في بداية حديثه أكد ناجي أحمد البشير رئيس رابطة أهل الهلال بالرياض أن الضعف الادارى والمستوى الفنى للمدربين المستجلبين وكذلك المحترفين، يؤثر سلباً في نتائج تلك الفرق، ولكن اذا نظرنا الى الأمر من زاوية اخرى فوجود ثلاثة فرق سودانية من اصل ثمانية فى المجموعات يعتبر علامة موجبة.. وهذه المنافسة تشمل اكثر من «50» دولة افريقية تتفاوت امكاناتها بين الثراء والفقر، وهذا الترتيب لفرقنا السودانية ترتيب منطقى ومقبول، واعتقد أن المطالبة بأكثر من ذلك فى ظل المعطيات المتوفرة والإمكانات المادية والإدارية المتواضعة غير واردة، كما أنه بالإمكان الوصول الى مراتب متقدمة اذا طورنا معطياتنا وغيرنا النظام الادارى من أجل الفوز ببطولات إفريقية في المستقبل القريب. مواجهة الحقائق: اما د. عثمان الحسن محمد نور رئيس ملتقى مريخاب الرياض واحد المهتمين بالرياضة، فقد قال إن المستوى المتدني للرياضة في السودان لا ينفصل عن التدني في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد، فالتدهور موجود في جميع أوجه الحياة في السودان، والرياضة لن تكون استثناءً. فعلينا أن نواجه الحقائق بشجاعة تامة، ونضع أيدينا على الخلل، ونبدأ في المعالجة دون مكابرة، ونبدأ منذ الآن في نقد الذات ثم معالجة الخلل. افتقاد المعايير العلمية: ويقول الشاعر علي الفحل: أولاً بالنسبة للكرة السودانية فهي تمثل لنا متنفساً كبيراً وزاوية أخرى نعبر بها إلى الوطن، خاصة أننا في الغربة يكون حماسنا اكبر بغض النظر عن الانتماء لأي فريق مادام هذا النادي يمثل السودان، لكن وللأسف أقولها بكل صراحة إن كرة القدم عندنا في السودان« شخطك بختك» يوم في العالي ويوم خليها في سرك، وإنها لا تعتمد على أسس ومعايير علمية صحيحة، والمجاملة الواضحة والمحاباة من إدارات الأندية والتعامل مع أصحاب النظرة الضيقة من السماسرة والتهاون وغير ذلك كله واضح للجميع، وأيضاً هناك غياب المدارس السنية وهو ما أوصل كرتنا إلى هذا المنعطف الضيق. دون الطموح: أما القطب المريخي إبراهيم العمدة فقد أشار الى انه شئ جميل ورائع أن تستطلع «الإنتباهة» الصحيفة الغراء، المغتربين حول خروج قطبي الكرة السودانية المريخ والهلال من بطولة الكونفدرالية، هذه البطولة التي هي دون الطموح صراحةً، لمكانة الفريقين وعراقتهما الإفريقية، فهما ليسا بأقل شأناً عن الفرق التي تنافس حالياً في بطولة الأندية الكبار، وتحديداً الأهلي والترجي. ولكن التدهور الحاصل للرياضة في السودان عموماً صعب جداً معه تحقيق انجاز ما في غياب التخطيط السليم والفكر الإداري والصرف غير المرشد، فكرة القدم أضحت علماً يدرس ولعبة تحكمها قوانين ونظم ولوائح، ولم تعد خبط عشواء، ودون التقيد بكل ذلك والاهتمام بها أكثر لن نخطو ولا خطوة إلى الأمام، كذلك أتمنى أن يضع القائمون على أمرها الرجل المناسب في المكان المناسب، حتى يوظف فكره وجهده ويسهم في النهوض بها. وبالنسبة للإعلام وباختصار شديد فقد انعكس هذا التردي الحاصل والإحباطات على أداء رسالته بالصورة المثلى، وهذا ليس مبرراً كافياً ولكنها حقيقة، وبالتالي انعكس هذا على المتلقي وادى مجملاً لهذا التعصب الذي نشهده بين جماهير العملاقين. وأتمنى أن ينصلح الحال ويعود السودان لسابق عهده فارساً لا يشق له غبار. الاهتمام