في الفيلم العربي »بخيت وعديلة« تحكي القصة عن أن عديلة وبخيت ترشحا في انتخابات مجلس الشعب المصري... ولم يكن اختيار الرمز الانتخابي »مطلوقاً« للرغبات الفردية للمرشحين، وإنما كانت المسألة «شختك بختك» بإشراف المسؤولين، وبحيث أن ترتيب المرشح في كشف اعتمادات التسجيل كان يحدد نوع الرمز الانتخابي المتوفر. ولأن »بخيت المهيطل« و»عديلة سندوك« جاء دورهما متأخراً جداً بعد نفاد الرموز، فقد وقع من حظهما »«الجردل» والتنكة«... و«الجردل» معروف أما التنكة فهي الإناء الذي يتم فيه إعداد القهوة... ووقع خلاف كبير بين الطرفين انتهى بالتوافق والتراضي بأن يقبل بخيت المهيطل ب «الجردل» وتقبل عديلة صندوق ب «التنكة»... وفي سبيل نشر الدعاية الانتخابية لكل منهما فقد انصرفا تماماً عن الحديث حول برامجهم الانتخابية، وصار الجهد منصباً نحو إبراز محاسن «الجردل» ومحاسن «التنكة» والفروقات المميزة بين الإثنين. وللمفارقة فإن المرشحين قد فازا في الانتخابات وكسب «الجردل» شهرة واسعة وكسبت «التنكة» ذات الشهرة. وفي انتخاباتنا في السودان ومنذ الاستقلال ومنافسات الأحزاب بدءاً من عام 1953 فقد برزت الخلافات بين الأحزاب وبين المرشحين في اختيار الرموز الانتخابية... على أنه تلاحظ أن الأحزاب لم تكن لديها رموز ثابتة مثل «الحمار» عند الحزب الديمقراطي الأمريكي أو «الفيل» عند الحزب الجمهوري الأمريكي... ولكن ظلت النزاعات تحتدم بين المرشحين في الرموز المؤقتة... وأذكر أنه في دائرتنا بنهر النيل كان هناك مرشحان أحدهما رمزه «الشجرة» والآخر رمزه «الفأس..» وكان يحتدم الصراع والنزاع بينهما يومياً، بحيث أن دعاية المرشح الثاني كانت تبرز رسومات الفأس وهو يقطع الشجرة، أو أن الشجرة تتعرض للحريق... وفي مرة نشر المرشح صورة منافسه والفأس يقطع رأسه. وفي آخر انتخابات تجرى في السودان كانت «الشجرة» قد لقيت شهرة كبيرة لأن حزب المؤتمر الوطني كان قد احتفل بها كثيراً وجعل منها شعاراً في كل حيطة وأمام كل دكان وملصقاً على كل عربة. ويوم أول أمس أعلن عن فوز الرئيس الأمريكي أوباما من الحزب الديمقراطي ورمزه «الحمار» على منافسه ميت رومني مرشح الحزب الجمهوري والذي رمزه «الفيل». وتحكي وسائل الإعلام أن قصة الحمار مع الحزب الديمقراطي ترجع الى تاريخ تأسيس الحزب في عام 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي »أندرو جاكسون« شعاراً يقول »أتركوا الشعب يحكم«.. وقد سخر المرشح الجمهوري من هذا الشعار ووصفه بأنه شعبوي يعني بتاع جماهير... فما كان من المرشح جاكسون إلا أن اختار حماراً رمادي اللون جميل المنظر وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية وقاده وسط القرى والمدن المجاورة لمسكنه من أجل الدعاية »الشعبوية« وإذلالاً لمنافسه النخبوي بتاع الحزب الجمهوري... ومنذ ذلك الوقت تحول «الحمار» الى رمز سياسي للحزب الديمقراطي... وفي عام 1870 قام رسام كاريكاتير مشهور بنشر رسم يوضح الحمار الديمقراطي أسود اللون وهو يتبارز مع فيل جمهوري مذعور... ومن هناك علقت بالطرفين رمزا «الحمار» و «الفيل» وحتى يومنا هذا. ونحن في بلاد الله النامية في افريقيا والشرق الأوسط لن يفرق كثيراً معنا إذا ما فاز «الحمار» أو «الفيل»... فكلهم سواسية وكلهم صهاينة وكلهم منحازون لإسرائيل، وحتى لو كان الرئيس الأمريكي أسود اللون مثل الفحمة فهو لن يخرج عن طاعة »أهله« و»قومه«، وسيان عندنا إن فاز أوباما أو فاز رومني... على أن الأفضل عندي شخصياً أن يفوز رومني لأن المثل يقول »التركي ولا المتورك«، ولأن أوباما أسود فهو سيحاول أن يكون أكثر حرصاً من البيض على استعمار الأفارقة والشرق أوسطيين. كسرة: الجنوبيون لن يفكوا الارتباط مع عرمان وعقار حتى لو وقعوا اتفاقية مع الجن الأحمر، ولن يتركوا تحرير السودان حتى لو أعطيناهم الأربعين حرية بتاعة إدريس، أو الأربعمائة حرية بتاعة منو ما عارف... ويا جماعة الكلام ده قلناهو ليكم من قبل أديس أبابا.. وأهو مشى وجاكم كلامنا. وإخواننا في لجنة المحادثات ذهبوا ولم يتوصلوا إلى حلول مع الجنوبيين... يعني بالعربي تاع جوبا، وربما قال الجنوبيون لأعضاء الوفد »إنتكم أنا أكوك تاع مندكورو تاع عرمان.. إنتكم فكوا ارتباط مافيش.. إنتكم عرمان إنتكم عقار إنتكم الهلو بكونو هنا توّالي... إنتكم بعدين بعملو حرب مع مندكورو في كرتوم... جوبا وييييي، عرمان ويييي، باقان وييييي... يا أكوانّا بالله شوف مندكورو أوير ده..«.