء، وأن تكون التوصيات خريطة طريق لكل العاملين في الحقل الصحي بسنار. ودعا نائب المدير العام للتأمين الصحي عبد الله حسين الفكي إلى أهمية الاستخدام الرشيد للدواء في سلامة المواطن وحماية موارده من الضياع، قائلاً إن الدواء سم يتجرعه المريض، ويمثل هدراً للموارد في ظل الموارد الشحيحة في السودان والدول النامية، وأوضح أن الخدمات الطبية في السودان سيئة، مشيراً إلى عدم توفر الخدمات الصحية المتكاملة بنسبة 76% من المراكز الموجودة بالسودان، ممّا يمثل عبئاً على التأمين الصحي، وزاد قائلاً إن من المشكلات أيضاً ثبات الاشتراكات في ظل ارتفاع تكلفة الدواء، مؤكداً حرصهم على الانتشار الأفقي للخدمة التأمينية، فيما قال مدير التأمين الصحي بالولاية دكتور عبد الفتاح أحمد عثمان إن الورشة تعتبر بداية حقيقية لإزالة بعض التقاطعات بينهم وبين الجهات ذات الصلة، والتوافق والإجماع على بعض البروتكولات التي يمكن أن تسهم في ترقية وتطوير الخدمة الطبية.