في أفريقيا هناك دول اقليمية كبرى، هي جمهورية جنوب افريقيا في جنوب القارة، مصر في شمال القارة، نيجيريا في غرب القارة. تميّزت العلاقات السودانية - النيجيرية بعمق كبير، متجذِّرة على المستويات السيّاسيّة والدينية والعلمية والإقتصادية. في ذلك الإطار عرفت نيجيريا الحديثة السودان، من خلال الشيخ البشير الريّح ورجال الأعمال إبراهيم الطيب الريح وعثمان الطيب الريح. كما عرفت نيجيريا السودان على الصعيد العلمي الأكاديمي والتدريس في الجامعات من خلال البروفيسور العلامة عبدالله الطيب والبروفيسور مدثر عبدالرحيم والدكتور أحمد على عبدالله والشيخ الشهيد حاج نور والدكتور احمد محمد قاني، وغيرهم مئات من العلماء والأساتذة. وقام الدكتور شوقي حسن المصري (جامعة الخرطوم) بتحقيق وترجمة كتاب (بيان وجوب الهجرة على العباد) لمؤلفه القائد العالم النيجيري المجاهد عثمان دان فوديو. ونقل السيد الصادق المهدي في كتابه (يسألونك عن المهدية) أن (عثمان دان فوديو) ترك مخطوطة عند ابنته (نفيسة) يتوقع فيها ظهور المهديّة في السودان. وحث أتباعه الكثر على تأييدها عند إعلانها. وعند ظهور الإمام المهدي أيّده (حياة الدين). وكان للنيجيريين راية تقاتل في الثورة المهديَّة إلى جانب الرَّايات السّودانية. واكتسب السودان قداسة خاصة في نيجيريا باعتباره الطريق إلى الأراضي المقدسة. وكاد أن يصبح السفر بواسطة (سودانير) إلى الحج جزء من مناسك الحج. وارتبطت الطرق الصوفية في نيجيريا، التجانية والقادرية و السمانية، بوشائج حميمة مع السودان وشيوخ السودان. وعند انكسار المقاومة الوطنية الإسلامية ضد الإنجليز في نيجيريا، هاجر بعضهم إلى السودان. في منطقة (سنار) توجد (مايرنو) ونطقها الصحيح (ما أورنو) وتعني (أرض الأمير). كتب الدكتور محمد أحمد الحاج (مدير جامعة أمدرمان الإسلامية) بحث الدكتوراه عن علاقة الثورة المهدية بغرب أفريقيا. وتدفقت المظاهرات في الخرطوم في السّتينات تحتج على اغتيال الزعماء النيجيريين الإسلاميين العلامة السردونا أحمدو بيللو ورئيس الوزراء أبوبكر تفاوه بليوه. في السّودان ملايين المواطنين الذين ترجع جذورهم إلى نيجيريا وأصبحت لغتهم (الهوسا) وموسيقاهم (الكيتا) وأكلاتهم الشعبية (الأقاشي والقدقدو والقورو) جزء من نسيج الحياة السودانيّة، وكذلك تفصيلات الأزياء النيجيرية ويمكن زيارة سوق (6) في الحاج يوسف بالخرطوم بحري. بعض أوائل السودان في امتحان الشهادة السودانية لدخول الجامعات. ومنهم أول السودان، ترجع جذورهم إلى نيجيريا، وكذلك عدد من العائلات والقامات المهنية الأخرى. في حفل رفع راية الإستقلال في السودان بحضور الزعماء السياسيين إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد محجوب والزعماء الروحيين السيد عبدالرحمن المهدي والسيد على الميرغني، كانت من فرق الموسيقى السودانية التي تشارك في الإحتفال فرقة مواطنين جذورهم نيجيريا تعزف موسيقى (الكيتا). في الأعراس السودانية أصبحت تُعزف موسيقى (الكيتا). في خلاوى السودان وجامعات السودان أعداد من طلاب نيجيريا ودول غرب أفريقيا. في نيجيريا تنتشر الأغاني السودانية انتشاراً واسعاً. في حفل زواج كريمة ر ئيس النيجر (دولة من غرب أفريقيا) السيد (هاماني ديوري) كان فنان الحفل محمد وردي. وقد حدث أن زار السودان عالم من السنغال من أسرة دينية كبيرة، جاء إلى السودان بغرض أن يلتقي ويتعرف بالشيخ الزين محمد أحمد إمام مسجد سيدة سنهوري، بعد أن استمع وهو في السنغال إلى تلاوته في صلاة التراويح في رمضان، والتي نقلتها الفضائية السودانية. وما تزال آفاق العلاقات السودانية - النيجيرية ودول غرب افريقيا تنتظر تطويراً كبيراً في كافة المجالات التجارية والإقتصادية و السياسية والعلمية، غير أن تلك الصورة الزاهية للسودان في نيجيريا، والتي تفيض بالإحترام والتقدير انحدرت. حيث تعرَّضت للإهتزاز على خلفية ما تناقلته بعض الصحف السودانية حيناً من الدهر، عن رحلات (فنية) عشوائية محيِّرة إلى نيجيريا. حيث نتجت عن تلك الرحلات العبارة ذائعة الصيت (الشريف مبسوط مني). وقد قال الفنان حسين شندي عن إحدى تلك الرحلات (عليّ الطلاق أنا خجلان من الزيارة دي). من الأبجديات أن الزيارات الفنية عمل سياسي محسوب بدقة. كان ينبغي كما في كلّ دول العالم، أن تشرف السلطات المعنية في الخرطوم بالتعاون مع السفارات السودانية، على برامج الزيارات وتوقيتها وشخصياتها المشاركة وعائدها السياسي والأدبي المتوقَّع، نيجيريا دولة إقليمية كبرى يجب أن يكون التعامل معها على قدر السودان ومكانته وسمعته الكبيرة، وعلى قدر وزن نيجيريا وأهميتها. ومن المفيد أن تصدِر وزارة الخارجية تقارير أداء دورية عن تطور العلاقات الثنائية بين السودان ونيجيريا.