بالوطنيين أكثر: الأستاذ صلاح عثمان هاشم يرى أن المشكلة بالنسبة لفريقي الهلال والمريخ وقبلهما المنتخب الذي بادر بالخروج أمام إثيوبيا بعد ما وضع كل الشعب السوداني الأمل فيه، المشكلة تحتاج إلى دراسة كبيرة وتفعيل دور المدارس السنية، وتسخير الأموال التي تصرف على الأجانب من لاعبين ومدربين للوطنين فقط، وتبدأ الدراسة من الاتحاد إلى دوري الدرجة الثالثة، ومعرفة أين تكمن مشكلة كرة القدم في السودان. تضافر الجهود: الإعلامي الكبير الفاضل هواري، يعتقد أن معالجة الوضع الرياضي عموماً في بلادنا يحتاج إلى حكمة، وإلى تضافر جهود ، وإلى مشاركة فاعلة من كل الجهات المسؤولة والمواطنين بالداخل والخارج، الذين يشعرون بأنهم جزء من العملية التنموية مشاركين فيها وليس مهتمين فقط، بجانب دعم الدولة بصورة مباشرة إذا علمنا أن الرياضة اليوم ليس مجرد ملء فراغ بل سفارة متحركة.. بجانب أن ما يعيب شأننا الرياضي هو ضعف القرارات الحاسمة الرادعة، مما أوجد في مجتمعنا الرياضي العشوائية المميتة، إضافة لإعلامنا الرياضي الذي ساهم بصورة مباشرة في تردي الرياضة السودانية، إذا علمنا أن هناك ديناصورات تتحكم في تسيير دفة العملية الرياضية، ومنهم من يتخذ الرياضة ستاراً لممارسات تشين وتسيء لنا بوصفنا سودانيين ورياضيين. خيبة أمل كبيرة: أما الباشمهندس علي محمود علي فقد علق بقوله إن الهلال والمريخ خيبا آمال الملايين الذين كانوا يمنون النفس برسم الفرحة على الوجوه في زمن عزت فيه الفرحة، بسبب الضنك الذي يعيشه السودان. ولم يكن الفريقان على قدر التحدي، ولعبا باستهتار ولا مبالاة وافتقاد لثقافة التنافس الخارجي.. فكانت المحصلة هذا الخروج الحزين. وأمن القطب الرياضي محمد طاهر أحمد قائلاً إن الكرة السودانية وصلت مراحل كنا في السابق نحلم بها، وما وصول أربعة فرق إلا دليل على هذا الكلام، والمطلوب الآن الاهتمام والوعي بثقافة الانتقال من المجموعات لدوري الأربعة ومن ثم النهائي، مع الاهتمام بالأجهزة الفنية ونوعية اللاعبين المحترفين. كرتنا.. «محلك سر»: واشار هاشم محمد سعيد رئيس الرابطة الرياضية الى أن هذا الخروج المؤلم والمتكرر لفرقنا الرياضية من البطولات أضحى هو الطبيعي والمتوقع من الجمهور الرياضي الذي افتقد طعم الفرح طويلاً، والأسباب في تقديره باتت معلومة ولا تحتاج إلى جهد لفهمها، فإدارات فرقنا الرياضية تحجر فكرها الإداري عند عام 1970م ولم يتقدم خطوة واحدة، وبعد ذلك فإن صحافتنا الرياضية مازالت تتغنى بكأس مانديلا وكأس دبي، ومعلوم أن هذه المسميات غير مفهومة إلا لدينا نحن السودانيين دون خلق الله أجمعين، ولا وجود لها في قواميس الكرة العالمية. والجمهور الرياضي ليس أمامه سوى المداومة على هذه الفرجة القسرية ولا عزاء. وطالما كنا نكرر ما فعلناه مرات ومرات ومرات حتما سنصل لنفس النتيجة ألا وهي الفشل تلو الفشل.. لكي نبدأ .... وأقول نبدأ وليس نحقق الانتصار.. لا بد من إقرار بما يلي: أننا نسير في الاتجاه الخطأ، وانجازات الماضي لا تصنع المستقبل ولا تبرر ولا تشفع لفشلنا المتكرر، فكرة القدم أضحت صناعة لها مدخلاتها ومتطلباتها، وهذه الصناعة بحاجة إلى ذوي دربة ورؤية وعلم مواكب. وإدارة أندية كرة القدم تختلف عن إدارة الأطيان والعزب الخاصة، فكرة القدم أصبحت مهنة وعلى من يمتهنها أن يوفيها حقها من الجهد والاحترام. أين الدولة؟؟ خليفة أحمد محمد رئيس مدرسة أمل السودان قال: أولاً: سبب الإحباط الذي لم يسبق له مثيل أخيراً هو أن فريقي القمة وصلا لشبه نهائي إحدى البطولات الكروية الإفريقية، مما ضاعف من الاهتمام والتفاؤل بوصولهما أو أحدهما على أسوأ الفروض للمباراة النهائية عطفاً على نتيجتي الذهاب الإيجابيتين، إذ لو كان أحدهما أو المنتخب هو الذي وصل بمفرده لشبه النهائي فسوف تقل كثيراً درجة الاهتمام والمتابعة والتفاؤل، لأن خروج أي منهما أو المنتخب في هذه المرحلة أو ما قبلها أمر تعودنا عليه. فمن هنا يصبح من المهم نزع فتيل الإحباط المتراكم من إحباطات سابقة، ومناقشة الموضوع في هذا الإطار، أي خروج فريق سوداني من المنافسة بعد وصوله مرحلة متقدمة جداً فيها. إذن بصرف النظر عما حدث يجب إعادة النظر في المسألة برمتها. والسؤال الذي يطرح نفسه هل السودان يريد فعلاً أن يكون له شأن في كرة القدم؟ أم أننا نريد أن نواصل اجترار أمجاد الماضي الكروي. وثانياً: كرة القدم الحديثة عمل رياضي ووطني وشعبي شاق مثل غيره، ولكن له مستحقاته في الصرف عليه بسخاء من جانب الدولة والقطاع الخاص والمقتدرين من محبي اللعبة بالإضافة للجمهور، في بناء مدارس البراعم والناشئين، ويشمل ذلك إيفادهم لدراسة كرة القدم في الخارج، وتشجيع احتراف الكبار، وتأهيل كل القطاعات المساندة مثل صغار المدربين والحكام والمسعفين.. الخ، وتأهيل الملاعب وتعميم اللعبة بشكل مدروس، وإنشاء آليات اكتشاف المواهب وغير ذلك من المستحقات التي لا يسع المجال لذكرها، وسبق أن قتلها من قبلي بحثاً فلاسفة ومتحدثون. وثالثا المباراتان موضوع الاستبيان لا تخرجان عن أنهما تقعان تحت نفس الدائرة التي تراوح مكانها. عدم التخطيط: الأستاذ ياسر مختار رئيس تحرير صحيفة «كفر ووتر» الالكترونية عبر قائلاً: إنها لفتة بارعة وموضوع جيد أحييكم عليه متمنياً لكم التوفيق فيه، وفي رأيي ان السبب الرئيس لخروج الفريقين هو عدم التخطيط الجيد، والمتابع لنتائج الفريقين خلال التصفيات الاولى ومرحلة دور الثمانية يلحظ عشوائية كبيرة، إضافة الى عدم تطور واضح في الاداء، أما السبب الثاني فيرجع للشحن الزائد الذي تسبب فيه الإعلام الرياضي السالب، حتى أن الأمر وصل لمرحلة خطيرة جداً لامست أوتاراً حساسة تتعلق بالتشكيك في الوطنية، اما الامر الأخير فهو عدم القراءة الجيدة للأجهزة الفنية القائمة على رأس الفريقين، اضافة الى أن اللاعبين انفسهم الذين لم يحسنوا للدفاع عن شعارات انديتهم بالصورة المثلى. رؤية مثقوبة: الناقد الرياضي نجيب عبد الرحيم يقول في مقال طويلا إننا لن نتطور ولن نحقق أي إنجاز في ظل وجود هذه العقول برؤيتها المثقوبة، والجمهور غير الواعي، والإعلام التائه الذي يجهل التاريخ ويسير خلاف توجهات الشارع الرياضي ويؤجج المدرجات ويثير التافه من القضايا، ولا يعمل من أجل الارتقاء بالأداء الرياضي إلى مراتب رفيعة المستوى، ويعد من الأسباب الرئيسة التي أوصلتنا إلى هذه الحالة المتأخرة جداً. وإذا لم تتغير هذه الأدوات فسنظل نشاهد الرواية المكررة كل عام: بطولة الدوري الممتاز وكأس السودان محصورة بين المريخ والهلال ولا ثالث لهما.. أما البطولات الخارجية فقد أصبحت عصية على كل الأندية السودانية.
