قبل أقل من شهر تقريباً، كنا في زيارة لولاية كسلا، فاستوقفنا في الطريق منظر الخضرة الجميلة التي اكتست المكان، وبدأنا نعدد الفوائد التي سوف يجنيها أهل الشرق والسودان بصفة عامة من المحاصيل التي زرعت هذا الموسم مع الخريف العام الذي وصف أنه الأفضل على الإطلاق، وفي تلك الزيارة بدأت أحاديث المدينة تتداول حول مهددات حصاد الموسم، وتتمثل في العديد من العوامل منها ندرة العمالة وعصابات الشفتة التي تشكل خطراً على المشاريع الحدودية مع إثيوبيا، وإن كان بعض الخبراء يرون أن هذه العصابات لا تشكل خطراً كبيراً على موسم الحصاد، إلا أن رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان حذر عبر تصريحات صحفية نشرت في عدد «الإنتباهة» أمس من أثر عمليات تجارة البشر ببعض ولايات الشرق على الموسم الزراعي. وطالب رئيس اللجنة وزارة الدفاع وجهاز الأمن بالتنسيق لتأمين الموسم الزراعي، وقبل تصريحات رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان حول مهددات الموسم الزراعي كان نائب دائرة التضامن الدمازين بالمجلس الوطني ونائب رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان ونائب رئيس اتحاد المزارعين بولاية النيل الأزرق بشير يوسف، قد حذر أيضا من مهددات حصاد الموسم بالولاية، وطالب كذلك بوضع قوة من الدبابين والمجاهدين على الحدود الغربية لولاية النيل الأزرق مع دولة الجنوب لحماية الموسم الزراعي. وقال بشير ل«الإنتباهة» رغم الاستقرار الأمني الذي تشهده الولاية إلا إن هناك بعض التفلتات المقلقة في بوط التي شهدت العديد من الأحداث من قتل ونهب حتى بعد اتفاق أديس أبابا، وأضاف أن حماية الموسم الزراعي يجب أن تكون ضمن أولويات الدولة حتى تتم حماية الموسم الزراعي من تفلتات الحركات المتمردة التي تحاول إفشال الموسم بكل السبل، مشيراً إلى أهم سببين بإمكانهما إفشال هذا الموسم، هما هذه التفلتات، وعدم تحديد مسارات الرعاة، مبدياً تخوفه من عدم تحديد هذه المسارات من قبل حكومة الولاية مما قد يشكل فتنة قبلية لا يحمد عقباها، فيما يرى بعض الاقتصاديين أن الموسم الزراعي لهذا العام بدأت ملامحه واضحة النجاح، وقالوا إنه لا بد من دعم الزراعة بكافة السبل، مشيرين إلى أن مستقبل السودان يتمثل في الزراعة وليس غيرها، واتفق بشير مع هذه الرؤية وطالب إدارة الوقاية الاتحادية بدعم الوقاية الولاية التي لعبت دوراً كبيراً في حماية الموسم الزراعي من الآفات والطيور، مؤكداً توفر العمالة لموسم الحصاد لكنه عاد بالقول إن المهدد الأكبر لهذا الموسم بعد تعديات بوط يتمثل في الدودة التي تعتبر من أكبر مهددات الموسم الزراعي، مطالباً الوقاية الاتحادية أن تدرج هذه الآفة ضمن الآفات القومية خاصة وأنها تقضي على المحصول خلال ثلاثة أيام فقط، فيما اشتكى عدد من مواطني أقدي من تردي الطريق الرابط بين المنطقة والدمازين، فيما يرى بشير خالد أن هذا الطريق يعتبر أمنياً واقتصادياً. وقال إن حكومة الولاية مقصرة جداً في هذا الطريق وكل أرياف الولاية، واتفق مدير عام وزارة الزراعة بالنيل الأزرق المهندس عوض السماني الشيخ، مع بشير في الكثير مما قاله حول نجاح الموسم الزراعي. وقال في هذا العام وفد للولاية الكثير من المزارعين من ولايات الجوار للزراعة في النيل الأزرق، مشيراً إلى زراعة كل مساحات الولاية المخصصة للزراعة التي فاقت ثلاثة ملايين ومائتي ألف فدان، مبيناً أن واحداً من الأشياء التي شجعت على التمرد خلال الفترة الماضية هو قلة المساحة المزروعة في الولاية، وقال: الآن هذه المساحات جعلت الأمن يعم أجزاء كبيرة من الولاية باعتبار وجود تجمعات مزارعين بإمكانهم حماية بعضهم البعض. وذكر أن منطقة الأنقسنا التي تعتبر خطيرة بها زراعة، وأشار عوض أن طريق أقدي ود أبوك سيجد الاهتمام في وقت قريب، لأنه يعتبر من الطرق المهمة من الناحية الاقتصادية والأمنية، ويعتبر استراتيجياً، فيما يرى بعض خبراء الاقتصاد أن ولاية النيل الأزرق إذا وجدت القليل من الاهتمام من قبل جهات الاختصاص، ففي مقدورها تحقيق الأمن الغذائي للسودان بالمحاصيل التي تزرع في الولاية إلى جانب محصول القطن الذي ربما تتفوق فيه النيل الأزرق على الجزيرة، وكذلك هي رؤية نائب رئيس اتحاد المزارعين بشير خالد الذي يبدو مهموماً بالعديد من قضايا الولاية، إن كان على المستوى الاقتصادي أو السياسي خاصة وأنه نائب الدائرة الغربية «3» في البرلمان، ويشغل عدداً من المواقع التي تعتبر ذات أهمية عالية، ويبقى حديث رئيس اللجنة الزراعية ونائبه بالبرلمان هو ما يدور في مجالس المزارعين حول مهددات الموسم الزراعي سواء أكان في شرق السودان أو جنوبه أو في ولاية النيل الأزرق، وضرورة الإسراع في تأمين موسم الحصاد من أجل عوائد مادية كبيرة تعين موازنة الدولة في مقبل الأيام..