جهاز المغتربين صفوف هنا وهنالك ونوافذ لا تحصى ولا تعد شباب يتراصون خلف بعض سعيًا لاستكمال بياناتهم تمهيدًا لمغادرة البلاد بصفة مغترب حاملين معهم آمالهم وتطلعاتهم لمستقبل أفضل.. (الإنتباهة) تجولت داخل صالات وباحات جهاز المغتربين بحثًا عن إجابة واضحة تفكك طلاسم السؤال «الهجرة لماذا؟ وإلى أين ؟».. عيون ناس البيت لا ترحم! هكذا بدأ قمر عمر الطاهر طالب جامعي حديثه ل (الإنتباهة) مؤكدًا أنه طرق كل الأبواب والمصالح والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة ولكن لا حياة لمن تنادي مواصلاً سرد حكايته عن رحلة البحث عن وظيفة وعن حياة كريمة ومصدر رزق حلال، وأكد أنه اتجه إلى مجال الأعمال الحرة، وتفاجأ بواقع العمالة الأجنبية فكانت الغربة هي سبيله وخياره الأنسب والحل لمسيرة بحثه الطويل وطالب المسؤولين بإيجاد حلول لمعضلة الشباب «العاطل». أما المكاشفي عبد الوهاب «عامل» فقال إن العمل هنا لا يكفي لاحتياجاته اليومية لذلك قرَّر الهجرة لتوفير مبلغ يساعد على بناء منزل يقي أسرته من نيران الإيجارات، بينما قالت رندا جمعة «خريجة جامعية» إن الوضع المعيشي أصبح صعبًا وطاردًا، والمرتبات لا تكفي حق المواصلات، وأكدت أن التعيين يتم على أسس بعيدة عن التخصصات وهنالك تخبط في اختيار أصحاب الخبرة والكفاءة، وأشارت إلى أنها وجدت فرصة للعمل بالخارج لا يمكن التفريط فيها.. وأضافت الأخت هيام عبد الفتاح «خريجة جامعية» أنها منذ تخرجها كانت تعمل في مصانع البسكويت والعصائر بأجر يومي وهي تأمل في أن تجد فرصة عمل أفضل إلا أن غلاء الأسعار وضعف المقابل اليومي جعلها تفكر في الهجرة بحثًا عن حياة أفضل تقيها شر السؤال. ويقر تقرير المجلس القومي للتعليم الفني والتقني الذي أصدرته الأمانة العامة لمجلس الوزراء يوليو 2009م الذي يوضح أن هناك نسبة عجز كبيرة في الكفاءات بمختلف القطاعات حيث إن القطاع البيطري تتمثل نسبة العجز فيه 99% تقنيين 98% عمال مهرة، أما القطاع الهندسي فنسبة العجز فيه 84% تقنيين و98% عمال مهرة والقطاع الزراعي حسب الأراضي الصالحة للزراعة 98% تقنيين و99% عمال مهرة وحسب الأراضي المزروعة فإن نسبة العجز حاليًا فيها 94% تقنيين و98% عمال مهرة، أما في القطاع الطبي والمهن الطبية المساعدة فإن نسبة العجز 69% تقنيين و64% عمال مهرة. وأضاف د. عثمان حسن عثمان مدير إدارة البحوث والدراسات بمركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان بجهاز المغتربين أن ازدياد قوة العمل بصورة لا تقابلها استجابة مباشرة لفرص التشغيل وثورة التعليم العالي التي أنتجت كمية من العاطلين عن العمل من الشباب، كما أدت إلى توجيه أفكارهم إلى الهجرة، خاصة بعد انفصال الجنوب وفقدان كوادر البترول الذي قاد إلى فجوة كبيرة في الاقتصاد السوداني مما أدى لغلاء الأسعار والتضخم، مؤكدًا أن السودان أصبح يعاني من نقص كبير جدًا في التقنيين والفنيين في جميع المستويات، ذاكرًا أن العمالة الأجنبية تغطي نسبة ليست بالقليلة في كل القطاعات.