غياب التشريعات التي تحمي حقوق المستهلك أحد العوامل التي أدت لإغراق الأسواق بالمواد الغذائية الفاسدة والمنتهية الصلاحية التي أوشكت على الانتهاء وبيعها على مرأى ومسمع من الجهات المختصة، كما أن ضغوط الظروف المعيشية الاقتصادية التي يواجهها المواطن ووجود سلع رخيصة والغش ساهم في انتشار الغش وترويج تلك السلع، إذ أن الفوضى التي تعيشها أسواق ولاية الخرطوم تحتاج لإعلان الحرب عليها بدق الطبول وليس الاكتفاء بجرس إنذار فقط ليصل صوت تلك الطبول لأسماع المستهلكين والجهات الرقابية على حد سواء لمعالجة فوضى المواد والسلع الغذائية الفاسدة التي غزت الأسواق، الأمر الذي حدا بولاية الخرطوم للاستيقاظ من غفلتها أو ربما استغفالها وتنفيذ حملات تفتيشية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بالأسواق، مستندة إلى قانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك الذي أجازه المجلس التشريعي لولاية الخرطوم في دورته السابقة، ليبدأ تطبيقه فعليًا وسط المحلات التجارية وبائعي المواد الاستهلاكية والغذائية بولاية الخرطوم. مدير إدارة شؤون المستهلك بوزارة المالية بالخرطوم عمر هارون قال ل (زووم) إن الهدف الأساسي من هذه الحملات تنوير أصحاب المحلات التجارية بمواد القانون التي تضمن للمستهلك حقه في اختيار أفضل العروض المقدمة بالأسواق والمحلات وذلك بوضع ديباجة توضح سعر المعروض في موقع واضح حتى يتمكن المستهلك من الاطلاع عليها، مؤكداً أن الحملات شملت أسواق محليات الولاية السبع للتفتيش على السلع المنتهية الصلاحية ومنع عرض المواد الغذائية في الشمس حتى لا تتلف، وأضاف أن إدارته تقوم الآن بتنوير التجار من مخالفة القانون وأن الفترة القادمة سوف تشهد أسواق الولاية التطبيق الفعلي للقانون لأي تاجر لا يلتزم بالمواد الواردة في القانون، وأشار إلى ضبط كميات كبيرة من السلع المنتهية الصلاحية خاصة المعلبات التي تحوي لبن بدرة وأنواعًا من البسكويت والعصائر المجففة، إضافة إلى الصلصلة وغيرها، وقال إن الحملة انطلقت من شارع بري المعرض وشارع الستين وشملت تفتيش (48) محلاً تجاريًا للتأكد من صلاحية السلع ووضع ديباجة الأسعار عليها وأن الحملة تستهدف كافة الأسواق بالولاية لمراجعة السلع حفاظًا على صحة المستهلك، إلا أن نائب رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك د. موسى علي أحمد أبدى تشاؤمه من قيام مثل الحملات قائلاً إن الحملات لا تشكل حماية من المخاطر التي يتعرض لها المستهلك من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية أو التي لا تحمل ديباجة بأسعارها؛ لأنها لا تخضع إلى تحليل عينات عبر المختبرات الطبية لمعرفة ما إذا كانت المواد الغذائية تحوي موادًا ملوثة وغير صالحة للاستخدام الآدمي وتسبب الأمراض أم أنها لا تحمل أضرارًا صحية ويمكن استخدامها، وزاد أن على الدولة أن تعي تمامًا أهمية المختبرات في ضبط سلامة الأغذية وإجراء مسح روتيني للسوق وأخذ عينات من السلع لفحصها، وأشار إلى أن بعض الشركات قد تلجأ إلى تغير تاريخ الإنتاج واستبدال المنتج في عبوات أخرى مما يساعد على عدم إمكانية اكتشاف جودة السلعة. إذن فليس بتاريخ الإنتاج فقط يتحدد الصلاحية ولعل الخطر الأكبر يكمن في التاريخ نفسه الذي يخدع المواطن بأن السلعة صالحة للاستعمال بينما الواقع غير ذلك ففسادها جاء من نقطة أخرى قد تتعلق بالتخزين والعرض وغيرها.. عمومًا نثمن الخطوة التي قامت بها ولاية الخرطوم على أن تتضمن الحملات القادمة التفاصيل التي أشار إليها نائب رئيس جمعية حماية المستهلك.