من بديهيات السياسة السودانية أن باقان أموم عميل أمريكي، فقط لا غير. لكن ثعبان واشنطن الذي ظهر يوم السبت الماضي بإطلالته الكئيبة في الخرطوم يلف ويدور، ماذا يريد. كل السودان يعلم أن المتمرد باقان أموم جزء من الأدوات الأمريكية لتفكيك السودان وتقسيمه وإعادة رسم خريطته. في ذلك السِّياق تأتي زيارة باقان الذي وصل الخرطوم يوم السبت 1/ديسمبر2102م. في ذلك السِّياق تأتي زيارة المتمرد باقان أموم، الذي لم يثبت قط خلال تعامله نزاهة أو صدقية. باقان الذي يتحدث اليوم في الخرطوم عن السماح لنفط الجنوب بالمرور، هو الذي يوفِّر ل(قطاع الشمال) و(الجبهة الثورية) الأرض والسلاح لتشنّ عملياتها العسكرية عبر الحدود ضد السودان. باقان الذي يتحدث في الخرطوم عن (التعاون المشترك بين البلدين)، هو الذي يرفض فك الإرتباط مع الفرقة التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي. حيث تحتلّ الفرقتان (54 ألف جندي) أراضي جنوب كردفان والنيل الأزرق. باقان الذي يزوِّد الفرقة التاسعة والفرقة العاشرة بالسلاح والمرتبات والأوامر العسكرية، هو نفسه باقان الذي يستخدم الفرقتين ورقتي ضغط وابتزاز ضد السودان، حيث يرفض سحبهما إلى جنوب السودان، بينما سحب السودان كل الجيش السوداني من أراضي جنوب السودان. وانتهز باقان فرصة عدم السحب المتزامن للجيش السوداني من الجنوب والجيش الشعبي من الشمال، ليستغل ذلك الظرف ضد السودان بأقصى انتهازية ممكنة. جيوش (باقان) في النيل الأزرق بقيادة المتمرد مالك عقار، هي التي شرَّدت المواطنين في الولاية وخلقت الذرائع للتدخل الأمريكي (الإنساني). حيث أسقط برنامج الغذاء العالمي، بتوجيه واشنطن، خلال الفترة 15/أغسطس - 17/سبتمبر 2012م انطلاقاً من (قمبيلا) بأثيوبيا أكثر من ألف طن من مواد (الإغاثة) للاجئين من النيل الأزرق إلى مقاطعة (المابان) بجنوب السودان. لا أحد يدري كم عدد أطنان الأسلحة التي ألقى بها برنامج الغذاء العالمي ضمن الألف طن غذاء، تلك التي رمى بها في عملية الإسقاط الجويّ. في تزامن مع ذلك الإسقاط الجويّ، كان وفد (قطاع الشمال) الذي يتلقى تعليماته من باقان أموم في زيارة إلى واشنطن. حيث التقى في 10/سبتمبر 2012م بمسؤولين في الخارجية الأمريكية والكونجرس. حيث التقى جون ماكين (مرشح الرئاسة السابق) و (ميشيل كبانو) الرئيس المناوب مع (فرانك وولف) لمجموعة السودان في الكونجرس.(فرانك وولف من أشرس أعداء السودان). ومن بعد الخارجية والكونجرس، زار وفد الحركة الشعبية (قطاع الشمال) الذي يأتمر بأوامر باقان (معهد السلم) بواشنطن ليبثّ دعايته السَّامة ضد السودان، كما زار مقر منظمة (كفاية) برئاسة (جون برندر قاسيت)، أحد أشرس أعداء السودان. بعد الإسقاط الجوي الذي قام به برنامج الغذاء العالمي انطلاقاً من قمبيلا للاجئين السودانيين الذين لجأوا من النيل الأزرق إلى (المابان) في جنوب السودان، قام مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون السكان والهجرة واللاجئين (آني ريتشارد) بجولة خلال الفترة 24-31/أكتوبر2012م شملت معسكرات اللاجئين في المابان وولاية الوحدة (ييدا)، إضافة إلى معسكر (كاكوما). باقان أموم الذي يتحدث في الخرطوم يوم السبت الماضي عن (التعاون بين البلدين)، ما يزال ينكر دعمه العسكري ل (قطاع الشمال) ليشن عملياته العسكرية في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وما يزال ينكر الدعم العسكري الذي قدَّمه ويقدِّمه لمتمردي (الجبهة الثورية) الذين وجدوا في جوبا السلاح وقاعدة الإنطلاق العسكري ضد السودان، بعد سقوط نظام القذافي في طرابلس. مايزال باقان يُنكر أي علاقة عسكرية بقطاع الشمال وأي دعم لمتمردي (الجبهة الثورية)، ذلك بينما أصبح الدعم العسكري الذين يقدِّمه باقان إلى (قطاع الشمال) ومتمردي (الجبهة الثورية) لزعزعة السودان في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور أمراً واضحاً يراه كلّ العالم، بما في ذلك الرئيس أوباما الذي اضطرّ لمطالبة دولة الجنوب في أبريل 2012م بوقف دعمها العسكري للمجموعات المتمردة ضد الشمال. باقان الذي يتحدث في الخرطوم اليوم عن (المصالح المشتركة بين البلدين)، هو نفسه الذي يقدم الدعم العسكري في جنوب كردفان ليفتعل ويختلق الذرائع للتدخل الأمريكي (الإنساني) في جبال النوبة. حيث نشر موقع (كفاية) الأمريكي المعادي في 22/أكتوبر 2012م قيام منظمة دولية (طوعية) بتقييم الوضع الغذائي في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية (قطاع الشمال) في جنوب كردفان. وقد قام بتحليل المسح التقييمي خبراء من جامعة جون هوبكنز - كلية بلومبيرج للصحة العامة. يمثِّل باقان أموم بزيارته الخرطوم جزء من مخادعات ومناورات حكومة الجنوب التي تلعب دوراً محورياً أصيلاً في تنفيذ خطة واشنطن بإنفاذ خارطة أمبيكي وتنفيذ عمليات شريان الحياة (2) في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وإعادة رسم حدود الشمال والجنوب. وذلك ليس وفقاً لترسيم حدود 1/يناير 1956م كما تنصّ اتفاقية نيفاشا، بل كما تنصّ (الحدود المرنة المتحركة) التي ابتكرتها أمريكا أخيراً، حيث قامت واشنطن في انقلاب على اتفاقية نيفاشا، باحلالها مكان حدود الشمال والجنوب. يجب أن تتمسك حكومة السودان بنصوص اتفاقية نيفاشا نصاً وروحاً، وأن ترفض الحدود المرنة وخارطة أمبيكي والمنطقة منزوعة السلاح. يجب أن تتمسَّك حكومة السودان بوضع الملف الأمني قبل الملف الإقتصادي. (تتضمن اتفاقية أديس أبابا الأخيرة خمس اتفاقيات اقتصادية من جملة تسع اتفاقيات). حكومة السودان التي تحتلّ جيوش (باقان) أراضيها في جنوب كردفان والنيل الأزرق، يجب أن ترفض علناً تخرُّصات باقان عن (التعاون بين البلدين). حكومة السودان التي يمنح (باقان) أعداءها من متمردي (الجبهة الثورية) الأرض والسلاح لزعزعة دارفور، يجب أن ترفض علناً كذب (باقان) عن (المصالح المشتركة بين البلدين). حكومة السودان التي تهشّ في وجه (باقان) وقلبها يلعنه، تعلم قبل غيرها أن (باقان) ليس هدى السماء وليس برهان العناية!. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.