عجبت لمن يدعي أنه يسيطر على «80%» من الأرض، ثم يولي الدبر تاركاً الأرض التي يزعم بهتاناً وكفراً أنه يسيطر عليها.. نعم يولي الدبر، لكن ليس متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة.. إنما فاراً من جحيم الحرب التي أشعل نيرانها وما استطاع أن يحتمل لظاها.. إنه المتمرد والهارب مالك عقار.. وقد فرّ كالطريدة تاركاً خلفه جنده وهم في أعقد أوضاعهم، فلا قيادة تأخذ بنواصيهم.. ولا طعام ، ولا مأوى يقيهم الصقيع والمطر، ولا حتى أسلحة أو ذخائر تعينهم على مواصلة تمردهم. المتمرد عقار إذن... يفر إلى داخل الأراضي الأثيوبية.. وعند الحدود مع إثيوبيا يحتجز لأكثر من أربع ساعات قبل أن يسمح له بالدخول وهو ذليل، ولا أشك أن علاقته الشخصية بالرئيس الإثيوبي خضعت لاختبار فرخ صدمة نفسية قاسية ما فترت تتضاعف كلما وصلته أخبار الهزائم المهينة التي يتعرض لها أعوانه.. حتى فجع بنبأ هلاك العميد خارج / جعفر جمعة رزق الله قائد الاستخبارات الذي أصيب في طريق الدمازين الكرمك وهلك أثناء عملية جراحية خضع لها بمنطقة الكرمك الحبشية، وبمقتل جمعة فقد المتمرد عقار الشخص الوحيد الذي كان يعتمد عليه في التفاوض، وفي تنظيم الصفوف.. وفي الأثناء... تتقدم القوات المسلحة في محورها الرئيسي، وتستلم أبو قرن، ثم ديرنق ومنها إلى دندرو والكرمك... وفي المحور الغربي تستلم أقدي وبك ومنها إلى ود أبوك.. أما محور قيسان فيقع بالكامل تحت سيطرة القوات المسلحة.. وفي المحور الشرقي كذلك خضعت مناطق ود الماحي وأم درفا ومينزا لسيطرة الجيش.. وبعد ذلك يدعي الخارج مالك عقار أنه يسيطر على «80% » من الأرض.. ويولي الدبر إلى داخل الأراضي الإثيوبية وهو في أعقد حالات الإذلال. هذا هو الموقف على الأرض.. وليست هناك حرب في ولاية النيل الأزرق كما يحاول أن يصورها البعض خاصة ما يسمى بتحالف قوى المعارضة، إنما الذي يحدث الآن هو قضاء على تمرد ضد الدولة.. تمرد محمي بالسلاح، ولا يستقيم أن تكافئ الدولة الخارجين عن الطوع «كما فعل المتمرد عقار» بالترضية و«الطبطبة»، لذا كان الدافع لضرب تمرد عقار في مهده.. هو تمكين وبسط هيبة الدولة وتأمين الأرض وحماية المواطنين من بطش التمرد الذي أرغمهم على القتال في صفوفه ونهب ممتلكاتهم ودمر مقدراتهم وأهدر مواردهم وحاول إيقاف عجلة التنمية التي انتظمت وكان آخرها مشروع تعلية خزان الروصيرص الذي يعود على إنسان الولاية بالخير الوفير. ثم يوصد الباب الذي كان يلج منه «حين غفلة» كل جبّار عنيد لا يعرف للحوار مسلكاً، ويتخذ من إشهار السلاح في وجه الدولة طريقاً مختصراً للسيادة.. ورغم أن المتمرد عقار دُفع لإشعال هذه الحرب دفعاً لأنه كان يعلم أن ذراع القوات المسلحة طويلة، وتستطيع أن تقضم رقبته، إلا أن ذلك لن يشفع له كونه روّع المواطنين وساهم في تهجيرهم من قراهم لتتخطفهم المنظمات الأجنبية بدعاوى تقديم المساعدات وهي في حقيقة الأمر تتسلق رقابهم لتنفيذ ما يليها من مخطط استهداف الدولة وإضعاف تماسكها الداخلي.. وعليه، فإن على المتمرد عقار ومن لف لفه وناصره وسانده.. تدور الدوائر.. وما قصة فرار عقار إلا عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!!