لا ندعو الذين ظنوا ظن السوء في كل من تحدث عن خطل الوثوق في حكومة دولة الجنوب والحركة الشعبية الحاكمة، ليقفوا على ما قاله سلفا كير ميارديت رئيس دولة الجنوب لبعض قيادات ما يسمى الجبهة الثورية، وتأكيده لهم بمواصلة دعمهم وأنه لا يثق في دولة السودان!! لكن نحيل هؤلاء إلى ما كتبه المسؤول الجنوبي الكبير والقيادي بالحركة الشعبية والرئيس المناوب للجنة الإشرافية على منطقة أبيي وأحد أبرز قيادات دينكا نقوك، لوكا بيونق، في مقاله على موقع «سودان تريبيون» يوم أمس، وعنوانه «زيارة البشير لجوبا اختبار دبلوماسية وقيم الأمة الجديدة» بأن البشير غير مرحب به في جوبا وتمثل زيارته تحدياً أخلاقياً وقانونياً لدولة الجنوب، وساق مزاعم في مقاله جاء فيها: «لجملة أسباب أهمها الغضب الذي يسيطر على الشارع الجنوبي بسبب اتفاقية التعاون المشترك الموقعة في أديس أبابا أخيراً التي ينظر اليها أبناء الجنوب وخاصة أبناء هجليج وأبيي والميل «14» بعين الغبن، فضلاًَ عن أنهم يرون في اتفاقية الحريات الأربع تنازلاً من الحركة الشعبية لجلابة الشمال»!! واتهم بيونق الخرطوم بأنها تسعى لإضعاف السلطة في جوبا والسيطرة على موارد دولة الجنوب، إضافة إلى الجدل القانوني حول تسليم الرئيس البشير إلى المحكمة الجنائية، مؤكداً أهمية الاجتماع الذي عقده نائب الرئيس د. رياك مشار مع المدعي العام للمحكمة الجنائية فاتو بسوندا بشأن زيارة البشير لجوبا. ووصف القيادي في الحركة لوكا بيونق وفدنا المفاوض في جولات التفاوض الأخيرة بأنه بالغ مبالغة مفرطة في المكاسب التي حصل عليها السودان من هذه الإتفاقيات، مما أثار حفيظة المواطن الجنوبي ودفعه إلى مناهضة الاتفاقية، مستنكراً تصريحات رئيس وفد التفاوض إدريس عبد القادر الداعية إلى زيادة عدد الحريات إلى أربعين. ويمكن أن يقال أن لوكا بيونق في مقاله هذا يعبر عن حنقه الخاص بوصفه أحد أبناء دينكا نقوك الذين يريدون الضغط على حكومة جوبا ومحاصرتها وإحراجها خاصة موافقتها على تأجيل النظر والحسم لقضية منطقة أبيي، وأنه يحمل في جوفه مرارات تخصه دفعته لكتابة مقاله في «سودان تريبيون». لكن تظل الحقيقة التي لا مراء فيها أن لوكا لا يكتب ما كتبه من فراغ، فهناك تيار فاعل وقوي في الحركة الشعبية وداخل حكومة الجنوب، يلتزم بالمبادئ الأساسية التي قامت عليها الحركة ويحافظ على عدائه الاستراتيجي للسودان ولا يرغب في التعامل والتعاون معه، مهما تنازل له السودانيون الرسميون وأعطوا الجنوب ما أراد في الجولة السابقة. والقضية التي عبر عنها لوكا في مقاله ليست فقط قضية أبيي ولا على خلفيتها كتب مدونته المنشورة، فهو تناول جدوى العلاقة من جذورها مع حكومة الخرطوم وموقف الجنوبيين من زيارة الرئيس البشير ودلالاتها، بالرغم من تكوين لجان وزارية عليا في جوبا لهذه الزيارة. لكنه يكشف ما قلناه في هذه الصحيفة بأن جوبا تتآمر مع المحكمة الجنائية الدولية وتدبر أمراً معها حول هذه الزيارة، وثمن اجتماع رياك مشار قبل أيام مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نيروبي، وهو الاجتماع الذي تناول زيارة البشير لجوبا، وتعزز بلقاء آخر لباقان أموم مع المدعي العام التي خلفت أوكامبو. ولم يشذ باقان أموم عن موقف رفيقه لوكا بيونق، وقال في حوار مع صحيفة «الصحافة» في عددها الصادر أمس «إن ربط الخرطوم زيارة البشير بحدوث تقدم في الترتيبات الأمنية مساومة سياسية»، فهل يتوقع باقان ولوكا أن يكون البشير ذاهباً لجوبا بغرض السياحة أو التبضع؟! أم أنه في حال ذهابه لجوبا يريد خطوات على الأرض وإيفاءً بالتزامات على الأرض تؤكد تطبيق دولة الجنوب لما اُتفق عليه في الاتفاقيات الثماني خاصة الترتيبات الأمنية، وفي مقدمتها فك الارتباط بقطاع الشمال في الحركة الشعبية، ووقف دعم ما يسمى الجبهة الثورية، وطرد حركات دارفور والانسحاب من الأراضي السودانية والمنطقة المنزوعة السلاح المتفق عليها. وتكشف حكومة الجنوب والحركة الشعبية عن توجهاتها ورأيها الحقيقي في مثل هذه المقالات. ونحن من جانبنا لا نريد على الإطلاق أن يذهب البشير لجوبا مهما كانت الدوافع.. والمشتهي الحنيطير يطير..!! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.