لا نفهم السبب وراء حرص جهات وموظفي المنظمات الدولية وحكومات دول غربية وإقليمية، على زيارة الرئيس البشير إلى دولة جنوب السودان؟ وما من حديث هذه الأيام إلا عن هذه الزيارة المرتقبة التي تحدث وزير خارجيتنا علي كرتي عن اقتراب مواقيتها قبل أيام ثم عاد ورهنها بإنفاذ جوبا ما عليها من تعهدات وفق اتفاق التعاون بشأن الترتيبات الأمنية وانسحاب جيشها من الأراضي السودانية، وأن هذه الزيارة تقررها نتائج اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة التي من المفترض أن تلتئم في جوبا في الخامس من نوفمبر الحالي، وقال كرتي: «الرئيس يريد أن يرى ترتيبات أمنية حقيقية وبعدها يذهب لجوبا». ووأضح أن هناك اتجاهين في هذه الزيارة، اتجاه إقليمي ودولي عبر عنه هايلي المنقريوس المبعوث الأممي الخاص للسودان وجنوب السودان الذي اعتبرها ملحة وذات إشارة إيجابية، واتجاه داخلي في دوائر السلطة يرى في هذه الزيارة خطوة نحو تنفيذ الاتفاق المبرم مع دولة الجنوب في نهاية سبتمبر الماضي. وكلا الاتجاهين لا يأخذ في حسابه ما يجري على الأرض من تقاعس وتماطل دولة الجنوب في الإيفاء بالتزاماتها، وتعللها بالخريف في عدم تنفيذ انسحاب جيشها من المواقع السودانية التي توجد فيها، أو الانسحاب عشرة كيلومترات جنوب الحدود المشتركة وفق ما تم تحديده للمنطقة المنزوعة السلاح في الحزام الأمني المقترح. لكن وراء الأكمة ما وراءها، ففي الوقت الذي كانت فيه المساعي هنا وهناك تتحدث عن زيارة البشير إلى جوبا، كانت دوائر الحركة الشعبية وحكومة الجنوب تنسج مؤامرتها على الرئيس البشير كما هو واضح من سياق ما حدث، إذ اجتمع كل من رياك مشار وباقان أموم كل على حدة في نيروبي نهاية أكتوبر الماضي قبل عطلة عيد الأضحى المبارك مع فاتو بسوندا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية التي خلفت سلفها أوكامبو!! وحسب المعلومات التي نشرتها الصحف في كينيا وجنوب السودان، أن اللقاء تطرق لزيارة الرئيس البشير إلى جوبا والمذكرة الصادرة عن المحكمة بتوقيفه!! وجاء في تقصٍ وبحث ل «الإنتباهة» في خبرها المنشور أمس في هذا الصدد، أن مشار أكد لبسوندا أن حكومته رأت ضرورة التشاور معها، فيما أكد مسؤول آخر «باقان أموم» للمدعية العامة قدرة جوبا على توقيف البشير وتسليمه للمحكمة، لكن بطريقة لا تورط النظام السياسي والعسكري في جوبا، وألمح لإمكانية فتح الطريق للقوات التي تحارب جيش الرب اليوغندي وهي قوات أمريكية وقوات بعثة الأممالمتحدة بدولة الجنوب التي تديرها وتحركها هيلدا جونسون وزيرة التعاون النرويجية السابقة التي لعبت دوراً في مفاوضات نيفاشا وترعى الدولة الحديثة الولادة، لاعتقال البشير خلال زيارته لجوبا. وحتى لا نُتهم بالتجني على حكومة دولة الجنوب، فإن زيارة الرئيس البشير التي لم تتم وكان مقترحاً لها أبريل الماضي قبيل الهجوم على هجليج، تحدث عنها بعد ذلك سلفا كير نفسه، وقال إن هناك قوى دولية وجهات ضغطت عليه ليتم اعتقال البشير في جوبا، وكشفت تقارير دبلوماسية واستخبارية في شرق إفريقيا عن وجود توجه من هذا النوع في حال تمت تلك الزيارة!! وتترافق مع هذه التطورات الجارية بين الجانبين السوداني والجنوب سوداني، أحاديث عن قضية أبيي ومقترحات للرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي تتولى الوساطة بين البلدين، لم تعلن للملأ بعد، وأحاديث لعدد من قيادات دولة الجنوب، تتحدث وكأن قضية أبيي قد تم حسمها لصالح دولة الجنوب ولم يتبق إلا القرار وصدوره عن مجلس الأمن الدولي!! ووسط هذه الأجواء تتلاحق الأنفاس حول زيارة البشير لجوبا، وسواء قامت الدنيا ولم تقعد، فإن وراء هذه الزيارة ما وراءها.. ولا ندري ما سبب الحرص عليها والإصرار الملحاح على اتمامها؟! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.