أغلبكم من الذين يتابعون مسيرة الشعراء وأقوالهم قد سمعوا بالطيب ود ضحوية ذلك الفارس الأصيل ولم يكن الكثير يعلمون السبب الذي جعل ود ضحوية (همباتي) إن الهمبتة في ذلك التاريخ كانت لها مكانة عند الناس وفي التاريخ الجاهلي القديم كان الشعراء الصعاليك ناس السليك السلكة وتأبط شراً وغيرهم كانوا (همباتة) وكانوا يأخذون أموال الأغنياء من جمال أو غيرها ولكن يوزعونها على الفقراء، وانتقلت الهمبتة عبر السنوات إلى أماكن عدة من البلاد، وكان للسودان وبواديه نصيب فيها حيث كانت في شرق السودان وغربه وشماله، انتشر الهمباتة يأخذون الجمال ويسافرون بها للأسواق الداخلية والخارجية، ولعل الطيب عبد القادر ود ضحوية الذي نشأ في بادية أم شديدة والبطانة عاش من رعاة الإبل والزراع في أرض تلك البادية ونشأ مع إخوانه بين والد هو من أغنياء المنطقة حيث الجمال والضأن، فإذاً كان ود ضحوية غير محتاج أن يهمبت أو يسرق. ولكن كانت هناك دوافع جعلته يكون من الهمباتة، فقد كان للطيب إخوة مجموعة منهم الصادق والزاكي وآخرون وكان أصغرهم كرار الذي كان سبباً أن يدفع ود ضحوية ليكون (همباتي) وفجأة كان كرار يتجول بالبادية مع إبله وافتقدوه لأيام لم يعد، وظلوا يبحثون عنه دونما جدوى وخبر.. فقدُه تناقلته أخبار البادية والبطانة بأن كرار ود ضحوية قد افتُقد، وظل البحث يجري بالجمال ويستطلعون الأخبار عنه، وكان هناك قبيلة من الأعراب النازحين والمستوطنين بالبادية.. وقد كان الاتهام يدور حولهم ولكن ليس هناك ما يثبت.. وكانت هناك ابنة لأحد أفراد هذه القبيلة أرادوا أن يزوجوها لرجل طاعن في السن وهي شابة ولا توافق على ذلك ولكن أرغموها لتتزوج هذا الشخص الكبير وكانت تعلم بأن أهلها هم الذين قاموا بقتل كرار أخ الطيب ود ضحوية، ولذلك أرادت أن تعطل هذا الزواج وتنشر خبر قتل كرار من أهلها، وكان لهذه القبيلة زعيم وقائد اسمه علي، وقامت البنت بعمل قصيدة من الشعر توضح أن علي زعيم قبيلتها هو الذي قتل كرار، وكانت الأغاني تنتشر سريعاً بالبادية ويتناقلها الناس وهم أهل أشعار وأحاديث وقالت توضح قتل كرار... ٭ الضحواب جميع مفقودكن الكرار ضلعو يطقطقن تحت الهشيم والنار يسلم لي علي عدمكن الدوار وين الطيب القالو بيجيب التار ومعنى هذا أنها تخاطب أولاد ضحوية الضحواب وأن كرار مفقودكم كتلوه وحرقوه بالنار ويسلم علي الزين زعيم القبيلة الكتل كرار، وانتشر الشعر بالبطانة.. ومن هنا علم ود ضحوية بالخبر وقال رداً على هذا الشعر واستعداده لأخذ التار بسيفه من هذه القبيلة، قال مخاطباً جمله. أكل الخلفة لامن كمل البكرية وقَّ الحوري لي بعصة عريب ناس ريّا أكان ما اسكّت الباكيات واخلف الكيّه قولة أبو فاطنة يا الصادق خسارة عليّا. والمعنى أنه استعد بالجمل وأكل القصب واستعد لمهاجمة عرب ناس ريا وقال اسكت الباكيات وأخلف الكيه وأجيب التار قولة أبو فاطنة تكون خسارة علي يا الصادق وهو شقيقه الأكبر، ومن يومها قام مقاتلاً بسيفه البتار في هذه القبيلة، وظل ينهب جمالهم من المراعي ويضرب فيهم يمينًا وشمالاً وبعدها اندفع في الهمبتة ومعه طه الضرير البطحاني وكيقا عبد الرسول أيضاً من البطاحين.. وللطيب مواقف في الهمبتة. ولكن له أشعار وأقوال قوية في الشعر سأورد منها نماذج إن شاء الله في صفحات قادمة وفيها أنواع من شعر الشجاعة والحكمة وهي صورة لتلك الأيام والمواقف التاريخية تدل على رصانة الطيب وشعره الذي سيتناقله الأدباء عبر الزمان.