إن زواج المحلل صحيح في نفسه.. وباطل في غرضه.. إن المحلل هو زوج شرعي للمرأة التي أريد منه تحليلها، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته» فإن استمر فزواجه صحيح وإن طلق بغرض التحليل فهو آثم والطلاق صحيح.. وهناك قول آخر ببطلان العقد من أساسه فإذا كان الغرض من الزواج هو التحليل فالزواج باطل من أساسه لأنه فقد ركناً من أهم أركانه وهو الاستدامة وأصبح قريب النية من زواج المتعة المحرم. إن الطريقة التي تم بها انتخاب أمين عام ولاية الخرطوم في مؤتمر شوراها.. والطريقة التي عدل بها النظام الأساسي (الأساسي بالياء وليس الأساس» في مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن ليعطى حق الاختيار لمؤتمر الشورى المركزي.. هاتان الطريقتان تمثلان الوجه الآخر للمحلل.. وهو المحلل السياسي. إن الزواج الشرعي المعترف به هو الزواج الطبيعي القائم على الرضا والقبول والولي والشهود والصداق.. وزواج المحلل زواج مصنوع يُدار من وراء الكواليس ومن وراء الدهاليز وفي غالب الأمر يكون وراءه الزوج المحرم، واختيار الأمين العام للحركة الإسلامية في الولاية كان اختياراً مصنوعاً.. صنعه مجلس التنسيق.. وكذلك كان اختيار الأمين العام في المركز اختياراً مصنوعاً.. صنعته دهاليز السلطة وجاءت بعريس يرضيها محل عريس لا يرضيها.. لا ندري هل كان ذلك برضاه أم بغير رضاه. وفيما عدا أن العرسين مصنوعان ووراء كل واحد منهما عريس محرم.. نجد أن العريس في كل حالة كامل الأهلية ليقوم مقام الزوج بكل ما تطلبه منه الشريعة المحكمة السمحاء الكاملة العادلة.. ولا يقدح في أهليته إلا رضاه بأن يقوم بدور المحلل!! إن على عبد القادر محمد زين الذي نعرفه ألا يقوم بدور المحلل.. إن عليه أن يقوم بدور الزوج بكل أشراطه وصفاته.. إن عليه أن يذوق عسيلة التكليف وعسيلة الاختيار. وعسيلة التكليف وعسيلة الاختيار أن يأخذها عبد القادر بحقها.. وحقها هو إصلاح الحال الذي آلت إليه الولاية في عهد سلفه السابق.. وحقها هو إعادة الحق إلى نصابه والسيف إلى قرابه.. حقها هو التحقيق في الفساد إن لم يكن قضائيًا فعلى الأقل تنظيمياً.. حقها هو إعادة الاعتبار للإخوة الذين تجاهلتهم الولاية في كل مراحل التنظيم من الحي إلى المحلية إلى الولاية إلى التصعيد إلى المركز.. إن حق التكليف وحق الاختيار أن تلتزم الولاية بأن تربي قادتها على أن الشيطان يشرب بشماله ويأكل بشماله.. إن حق التكليف وحق الاختيار أن تقول الولاية لنسائها وفتياتها «وقرن في بيوتكن» فلستن بأفضل من نساء النبي صلى الله عليه وسلم.. ومن حق التكليف والاختيار أن تضبط الولاية الشارع الذي لم يعد شارعاً سودانياً ولا إسلامياً.. هكذا كله في الولاية.. إذا حدث هذا.. أو حدثت بداياته فإن عريس الولاية الذي جيء به ليقوم بدور المحلل يكون فعلاً قد تمرد على دور المحلل وأعاد الأمر إلى حظيرة الشريعة السمحاء وأصبح بعلاً كامل البعولة لحسناء الحركة الإسلامية التي أوشك أن ينزلها «سماسرة السياسة وسماسرة الفساد!! وإن على الأمين العام الجديد في المركز والذي نعرفه ألا يقوم بدور المحلل.. إن عليه أن يؤدي دوره كزوج بكامل أشراطه وصفاته، وعليه أن يذوق عسيلة التكليف وعسيلة الاختيار.. وعسيلة التكليف وعسيلة الاختيار أن يأخذها الزبير بحقها ومن حقها ألا يشاركه فيها أحد ولا حتى الهيئة القيادية العليا.. ومن حقها أن يصر الأمين العام على إنزال الشريعة من الأرفف والاضابير لتحيا في المواطن حيث يحيا في السوق وفي المنزل وفي الطرقات وفي كل سكنه وكل حركة. ومن حقها عليه أن يلتقي