قال العضو القيادي البارز بالحركة الإسلامية حسن عثمان رزق قبل انعقاد المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية في حوار مع هذه الصحيفة نُشر أمس الأوّل أي قبل انعقاد المؤتمر آنف الذكر بساعات قليلة، قال إن الحركة الإسلامية اختُطفت ووُئدت منذ فجر «الإنقاذ».. أي حكومة البشير حتى لا يتساءل بعض غير السودانيين وبعض السودانيين مستقبلاً عن المقصود بالإنقاذ. أولاً ما معنى اختطافها، وما معنى وأدها؟!.. وهل تعامل معها الحكام الإسلاميون الجدد كما تعامل فيما بعد الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي مع جماعة الإخوان المسلمين حيث أعلن تخليه عنها بعد كسب نتيجة أول انتخابات رئاسية مصرية؟! كلا بل حدث العكس، فمعظم شعارات الجبهة الإسلامية القومية وأدبياتها كانت تُردد وتمارس منذ فجر «الإنقاذ» بل وزيد عليها شعارات وأدبيات تضمنتها بعض الأناشيد الجهادية، ومنذ فجر الإنقاذ كان تطبيق الشريعة الإسلامية، وكانت التعبئة الجهادية لإسناد قوات الشعب المسلحة وكانت إطلاقات المشروعات الاجتماعية بمفاهيم دينية. وكانت ثورة بناء المساجد في المؤسسات والمواقع العامة وزيدت الجامعات الإسلامية فجاءت جامعة القرآن الكريم وجامعة إفريقيا العالمية، وكل هذا على سبيل المثال لا الحصر، فقائمة المشروعات الإسلامية في مختلف الأصعدة تطول وتطول، وهي لا تُحصى ولا تُعد أو تكاد. وقلنا إن تأسيس حزب المؤتمر الوطني ليكون هو الحزب الحاكم «وليس الحركة الإسلامية» بطريقة مباشرة يُعد واحدًا من خطط حكم الحركة الإسلامية للسودان بعد أن وصلت إليه بانقلاب عسكري وليس بصناديق الانتخابات لذلك لم يكن من الحكمة أن يكون اسم الحزب الحاكم «الحركة الإسلامية» أو «الجبهة الإسلامية القومية»، والإسلاميون ليسوا حمقى مثل القيادات الشيوعية عام 1971م التي رفعت العلم الأحمر الشيوعي في أيام حكمها الثلاثة بعد انقلاب هاشم العطا وعبد الخالق محجوب.. ولو كان ذاك الانقلاب الأحمق والأحمر «علماً ودماً» تبنى شعار استرداد الديمقراطية والثأر للأزهري والإمام الهادي ومحاكمة نميري ومامون عوض أبو زيد ورفاقهما لوجد السند من جماهير الأنصار والاتحاديين لكنها الحماقة والعجرفة والغرور وخيانة «الكسرة والملاح».. ولو كان الترابي قد خان شاي العصر الذي احتساه مع رئيس الوزراء المنتخب الصادق المهدي في آخر يوم قضاه في الحكم 29/يونيو 1989م، إلا أنه لم يكن أحمق مثل عبد الخالق محجوب والعقيد عبد المنعم الهاموش قائد اللواء الأول مدرعات الذي تناول العشاء مع مدير جهاز الأمن الرائد مامون وفي اليوم الثاني حرّك الدبابات لإطاحة الحكم ويرفع رفاقه العلم الأحمر، وحتى مجلس قيادة الثورة الحاكم منذ فجر الإنقاذ كان من بين أعضائه ضباط غير إسلاميين وآخرون غير مسلمين مثل بيويوكوان ومارتن، وهما من جنوب السودان، أي أن الإسلاميين انتبهوا إلى أهمية قضية الجنوب ووضعوا في مجلس انقلابهم أعضاء غير مسلمين من الجنوب، وكان لا بد من هذا الصنيع السياسي حتى تجد الحركة الإسلامية المتنفس لإنزال برامجها الإسلامية على الأرض بيسر، وإذا كان هناك اختطاف ووأد للحركة الإسلامية، فيكون قد حدث يوم التوقيع على اتفاقية نيفاشا ولحظة التوقيع على الدستور الانتقالي، وإذا صح هذا، يمكن القول الآن بأنها عادت لتشكل حضورها من جديد بعد إعلان الانفصال، انفصال «الجنوب»، أي أنها كانت غائبة عن المسرح السياسي لمدة ست سنوات ونصف هي الفترة الانتقالية المضمنة في اتفاقية نيفاشا. أما مستقبلها فهذا هو التحدي.