براءة مشاعر تبحث عن بر الأمان.. أم حرمان عاطفي هو سبب تلك الأحاسيس التي تنتاب الفتاة تجاه أستاذها.. فكثيرًا ما نسمع في مجتمع الطالبات عن فتاة تهتم بأستاذ بعينه دون غيره من الأساتذة وغالبًا ما يكون السبب وراء ذلك تفوق الفتاة الأكاديمي مما يحدو الأستاذ إلى الاهتمام بها تشجيعًا لها ليس إلا!! «الإنتباهة» قامت باستطلاع وسط طالبات بعض المدارس الثانوية والجامعات للوقوف على حقيقة ذلك الأمر... كما ختمنا جولتنا برأي علم الاجتماع مع الأستاذة سلافة بسطاوي.. كتبت: سحر من أمام إحدى المدارس بأم درمان وفي نهاية اليوم الدراسي تحيّنت فرصة انتظار ثلاث من الطالبات للمواصلات فدنوت منهن والقيتُ عليهنَّ التحية وحقيقة لم يرددنها بأحسن منها، ورغم ذلك تجاذبتُ معهنَّ أطراف الحديث وعرَّفتهنَّ بنفسي.. حكين لي عن قصة حقيقية تدور فصولها داخل المدرسة البطلة فيها تلميذة بالصف الثاني مع أستاذ بذات المدرسة وهو «ما شغال بيها» على حد تعبيرهنَّ.. س ،ع أمسكت زمام الحديث لتروي لنا القصة قائلة: هي زميلتنا بالصف وقد لاحظنا عليها اهتمامها الزائد بمظهرها في اليوم الذي يصادف في الجدول حصة لذلك الأستاذ فنراها تحرص على غسل وجهها ووضع الطرحة بطريقة معينة هذا غير اهتمامها بكراسة المادة حيث تحرص على تزيينها بالصور الرمزية المعبِّرة وقد نبّهها ذلك الأستاذ مرارًا وتكرارًا لذلك الأمر.. وفي يوم تجرأت تلك التلميذة وقامت بالكتابة بقلم الرصاص على هامش كراستها كتابة تبث فيها حبها لذلك الأستاذ.. فما كان من الأستاذ إلا أن اتصل بولي أمرها.. حقيقة نحن لا ندري ماذا حدث لها، لكن لاحظنا أنها أصبحت أكثر من عادية في حصة ذلك الأستاذ. ضحكت «تهاني» عندما طرحت الموضوع أمامها وقالت أنا لي حكاية في حب التلميذة لأستاذها حيث قالت: كنت أدرس بإحدى مدارس الولايات وكانت الخدمة الوطنية على أوجها فتم انتداب أستاذ من الخرطوم ليقوم بتدريسنا مادة الجغرافيا، وكنا مجموعة من الطالبات لفت نظرنا ذلك الأستاذ بهندامه ونظافته وكنا ننتظر حصته على أحرّ من الجمر ونتنافس في خطب وده، ولكن لم تدم فرحتنا به كثيرًا فسرعان ما تمّ نقله لمدرسة أخرى فما كان مني أنا وزميلتي إلا أن سارعنا بكتابة خطاب شخصي له ومهرناه بتوقيعنا وسلمناه لخفير المدرسة التي يعمل بها ذلك الأستاذ، فما كان من ذلك الأستاذ إلا أن قام بتسليم الخطاب لوكيلة المدرسة التي قامت بدورها بفصلنا أنا وزمليتي لمدة شهر كامل من المدرسة. نوال.. طالبة بإحدى الجامعات قالت: هذه مرحلة ربما نكون مررنا بها كلنا في مرحلة الأساس والثانوي، لكنه حب ينتهي بانتهاء المرحلة الدراسية. الباحثة الاجتماعية سلافة بسطاوي أفادتنا بقولها: حب التلميذة للأستاذ يختلف من مرحلة عمرية لأخرى، فهنالك مرحلة المراهقة وهي المرحلة من الصف السابع حتى الثانوي ثم تأتي المرحلة الجامعية، فلنتحدث في البداية عن المراهقة، ففي هذه المرحلة العمرية تشعر الفتاة بتطورات في نموها العقلي والجسدي والفكري إضافة لنموها العاطفي حيث تدخل عليها عاطفة جديدة فتحاول جذب انتباه الطرف الآخر وعندها لا يكون اختيارها عشوائيًا ولكن تتجه صوب الشخص الذي يتفهم مرحلتها العمرية ويكون قريبًا منها ومتواصلاً معها وهذا الشخص غالبًا ما يكون أستاذها بالصف فهو شخص عنده عطاء واضح ويؤثر في بناء شخصيتها وتطورها العقلي فهو يملأ فراغات كثيرة نسبة لعدم اهتمام الأسر بتلك المرحلة الهامة في حياة الفتاة وانتمائها النفسي والعاطفي فتشعر حينًا بأن ذلك الشخص أي الأستاذ يمكن أن يكون نموذجًا مختلفًا عن أهل بيتها.. فهو من يهتم بنظافتها الشخصية ونشاطها الأكاديمي وسلوكياتها وتصرفاتها فتحس بأنه شخصية مكتملة وعطاؤها واضح بالنسبة لها وهنا لا بد من الإشارة لشيء من الأهمية بمكان وهو المسألة العمرية للأستاذ فإذا كان شابًا تشعر بالتقارب بينهما أما إذا كان كبيرًا في السن فهنا تكمن مشكلة كون الفتاة فاقدة للرعاية الأبوية وتحتاج لشخص لتتواصل معه عاطفيًا ومن ثم أبويًا. أما بالنسبة للمرحلة الجامعية فالفتاة ترى أن الأستاذ الجامعي يختلف نمط سلوكه وحياته من أي شخص آخر وله مفاهيم خاصة به وتكون الفتاة وصلت إلى مرحلة النضج العاطفي، فترى فيه ملامح فارس أحلامها بشكل محدد مركز اجتماعي ثقافي تعليمي ووضع اقتصادي مريح، فتلفت انتباهه من خلال حبها للمادة المبالغ فيه وهذه إسقاطات معينة لحبها للأستاذ.. وتعمل على التقرب منه بأن تحكي له عن مشكلاتها الخاصة فيتعاطف معها وتكون نظرته عامة لكل الطالبات ولكن هي من تحاول فرض اهتمام خاص بها.. والسبب الحقيقي وراء ذلك أن الأسرة لا تهتم بتلك المرحلة من عمر الفتاة فأي ثغرة في البيت تكون دافعًا حقيقيًا لهذه التلميذة كي تنتمي للأستاذ بدافع محدَّد.