في أواخر الخمسينيات واوائل الستينيات وأوسطها لم تكن الكهرباء قد دخلت مدينة دنقلا فكانت الفوانيس واللمبات تضيء البيوت. والأسواق تقفل بعد نهاية صلاة المغرب وان كان جزء منها ينتظر صلاة العشاء في المسجد الكبير ثم يتوكل الى داره فها هي دنقلا الآمنة وكان شباب دنقلا من سن 7 سنوات وحتى العشرين من العمر يتجمعون امام المنازل تحت ضوء القمر على الرمال التي تمتاز بها شوارع دنقلا. وحتى ان كان لا يوجد قمر فانك تعرف من يجلس في هذا الشارع أو من يجلس في ذلك الشارع. وانت خارج من السوق يقابلك تجمع ابناء المقالدة وتدلف منهم يمينًا يقابلك تجمع ابناء العميري وابناء عبد القادر حسنين واحفاده نحن ثم ابناء عبد العال حسن تيه وابناء علي الإمام «احمد ومحمد» وكان احمد هو الابن الأكبر. كان هادئ الطبع لا يتحدث كثيراً ولا يدخل في جدال وحتى لعب الشليل أو الشدة كان لا يرغب فيهما حتى انك تشعر بأن هذا الصبي بهدوئه ورزانته سيكون عالمًا في يوم من الأيام وانه تربى في بيت دين ووالده علي محمد عبد الله محمد احمد قاضي امام جامع دنقلا الكبير ولذلك لقب بعلي الإمام والامام هنا لقب وليس اسماً ولد احمد علي الامام في عام 1945 وتربى في احضان والديه في بيت دين وتقوى والده علي الإمام من جزيرة مقاصر شمال شرق مدينة دنقلا وهو كما قيل حافظ ابن حافظ ابن حافظ ووالدته زكية عبدالقادر من ضاحية ارتدي جنوب غرب مدينة دنقلا وهي حافظة للقرآن الكريم وكذلك اخواته الثلاث حفظه للقرآن الكريم. تلقى الشيخ احمد علي الإمام تعليمه الابتدائي بدنقلا ولم يفكر يومًا من الأيام ان يكون دكتوراً او مهندساً كرغبة الأطفال آنذاك رغم ذكائه ونباهته وقد حفظ القرآن وهو يافع في خلوة الشيخ صالح الازهري بارتدي على يد الشيخ محمد ابراهيم الطيب ثم بعد ذلك التحق بالمعهد العلمي بدنقلا ثم التحق بالمعهد العلمي بام درمان مما يدل ذلك على تمسكه بكتاب الله ورغبته في ان يكون عالمًا من علماء الدين توفى والده وهو بالصف الرابع الأوسط وهو أكبر اخوانه واخواته مما جعل الأسرة تحتاج اليه في اعالتها وهم فقراء فامتحن وحصل على الشهادة الأهلية بتفوق وقُبل بجامعة المدينةالمنورة اكمل بها عامين كاملين ثم رجع والتحق بجامعة ام درمان الإسلامية حيث نال درجه البكالريوس ثم عمل استاذًا بمدرسة دنقلا الثانوية معلماً للتربية الإسلامية واللغة العربية ثم درٌس بمدرسة الفاشر الثانوية ثم بمدرسة المدينة عرب بمدني ثم بعد ذلك انتدب للعمل بجزيرة زنجبار. وجلس هناك اربعة اعوام ثم ارسل الى جامعة ادنبرة وحضر بها الماجستير والدكتوراه. كا ن رئيساً لاتحاد طلاب المسلمين وعمل بالمركز الاسلامي بادنبرة رسالته للدكتوراه كانت تبنى على نقد اعمال المستشرقين الذين كانوا يتهجمون على الإسلام ويفسرونه تفسيراً خاطئاً لأغراض هم يعلموها لتشويه صورة الإسلام في الغرب. يجيد خمس لغات منها السواحلية والانجليزية. اما المناصب التي شغلها منها الأمين العام لهيئة علماء السودان ثم مدير لجامعة القرآن الكريم ثم رئيس مجمع الفقه الإسلامي السوداني ونائب في مجلس الشعب عن دائرة دنقلا ثم عمل مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون التأصيل والتخطيط الإستراتيجي. كل هذه الوظائف لم تغيره وهو كالطفل البرئ الذي لم تلوثه مشاغل الحياة أو تبهره مباهجها أو يطمع في مال أو في دنيا فقد عاش فقيراً ومات فقيراً الا من علم تركه للأمة الإسلامية تكون له عملاً صالحاً يتبعه الى جنات العلا مع النبيين والشهداء والصديقين، ان الدكتور البروف احمد علي الإمام قد كان صديق الطفولة رغم انه يكبرنا سناً وجار صالح هو واسرته لنا ولجدنا عبد القادر حسنين. اللهم اغفر له وارحمه رحمة واسعة واجعل قبره روضة من رياض الجنة ووسِّع مدخله وآنس وحشته واغسله بالماء والبرد والثلج وابدله داراً خيراً من داره واهلاً خيراً من أهله واجمعنا به في الجنات العلا فان علته التي استمرت معه طيلة عام كامل كانت بمثابة نقاء من الذنوب ان كانت هناك ذنوب ولقي ربه في يوم الثلاثاء 30/10/2012 الموافق 14 ذو الحجة 1433 وهو من اعظم الشهور.. واحسب انه رجع كيوم ولدته امه. ونقول وداعًا شيخنا الجليل والى لقاء عند مليك مقتدر.