سبق أن اطّلعت بصحيفتكم الغراء العدد «2386» الصادر يوم الأحد 28/10/2012م بعمود مقالات بالصفحة «7» على مقال الأستاذ حسن أحمد الشيخ تحت عنوان (التنمية المنقوصة في ولاية نهر النيل) والذي استعرض فيه الكاتب عدة حالات لإخفاقات التنمية بهذه الولاية وهي غيض من فيض وهنالك في تقديري الكثير من القضايا التي تعج بها الولايات ويعاني منها المواطنون ولم تسلط عليها الأضواء لسببين أولهما لأن الإعلام الولائي في الغالب الأعم إعلام يتبع للولايات ولا يعكس إلا ما يُرضي السلطات، والسبب الآخر هو انشغال الإعلام القومي بالقضايا القومية وما يجري بالعاصمة، ومن هنا نشكر الأخ حسن أحمد الشيخ على إثارته لبعض الحالات الخاصة بالتنمية في ولاية نهر النيل والتي نرى أن كل واحدة منها تستحق أن تُفرد لها مساحة لكشف أبعادها والآثار السالبة المترتبة عليها وقد وضع الأجهزة المختصة وعلى رأسها مجلس الولاية التشريعي في المحك وأتمنى أن تهتم هذه الأجهزة بما يدور في الساحة وما تتناوله وسائل الإعلام وأن تفي بعهدها مع المواطنين الذين جاءوا بها للسلطة فإن العهد كان مسؤولاً وقد دنا وقت الحساب، أما كما تعودنا إذا كان مصير كل ما يصدر عن المواطنين من شكاوى وما تثيره أجهزة الإعلام من الإهمال والتجاهل فإن ذاكرة المجتمع والتاريخ لا تنسى وقد تغيرت الموازين بعد ثورات الربيع التي استعادت فيها الشعوب في كثير من الأقطار حولنا قوتها وقرارها وقد كان للسودان السبق في هذه التجربة ولن تتوقف العجلة حتى ينصلح الحال. ولا أود أن أخوض في هذه العجالة في كل ما أشار إليه الكاتب ولكني أود أن أقف قليلاً معقباً على ما ورد حول مشروع الأمن الغذائي بعطبرة وأضم صوتي للأستاذ حسن بضرورة إعادة النظر في هذا المشروع وأتفق معه أن هنالك الكثير من الأخطاء التي لازمته منذ إنشائه وحتى يومنا هذا ولعل زيارة واحدة للمشروع تكشف صنوفاً من الممارسات والظلم الشنيع ما يشيب له الولدان ولكنا نكتفي باستعراض جزء منها في الآتي: 1/ العجلة وعدم التروي والدراسة المتأنية مع إسناد الأمر لغير أهله منذ البداية من الأخطاء التي ما زالت تعيق مسيرة هذا المشروع. 2/ عدم الشفافية والقصور في عملية التمويل الذي تسبب في تنقل إدارة المشروع من إدارة إلى إدارة ومن شركة إلى شركة على حساب المزارعين. 3/ عدم العدالة في توزيع الحواشات وما تبعها من ضرر وشكاوى من المستهدَفين وأصحاب التعويضات التي لم يفصل فيها نهائياً حتى الآن. 4/ عدم التجانس والتعاون بين المزارعين أنفسهم وقد انعكس ذلك على ضعف مشاركتهم في إدارة المشروع وجعل مؤسساتهم صورية. ونتيجة لذلك صار المزارع صاحب المصلحة الحقيقية تعيساً وحُمِّل أكثر من طاقته حيث عليه نظافة جداول أبو عشرين وأبو ستة، وفُرض عليه بجانب أجرة الري رسوم استهلاك المياه على الحيوانات وحظائر الدواجن وأشجار الظل والأحزمة بفئات تقررها الإدارة دون مشورته مع أن هذه الأنشطة تقع داخل الحواشة وتعتبر جزءًا من الدورة الزراعية. وليس هنالك عقد أو اتفاق يحفظ حقوق المزارع الذي من أجله أنشئ المشروع وتم تأهيله، أما الإدارات المتعاقبة فتأخذ حقها كاملاً لأنها تتحكم في مياه الري، وحتى قرارات الأخ رئيس الجمهورية بتخفيض فئات الري بعد دخول الكهرباء ضرب بها عرض الحائط. أما عن تحضير الأرض وتوفير الآليات الزراعية والتقاوى والأسمدة وغيرها من المدخلات في مواعيدها فحدِّث ولا حرج وهذا قليل من كثير. حسب رأينا أن الحل ليس مستعصياً ونحصره في أمرين لا ثالث لهما إما أن تتحرك السلطات المختصة في أسرع وقت للمعالجة والإصلاح وإما أن يأخذ المزارعون زمام الأمر لإنقاذ مشروعاتهم وإلا فعلى الدنيا السلام.