قال الرئيس الأمريكي المزنوق«باراك أوباما» ومرشح الديمقراطيين في حملته الانتخابية وقبل أن يقتنص الفوز بولاية رئاسية ثانية تمتد حتى عام 2016، و نجاحه في الحصول على الفارق الكبير بينه ومنافسه الجمهوري ميت روني. أوباما في سياق مبرراته لتجديد بلاده العقوبات على السودان قال :«إن الصراع في دارفور والمنطقتين أي جنوب كردفان والنيل الأزرق يعطل التطبيع مع الخرطوم.. الغريب في الأمر أن الخارجية الأمريكية قالت إن «أوباما» قد صادق على القرار رغم إقراره بأن الحكومة السودانية حلت خلافاتها مع جنوب السودان.. لكن وفق ما عُرف عن النظام الأمريكي وسياسته الخارجية الثابتة ضد السودان والتي من خلالها ظل يجدد هذه العقوبات منذ العام 1997م وحتى اليوم ولمدة 15 عاماً تحت غطاء ومبررات مختلفة لكن صيغة القرار واحدة حيث إن هذه المرة تم التعليل بالمنطقتين ووصف ما يجري فيها بأنه مهدد للأمن الإقليمي والإنساني فقد ظلت أمريكا قيودها مفروضة على التجارة والاستثمارات الأمريكية مع السودان وتجميد أموال الحكومة السودانية وأن الأمر يأخذ قمة رواجه وصعوده مع اشتداد الحملة الانتخابية الأمريكية، والناظر بعمق يلحظ أن موضوع العقوبات يتم تحريكه وتفعيله مع الانتخابات ويصبح السودان جزءًا أساسياً في الحملة الانتخابية لأي من المرشحين لطرفي المعادلة «الديمقراطيين أو الجمهوريين» لكن في كلا الحالتين الأفضل الديمقراطيون من الجمهوريين الدمويين برغم إدراكنا ثبات السياسة الخارجية لواشنطن.. رد الحكومة بالعنف اللفظي والخشن الذي نطق به وزير الخارجية الأستاذ علي كرتي بحرقة ووصف من خلاله أمريكا بأنها دولة «منافقة وضعيفة» تديرها قلة من اليهود، هذا التصريح بالشكل الذي خرج به ينم عن قناعة وأن الحكومة تعني ماقاله «كرتي» وهو دليل على عدم وفاء الإدارة الأمريكية بالتزامات ووعود سابقة وموثقة بين البلدين، التزم بها السودان في إطار قناعته بإقامة علاقات سوية ومتزنة بين البلدين بينما «خانت» أمريكا وتراجعت عن وعودها وتعللت من جديد بمتاريس هي التي وضعتها وساهمت في صناعتها كقضية دارفور مثلاً وعقبة المنطقتين وأبيي كمان.. المفارقة أن أمريكا سياستها الخارجية واضحة لإدارتها وعلى كل المستويات من الرئيس إلى المحافظ أو حاكم الإقليم أو البرلماني وبكل أسف نحن هنا مازال البعض يثق في ترهات «أمريكا» وموضوع التطبيع وغيره، فقبل أيام قرأت تصريحات غريبة للمهندس أحمد عباس في صحيفة أخبار اليوم السودانية قال فيها إن ولايته وجدت تسهيلات واستثناءات من الإدارة الأمريكية التي سمحت لشركة أمريكية قدّمت عرضاً مغرياً لإقامة مصنع للسكر ينتج مليوني ومائتي ألف طن بتكلفة 850 مليون دولار بقرض لتسع سنوات، إعفاء عامين، وسبع سنوات للسداد,وأكد عباس أن ولايته منحت الشركة الأمريكية الأرض التي تبلغ مساحتها الكلية 225 ألف فدان مجاناً مشيراً إلى اكتمال كل الإجراءات وأن الأيام المقبلة سوف يقابل الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الوزير بالمجلس الأعلى للاستثمار لإطلاعه على الأمر، وفق حديث أحمد عباس وقتها ولا أدري اليوم ما إذا تمت مقابلة السيد مصطفى عثمان أم لا؟؟ لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف دخلت هذه الشركة الأمريكية إلى عمق السودان وتحديداً سنار دون علم المركز..؟؟وما اسم الشركة وما الضامن أنها ليست من ضمن شركات اليهود العاملة على تخريب الاقتصاد والتخابر ضد بلادنا ..؟؟ صحيح أن النظام الفدرالي وقوانينه قد أعطى الولايات سلطات واسعة بقدر يجعلها تتقاسم السلطة المركزية على أساس فدرالي قويم وسليم، لكن كمان ليس بالقدر الذي يصل مرحلة الاستعصاء على المركز تحت مبررات أن المركز قد هضم بعض حقوق الأقاليم وبالتالي يصبح الاستعصاء بصورة يصعب معها الاحتواء المؤسسي ويكون مدخلاً مهدداً للعلاقة بين المركز والولايات يعمل على إضعاف تماسكها، وعدم احترام سيادة الدولة لأن التعامل مع دولة تظهر العداء للسودان كأمريكا مثلاً يحسب خيانة، لابد من توازن دستوري عادل بين الولايات والمركز يضمن الحد من تصاعد العصبيات والجهويات في السودان، ولابد من سلطة توازن يجمع بين التخويل الدستوري والقوامة المركزية على للسلطة القومية حتى نجسد الوحدة وتحقيق الحكم الفدرالي الذي يبسط السلطة أفقياً ورأسياً ويمنح الولايات سلطات دستورية واسعة في اتخاذ القرار وفي ذات الوقت يضمن وحدة وتماسك الدولة بسلطة مركزية مستقيمة.. هذا لا ينفي أن الفدرالية أو اللامركزية في الحكم هي نظام دستوري يقوم على توزيع السلطات المختلفة «تنفيذية تشريعية قضائية» ونقلها من المركز أو العاصمة للولايات ووحداتها المختلفة، لكن بذات القدر لا يمكن تحويله إلى بؤر صراع جهوي أو إثني أو جغرافي يضع المركز في قفص الاتهام على الدوام، كما أنه لا يعني أيضاً أن تبتعد الولايات عن سلطة وقوامة المركز وتتجه لإقامة علاقات خارجية مع دول أخرى كحالة ولاية سنار التي نسقت مع «واشنطن» ثم اتجهت لإطلاع «الخرطوم» على تفاصيل ما تم التوصل إليه من امتيازات واستثناءات حصلت عليها سنار من الإدارة الأمريكية بصورة تدعو للدهشة والاستغراب.. على أية حال ها هو «أوباما» يدخل البيت الأبيض رئيساً للمرة الثانية بتفويض من الشعب الأمريكي «اللميمة» وأن الأمر متوقع لأن عملية التجديد للمرة الثانية للرئيس شبه تقليد ظلت تتبعه الإدارة الأمريكية، فهل سوف نتوقع أمريكا غير التي نعرفها بسياسات جديدة تنفتح على الآخر وتحفظ للدول سيادتها وكينونتها.