بالقامات القيادية التاريخية والشبابية والنسوية ويلزم كل واحد منهم دوره ومسؤوليته. إن من حق العسيلة عليه أن يكون الأصل هو الأصل وأن يكون الفرع هو الفرع.. إن إبعاد الحركة الإسلامية من السياسة يعني إبعاد الدين من السياسة.. مع أن اسم الحركة الإسلامية هو أحد أحابيل الذين يريدون للإسلام أن ينزوي وينصرف ولا يكون له ذكر ولا صدى في حياة الناس. ويفعلون ذلك تدريجياً دون أن يحس بهم أحد. إن نظرية المحلل لا تقل شناعة عن نظرية الوكيل «ألا تتخذوا غيري وكيلا». ولأول مرة في تاريخ العمل الإسلامي تجمع حركة إسلامية بل ودولة إسلامية بين نظريتين وأسلوبين غاية في القبح وغاية في الشناعة. إن هذا الذي نقوله ليس مما ننفرد به دون الآخرين وليس نتاج عبقرية فذة.. بل إن الجميع يقولونه وبأشد وأعنف مما نقوله هنا.. ولكن الفرق أن الوسائل الإيضاحية هنا تختلف عن مثيلاتها إذ يعتمد التشبيه وضرب الأمثال مما يساعد على تقريب المعنى وإيضاحه. إن على الحركة الإسلامية أن تتبين وتدرك أن المؤتمر الوطني لا يصلح وكيلاً لها في تطبيق الشريعة الإسلامية ولا الدفاع عنها. وعليها أن تتبين أن الأمين العام المحلل ليس هو الأمين العام الزوج وإن المحلل لا يكون محللاً إلا إذا ذاق العسيلة والعسيلة هي جوهر البعولة والتبعُّل. فليذق كل واحد من الأمينين عسيلتها.. ولا يذوق أحدهما العسيلة إلا إذا باشر وظيفته كاملة في الأمانة.. وإلا إذا أقرت له حليلته بما تقر به الحليلة للبعل. إن المحلل بمعنى آخر لا يكون محللاً بحق إلا إذا كان زوجاً بحق.. فكيف يكون محللاً وهو لم يذق العسيلة بعد.. أرجو أن أكون قد بينت وقاربت والله المستعان. صدِّق أو لا تصدِّق أنا لا أفهم ولا أتخيل طريقة سوية أو ملتوية يمكن أن تصل بها هذه الأعداد المهولة من الأحباش إلى عواصم السودان المختلفة.. حتى إنك عندما تراهم لا تُفاجأ بهم.. وتظنهم سودانيين.. دناقلة أو جعليين أو رباطاب أو هواوير أو كواهلة أو بديرية وهلم جرا.. حتى يتكلموا.. المدهش والمحيِّر هذه السرعة وهذه القدرة الفائقة على التطبيع.. حتى تظنهم قد وُلدوا هنا.. فهم يمشون ويركبون ويتكلمون بلا أدنى إحساس بالغربة ولا بالوحشة ويتكلمون لغتهم بصوت مرتفع.. ويتكلمون في الموبايل بالرطانة الحبشية بأعلى صوت.. حتى إن جميع من يسمعون في الحافلة أو في أي مجمع «يصن» ويصمت.. إنهم يتصرفون تصرف أسياد البلد لا تصرف أولاد البلد.. والحكومة.. إن كان هناك حكومة.. والإنقاذ.. إن كان هناك إنقاذ.. والداخلية.. إن كان هناك داخلية.. تتصرف وكأن الأمر لا يعنيها. والمؤسف أن السودانيين المواطنين الذين يسلقون الحكومة بألسنة حداد في الصغيرة والكبيرة «وفي الهينة والقاسية» يتعاملون مع الملف الحبشي بلا مبالاة ينفطر لها قلب المشفق الحادب.. الشغالات الحبشيات المراهقات اللاتي لا نعرف عنهن شيئاً ولا نبالي أمسلمات كن أم غير مسلمات.. حاملات للفيروس «إياه» أم غير حاملات.. وهل هناك جهة مسؤولة عنهن إذا سرقن أو أتلفن.. أو أهملن.. ومع ذلك فإنهن موجودات مع المراهقين من أبناء الأسر جنباً إلى جنب.. بدون حواجز.. وبدون خطوط حمراء وبدون رقابة.. وبدون مخاوف.. وبدون فحص للإيدز مع أن الغرض الذي قد يدخلن به لا يغني شيئاً وحتى الذي قد ينلنه هنا لا يعني شيئاً لأنهنَّ قد يُصَبن بالفيروس بعد وصولهن إلى السودان.. ولا أرى أن تحزن الأسر هذه بل تحزن إذا اكتشفت فجأة أن أحد أبنائها المراهقين قد أُصيب بالإيدز من الشغالة.. عندها سوف تعرف الأم ويعرف الأب مدى الجرم الذي ارتكباه في حق ولدهما والأسرة والقبيلة كلها بل والمجتمع.