إذا وُجِّهت لك الدعوة لحضور مناسبة في نادٍ أو صالة وأنت تجلس في الكرسي الوثير تتناول طبقك الفاخر وتطرب على أنغام الموسيقا وحولك الأسرة والأصدقاء وبعد نهاية الحفل تخرج تاركًا بقايا طبقك التي تظن أنها سوف ترمى في صندوق النفايات دون أن تعلم أن تلك البقايا تُباع في سوق بروس حيث يوجد مكان مخصَّص لبيع مخلفات أكل المناسبات فتفرز البقايا على حسب النوع، فتجد البيتزا في أكوام والسمبوكسة والخبز وبقايا الدجاج ويُقيَّم الكوم من ناحية السالم والمقروم، فالمقروم أرخص من السالم، فتبلغ قيمة السالم جنيهين والمقروم جنيهًا، أما بقايا الدجاج فتفرز العظام الخالية تمامًا وتُباع بثمانين قرشًا والتي يوجد فيها بعض اللحم بجنيه للكوم الواحد. سوق بروس يبعد عن سوق ستة بعدة كيلومترات وأغلب رواده من مناطق اليرموك والأندلس ومعظم السلع التي تُباع فيه إما منتهية الصلاحية أو مستعمَلة ويفتقر السوق للتخطيط والتردي الكبير للبيئة وعدم الرقابة الصحية على السلع بالرغم من الضرائب المفروضة من المحلية. اللحوم حدِّث ولا حرج حيث لا يوجد في اللحوم الحمراء ختم للصحة ولا يعرف أحد مصدرها إلا التاجر نفسه وليست هناك أوزان معينة فيُباع لشخص على حسب قروشه ابتداء من خمسين قرشًا، أما اللحوم البيضاء فهناك عدة أنواع من الطيور مثل القمري والحمام والبط وهناك كمونية دجاج وقوانص وكمونية مشكَّلة من حمام وبط وقمري، حيث تبلغ أسعار الكمونية جنيهًا ونصف جنيه، أما الطيور فتباع أيضًا على حسب حاجة الزبون فتجدها مقطعة لقطع صغيرة ولكن لا يُعلم ما إذا كانت مذبوحة أو ميتة. الخضروات من شكلها تعرف أنها تالفة أو بدأت تتلف، ومن هنا يُقيَّم الخضار، فالتالف يُباع بسعر زهيد وبكميات كبيرة أما شبه التالف فيباع بأسعار أعلى قليلاً فتجد البصلة بي عشرة قروش والطماطمة التالفة الخمسة بي عشرة قروش. الفاكهة.. البعض يُباع بالحبة مثل البرتقال والموز والبعض الآخر يُباع بالقطعة مثل البطيخ والمانجو فتقطع إلى شرائح صغيرة وتُباع كلٌّ على حدة. أما الأرز فيُباع بالملوة وكذلك الشعيرية والمكرونة والدقيق فتجدها في صواني، والبسكويت المهروس، وبقيت المواد التموينية غير معبأة من مصنع والزيت موزع في كرستالات على حسب الطلب.. يوجد في السوق الكثير من الوجبات المشكوك في أمرها مثل الدجاجة كاملة وبي ملحقاتها بي عشرة جنيهات ويقطع الجلد ويشوي على أساس أنها شيَّة جمر، وكذلك يُستخدم جلد الطيور في الأقاشي وهنالك أضلاف الدجاج ويُطلق عليها اسم ابصر شوية وكذلك رؤوس الدجاج والجراد المقرمش. قال الشاب دقاش وهو أحد سكان المنطقة إنه مستنكر الوضع في السوق ولا يأتي إليه إلا عند الضرورة لأنه لا يثق في معظم البضائع الموجودة فيه، أما الحاجة خديجة فقالت إن السوق جيد وأسعاره كويسة معها فهي لا تخاف المرض مستشهدة بأن النار تقتل أي جراثيم، وقالت أيضًا إن اليوم واحد وأغلب الناس هناك لا يأبهون بالجيد من التالف ما دام الأسعار في متناول اليد.