أجراه: أحمد يوسف التاي آمال الفحل قال وزير الدولة برئاسة الجمهورية الدكتور أمين حسن عمر إن ما حدث من أمر المحاولة التخريبية ليس انقلاباً خطيراً داخل المؤتمر الوطني، وإنما هي خطوة قام بها ثلة قليلة خرجت، وتحاول أن تخرج بالسلاح، وأشار عمر في الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» أن المجموعة التي قامت بالمحاولة معظم أفرادها من العسكريين المتقاعدين، داعياً إلى أخذ ما حدث مأخذ الجد ودراسة الظاهرة والوقوف عند أسبابها ودوافعها وأهدافها، إلا أنه عاد وقال إنه ينبغي ألاّ نخوض في هذا الأمر وأن نتركه للتحريات ليكون الحديث في هذا الشأن عن بيِّنة، وتناول الحوار جملة من أحداث الساعة ومُخرجات مؤتمر الحركة الإسلامية، والتيارات الرافضة، وحركة التغيير التي يقودها الشباب داخل الحزب، وتقرير المراجع العام الأخير، فإلى نص الحوار: بدءاً كيف تقيِّم نتائج مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير؟ أهم النتائج أن المؤتمر أجاز الدستور وأجاز الموجِّهات والسياسات العامة للحركة الإسلامية، فمعظم الموجهات ستذهب إلى المؤتمر الوطني من خلال عضوية الحركة الإسلامية، ومن أهم النتائج كذلك انتخاب أمين عام جديد وسوف يكون هنالك نتيجة لاختيار أمين عام جديد، يعني قيادة جديدة للحركة الإسلامية نرجو أن تكون مستجيبة لتطلعات القواعد، وهذا المؤتمر سبق تقريباً «12» ألف مؤتمر على مستوى القواعد ثم مؤتمرات في كل ولايات ومحليات السودان، وهذا تنشيط كبير جداً للقواعد وإعادة بناء لهياكل العمل القاعدي، وهذا من أهم الإنجازات التي عملها المؤتمر، والأهم من ذلك أنه سوف يبلور السياسة التي سوف تسير على هديها الحركة الإسلامية في المرحلة المقبلة وسوف يجدِّد القيادة التي ستقود الحركة في الدورة المقبلة التي مُدّتها أربعة أعوام. على الصعيد الشخصي هل أنتَ راضٍ عن مخرجات المؤتمر رغم ما صحبها من لغط وجدل؟ أنا راضٍ ولكن سوف يكون دائماً هنالك تقصير في أي عمل يؤدَّى ولكن هذا المؤتمر في تقديري عمل منظَّم ومرتَّب وأُعد له بصورة جيدة، وبلغ بنا إلى اختيار أمين عام واختيار رئيس لمجلس الشورى وهذا هو المطلوب. في رأي الكثيرين أن المحصلة النهائية للمؤتمر جاءت لصالح التيار الداعي لتذويب الحركة في الحزب، بم تعلق؟ هذا الأمر حُسم، وليس هنالك شيء اسمه تذويب، كانت هنالك آراء تعتقد أنه ينبغي للمؤتمر الوطني أن يكون هو الجسم الأكبر والأهم وله ولاية على الحركة وهذا لم يُقبل وحُسم في إطار مجلس الشورى، وورد الدستور بخلاف هذا، والدستور الذي وافق عليه الجميع أكد أن الحركة الإسلامية كيان مستقل، والمؤتمر الوطني كيان مستقل، وأن العلاقة التي بينهما علاقة تنسيقية من خلال هيئة قيادة مشتركة، فليس هناك تيار، هنالك أشخاص فقط، وهنالك فرق بين تيار وأشخاص، وهؤلاء أشخاص عبَّروا عن آرائهم كأفراد، والدليل على هذا أن الدستور أُجيز في مجلس الشورى بالإجماع ولم يكن هنالك خلاف، والخلاف كان في نقطة أن بعض الناس من باب قلة الثقة فقط قالوا إنا إذا كنا في هيئة قيادة يرأسها رئيس المؤتمر الوطني هذا يعني أن المؤتمر الوطني أعلى وهذا غير صحيح. قلت قلة الثقة، قلة ثقة بمن؟ قلة الثقة بين الناس وفي نفوس بعض الناس، والدستور تحدَّث عن هيئة طابعها تنسيقي، فهل مطلوب أن لا يكون هنالك تنسيق؟ فإذا كان التنسيق مطلوبًا فهذه هيئة تنسيقية ليس لها أن تملي على الحركة الإسلامية في إطار التنظيم الخاص ولها أن تفعل أو لا تفعل لذلك الحجة في ذلك حجة ضعيفة، ولما أرادوا لهذا أن يكون واضحًا في السياق عُدِّلت هذه الصياغة، والموقف الثاني هو اختيار الأمين العام من المؤتمر، وبعض الناس اعتقدوا أن اختيار الأمين من المؤتمر يقوِّي الأمين العام، ولكن على من يقوِّيه؟ على مجلس الشورى الذي نريد له أن يحاسب الأمين العام؟ وهم يعتقدون أن هذا يقوِّيه أمام المؤتمر الوطني، لكن المؤتمر الوطني ليس له سلطة على الأمين العام حتى يُقوِّيه أو يُضعفه إلا إذا كان في نفوسهم شك، وعلى الرغم من النصوص المكتوبة في الدستور تجد من يخشى أن يكون الأمين العام خاضعًا للمؤتمر الوطني، لذلك أنا أخذتُ على الأخ غازي إذا كان الاعتقاد هذا لماذا لم يترشَّح الأخ غازي ليكون صمام أمان. ما الذي يضمن عودة الحزب للهيمنة على الحركة مرة أخرى؟ هذا غير مبرَّر، فالدستور واضح، وأن الحركة الإسلامية مستقلة في شؤونها تماماً عن المؤتمر الوطني، والمؤتمر الوطني أيضاً مستقل عن الحركة الإسلامية، فإذا كان هذا واضحًا في الدستور إذاً المقصود قد يكون هنالك أثر ما موجود في الدستور لا نستطيع أن نقدم ضمانًا ضد هذا. تيار الإصلاح كان يطالب ويسعى لأن تكون الحركة الإسلامية قائدة للدولة والحزب، ومهيمنة، وهذا ما لم يحصل عليه في المؤتمر العام؟ هذا مرفوض وغير مقبول ولا يستطيع أحد أن يتحدَّث عن هذا لأن هذا مرفوض من الناحيتين العملية والأخلاقية.. من الناحية العملية لا تستطيع نخبة أن تسيطر على تنظيم أكبر منها، فالحركة الإسلامية عضويتها التي شاركت في المؤتمر حوالى «550» ألفًا والمؤتمر الوطني عضويته «12» مليونًا فكيف «12%» يسيطرون على عدد أكبر منهم. من الناحية الأخلاقية كيف ننشئ حزبًا ونقول للناس أنتم أحرار ومتساوون معنا ونفرض عليهم وصاية من جانب «12%» أو «11%».. إما أن نعمل حزبنا نخبوياً على قدر «550» ونعتمد عليه في الانتخابات أو نقبل الخيار الآخر الذي اعتدنا عليه طوال تاريخنا السياسي أن نعمل من خلال جبهة واسعة.. ما حدث «1958» من خلال جبهة الدستور وجبهة الميثاق وسنة «1964» ثم من خلال الجبهة الإسلامية القومية، حيث لم يكن التنظيم يعمل في الساحة السياسية كتنظيم، وكان يعمل في إطار واسع، فهذا الحال لم يختلف، وهذا الحال الموجود الآن في الدول مثلاً: هنالك حزب الحرية والعدالة، وهنالك حزب النهضة ومجموعة مستقلة تعمل في الشأن الحكومي، فما هي الغرابة في ذلك، فإذا كان المقصود أن تسيطر الحركة على الحزب فهذا أمرٌ غير مقبول وهذا مرفوض. لكن مما يفهم من هذا التيار أن الحركة الإسلامية كانت مغيَّبة تماماً طوال الفترة الماضية؟ هذا كلام ليس له أساس، فالحركة الإسلامية تعمل من فوق أم تحت؟ فإذا كانت غير موجودة فهي غير موجودة بتقصير قواعدها وهذا غير صحيح، فالحركة الإسلامية موجودة على مستوي القواعد، ومؤثرة ومتحركة، فالناس أحرار فيما يختارون والآن اختاروا شخصًا متفرغًا وليس وزيرًا في الحكومة. هناك تيارات ترفض ما جرى في المؤتمر وقد عبرت عن نفسها سياسياً؟ هذه ليس تيارات وإنما تفاوتات في الرأي وهذا مطلوب وطبيعي ومرحب به، وقطعاً التوافق الكامل لا يحدث إلا في حالتين إما بالاستبداد أو النفاق، فالناس دائماً لا يتوافقون في الرأي. لكن هذه التيارات خرجت للعلن وأعلنت رفضها وبلغت في جملتها «ستة» تيارات، وهناك أيضاً تيار الإصلاح الذي يتزعمه عبدالغني أحمد إدريس؟ هذا أمرٌ مضحك، لا توجد ستة تيارات، هذا حديث ليس له قيمة علمية وواقعية، وأنا أعرف أن هنالك اتجاهات في الرأي لكن لا تسمى «إصلاح» وعبد الغني يمكن أن يسمي نفسه ما يشاء، فطبيعة التنظيمات أن لها تيارًا محافظًا وتيارًا أقل محافظة، فإذا قلت (تيار تجديدي) هذا طبيعي في أي تنظيم وليس فيه غرابة ولا يوجد تيار أخلاقي وتيار آخر إفسادي، وهنالك وضع طبيعي جداً، هنالك تيار يعتقد أن التغيير ضرورة مستمرة لمراجعة الأفكار والسياسات والقيادات.. بعض الناس أكثر حذرًا ويرون أن بعض هذه الوجوه ذات الخبرة لا يمكن تغييرها، هذه طبيعة النظر في الأمور، أما الإعلام فيريد أن يحول هذا إلى تيارات. الإعلام لم يسمِّ تيار الإصلاح بل من أسماه هو عبد الغني والإعلام نقل ذلك؟ عبد الغني أصدر بياناً وليس لنا تأكيد واحد أن عبد الغني جلس مع خمسة أشخاص ليُصدر هذا البيان. بعض القيادات تحجر على الآخرين حتى اسم «تيار» ويقللون من شأنه.. مقاطعاً.. أنا أسميه «اتجاه»، وأنا اعتبر نفسي جزءًا من هذا الاتجاه الذي يدعو إلى التغيير والإصلاح ولكن لا يسمى «تيار» ويوجد فرق بين التيار والاتجاه، ونحن موجات مختلفة في نفس النهر وليس اتجاهات، وهذا طبيعي في اي تنظيم أن يكون هنالك محافظون وأن يكون هنالك تجديديون، فالناس يتفاوتون في اتجاهاتهم الفكرية. اختيار الزبير بهذه الطريقة عزَّز الشكوك خاصة أنه رجل مهادن.. الزبير واحد من الشخصيات التي لا يختلف عليها الناس، فالزبير ليس مهادنًا وليس مذعنًا، ونحن لا نريد شخصًا مصارعًا، نحن نريد شخصًا مستقل الرأي، وأعتقد أنه شخص مؤهل، فإذا لم يستطع أن ينشئ فريق عمل فعَّال لا ينجح مهما أوتي من قدرات.. لذلك فريق العمل هو المحك. لكن رافضيه يأخذون عليه الضعف ويستدلون على ضعفه الإداري بفشله في محاربة التجنيب وتصفية الشركات الحكومية، وعدم إحكام ولاية المالية على المال العام عندما كان وزيراً لها؟ بعد ما ذهب الزبير من المالية ما هو الجديد في المالية؟ فأنا كنت مديرًا للإذاعة في التلفزيون كنت أعتقد أنني إذا أعطيت المالية كل الإيرادات لا تعطيني المصروفات، فالتجنيب هو أن تحتفظ بجزء من الإيرادات في مقابل المنصرفات التي لا تأتي من المالية، فالمالية لا تعرف ما هو القدر الذي جنّبته، فهذا الأمر مستمر، وطالما أن المالية لا تلتزم بدفع المصروفات وقانون المالية فالوزارات والهيئات سوف تحتفظ بجزء من إيراداتها ولا تسلمها للمالاية حتى تستكمل بها ما نقص من المصروفات التي لم تدفعها المالية لها، وأنا لا أعتقد أن الزبير عجز عن هذا، ولا أعتقد أن الزبير ضعيف، فأنا لا أحكم على الاشخاص بهذا وإلا لقلت إن عوض الجاز ضعيف وعلي محمود ضعيف ومن سبقهم كذلك لأن الظاهرة لم تظهر في عهد الزبير فقط. ما تسميه اتجاهات وليس تيارات، أصبح الآن كاسحاً ورافضاً للأوضاع الحالية داخل الحزب وعبَّر عن رفضه بالمذكرات، وهذا الأمر ليس أمر أشخاص؟ هذه ظاهرة حيوية، ولا بد أن ترفع صوتك لكي تُسمع، والمذكرة هي مذكرة لتذكير الناس وليست حصة إملاء، ولهم الحق أن يذكرونا في بعض الأفكار والمراجعات، وسوف يُعمل بكل ما تقتنع المؤسسات به لكن ليس لأحد الحق في أن يُملي على الآخرين ما يجب أن يعملوا. كان ذلك على الصعيد السياسي، أما الصعيد العسكري، فقد كان تعبير الرفض محاولة انقلابية من داخل المؤتمر الوطني؟ هذه مجموعة ومعظمهم من العسكريين المتقاعدين ولا نريد أن نخوض في ذلك لأنهم مازالوا في طور التحقيق والاشتباه ولا يجوز أن نتحدث عن دوافعهم وكأنهم تمت إدانتهم، لكن لا يوجد أي مبرر لمثل هذا، وأي حركة تريد أن تفرض رأيها بالحل العسكري فهذا مرفوض ولا يمكن أن يُعتذر له بأي حال من الأحوال. لكن أن يقوم بالمحاولة الانقلابية إسلاميون داخل الحزب الحاكم، فالأمر غير طبيعي ويعكس حالة خلاف وصراع عميق؟ ليست هذه هي المرة الأولى، فالمؤتمر الشعبي انشق وكون تيارًا عسكريًا سماه حركة العدل والمساواة، ويوجد بعض الأشخاص خرجوا من إرادة حزبهم وأرادوا أن يفرضوا رأيهم بقوة السلاح، فالمؤتمر الشعبي انفصل في المرة الأولى وما كان يريد أن يفرض رأيه بقوة السلاح ولكنه أنشأ جهازًا بعد ذلك ليفرض على الحكومة تغييرًا بقوة السلاح، وحركة العدل والمساواة هي جناح عسكري للمؤتمر الشعبي، وهذا لا يغيب عن أي صاحب فطنة. الشعبي فعل ذلك وهو معارض، لكن هؤلاء المتهمون ليسوا معارضة بل منكم؟ هذا عادي في طبيعة البشر أما أننا لا نريده أو غير مناسب أو أنه ظاهرة تستحق الدراسة والنظر في أسبابها ولماذا حدثت فينبغي أن يؤخذ بجدية. ففي طبيعة البشر يمكن أن يحدث مثل هذا، فالصحابة اقتتلوا في معركة الحرة وقُتل «15» ألفًا، ففي طبيعة البشر هذا أمرٌ غير مستغرب، أما إنه غير مقبول وأن تدرس أسبابه وأن تحاصَر آثارُهُ فهذا يمكن أن نتعامل معه بحذر وجدية. ما حدث غير طبيعي، ولعل وجه الغموض يكمن في أن هذه العناصر من أصلب عناصر حزبكم؟ هذه ثلة قليلة خرجت وتحاول أن تخرج بالسلاح، فنحن لا نتحدث عن انقلاب خطير داخل المؤتمر الوطني. ربما ثلة قليلة، لكن شخصية مثل قوش تعطي هذه الخطوة بُعداً آخر؟ قوش أصبح عضواً بعدما أُعفي من مهامه، نعم جاء بعد ذلك وأصبح عضواً، فأنا لا أريد أن أتحدث عن أشخاص لأن هذا الأمر غير مفروغ عنه. هل تعتقد بوجود بُعد خارجي لهذه الخطوة؟ لا أقول من الناحية المبدئية أن هنالك بعدًا خارجيًا، وأنا لا أريد أن أتحدث بالتخمين وليس بالمناسب أن نتحدث عن هذا، وينبغي النظر في الوقائع والأدلة والبراهين والحقائق، وعندما تتضح الصورة من خلال الوقائع والأدلة والبراهين تقدَّم للرأي العام. خرج تقرير المراجع العام صارماً وتحدث عن اعتداءات على «175» مليارًا مما يشير إلى أن الدولة كأنها عاجزة عن الحد من هذه الظاهرة؟ الاعتداء على «175» مليونًا وليس 175 مليارًا هذا كل الفساد الموجود. فإذا قارنا بين الدول الأخرى لا يوجد فساد، فالفساد أكبر من ذلك وأوسع، ويوجد فساد آخر لا يظهر في المراجعة مثلاً.. الاستفادة من المعلومات أو وجود فرص عمل لشخص أعرفه مثلاً، وهذا داء عريض، ولكن كيف يُعالَج؟، يُعالَج ببناء منظومة للنزاهة الوطنية متكاملة من حيث التشريعات والإجراءات ومن حيث المحاسبة.. بعض الناس يظنون أن النزاهة غير مكتملة وينبغي أن تكتمل بسن تشريعات إضافية، والبعض يعتقد أن الحكومة ليست سريعة في المحاسبة، وآلياتنا في المحاسبة والمحاكمة بطيئة بطبعها، لذلك الناس لا يرون أن العقوبة نزلت على الأشخاص، فهذا يحتاج إلى مصارعة وبناء شبكة فعّالة ضد الفساد والاستفادة من التجارب الدولية.