من المضحكات المبكيات في بلادنا »بلد المليون عجائب« !! إن »الأذكياء« من القاده والمثقفين يخدعهم »البسطاء« من الدجالين والمشعوذين . فترى الأداريين في الأنديه الرياضيه الكبيره يسعون إلى »الأناطين« ليحددوا لهم نتيجة المباريات المصيريه !! ونسمع عن »تثبيت كراسي« المديرين العامَِين والوزراء الأتحاديين بواسطة »الشيوخ« المقربين.. وحتى الرؤساء تحكي عنهم هذه »الخُرافات« وقد تحدث الناس كثيراً عن »عصاية نميري« التي كان يلوِّح بها للجماهير فتهتف بحياته !! وتلوك الألسن قصصاً وحكايات من هذا القبيل.. » قال الأستاذ علي محمود وزير الماليه والأقتصاد الوطني للصحفيين الأسبوع المنصرم ممازحاً.. الرئيس قال لي إنت جابوك فُقَرا نيالا..« وهي دعابه ليست بمستغربه في العقل الجمعي لأهل السودان . وكأنَّ منظروا اليسار قد نظروا إلينا فقالوا : » من الضروري تحويل الناس في الحقل السياسي من أناس سُذَّج يخدعهم الآخرون ويخدعون أنفسهم.. إلى أناسٍ فاعلين ساعين لتحديد آفاق تطور المجتمع« وقد يطول الحديث عن الذين بدَّدوا ثرواتهم التي بين أيديهم وأنفقوها أو سلموها طوعاً »للدجاجله والمشعوذين«.. والدَّجال المُموَّه الكذَّاب وجَمَعَها مالك بن أنسٍ على دجاجله.. وفي الحديث الصحيح يكون في آخر الزمان دجَّالُون . والدَّجال هو الكذاب لأنه يَدجُلُ الحقَّ بالباطل »والشعوذة كالسحر« أن ترى الشئ بغير ماعليه اصله في رأي العين. وقد إعتصر الألم فؤادي عندما تناهى إلى أسماعنا نبأ إشتراك »فكي« في المحاوله الأنقلابيه الأخيره.. وهو الأسم الذي إستقرت عليه بعدما سمَّى الفريق أول مهندس محمد عطا المولى عباس رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني الحركه الاخيره بأسمها الحقيقي »إنقلاب مكتمل الأركان« وقبلها تاهت التسميه على الناطق الرسمي باسم الحكومه السيد وزير الأعلام فأسماها بالمحاوله التخريبيه.. وجرت على لسان الأعلام الرسمي وغير الرسمي بتلك الأوصاف والمسميات المبهمه حتى »قطعت جهينة قول كل خطيب« . إنقلاب عسكري بخطة متكامله.. أمر معروف ومجرَّب.. لكن الإستعانة »بفكي«.. دي ما أدونا ليها !!.. وعندما يقول أعلى مسئول أمني بأن »الأنقلاب مكتمل الأركان« فذلك يعني بالضروره أن تكون هناك خطه عسكريه كبيره تقوم على معطيات أساسيه تضمن لها الوصول إلى غاية أهدافها كاملةً . وهذا يستلزم دراسة المواقف السياسيه والعسكريه والأمنيه.. لتأتي خطوات التنفيذ في تحديد ساعة الصفر بدقة متناهيه لضمان تحقيق أفضل النتائج.. وأشراك كل الكوادر الملتزمه بالخطه . والمؤهله لتنفيذ المهام الأساسيه.. وتأمين الأهداف الحيويه.. مع الألتزام بأقصى درجات الأمن والسِّريه لتحقيق المفاجأه التامه.. مع إصطحاب خطه للتمويه والخداع بشكل محسوبه بدقة متناهيه..مع الأخذ في الأعتبار أي إحتمال للتحرك المضاد » مقاومه عسكريه.. أو تحرك سياسي« . ووضع خطه لمجابهة ذلك كلاً بقدره . وأي إنقلاب عسكري نجح في بلادنا إستطاع منذ الوهله الأولى السيطره عسكرياً على القياده العامه ومنطقة الشجره والمدرعات.. ومنطقة جبل أولياء العسكريه.. ومنطقة أم درمان العسكريه.. ومنطقة وادي سيدنا العسكريه.. وكان له مركز للقياده والسيطره في الخرطوم ومراكز فرعيه في مواقع أخرى مختلفه بالعاصمه المثلثه . وخطه للأعتقالات . وبيان يحمل الرقم واحد.. ومن يشذ عن هذه القاعده . سيحمل إسم الأنقلاب الفاشل . وهذا هو سر فشل كل الأنقلابات العسكريه ما عدا إنقلاب مايو وإنقلاب يونيو و يُعد إنقلاب 17 نوفمبر إستثناءً من هذه القاعده لأسبابه المعلومه . لكن ما رشح من تسريبات على قلَّتها تشير إلى إستعانة المتهمين »بفكي« وطلب الفكي منهم جداده »دجاجه« أخذها إليه أحد الضباط وعندما وصل مقر الفكي كانت »الجداده« قد نفقت في الضهريه !! يقول الفكي في أقواله عندما سُئل لماذا لم تبلغ السلطات قال » أنا حلمت بأن الأنقلاب ده فاشل عشان كده سكتَّ وقلت خلاص الموضوع إنتهى !! ».. إنه لأمر جد محزن أن يستعين قادة كبار » بفكي » ليحملهم إلى كراسي الحكم على ظهر » جداده » !! ولو كنت من المؤمنين بالدجل والشعوذه والعمل والسحر لأقلعت في الحال وغيَّرت رأيي عن المضي في هذا الدرب لأنني سأعتبر » موت الجداده« دليل شؤم !! وعملاً بالقاعده العدليه » المتهم برئ حتى تثبت إدانته » فأنني أدعوا الله أن يبرئ ساحة كل المتهمين.. مع إطمئناني إلى عدالة قضائنا المدني والعسكري خاصة وأن المسئولين وعلى أعلى المستويات قد أكَّدوا من على أعواد المنابر بأن الموقوفين على ذمة التحقيق في الحركه الأنقلابيه سيقدمون إلى محاكمة عادله وفق القانون . وإنهم يتلقون معامله كريمه ولم تُمارس عليهم أو معهم أي وسائل غير قانونيه أثناء القبض عليهم أو التحري معهم.. ودون أن نقوم بتحويل الموضوعي إلى ذاتي.. أو إستبدال الموضوعي وإحلال الذاتي مكانه.. فأن الصراع بين الفئه السائده وبين الفئه المرشحه للسياده مستقبلاً سنةٌ قائمه إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.. ومهما يكن من أمر سيبقى الحديث عن »محتوى ومستوى« الحدث مؤجلاً حتى تنطوي صفحة التحقيقات.. ومن بعدها الأفراج أو المحاكمات.. ومن بعدها العفو أو التخفيف.. » ولئن يُخطئ الأمامُ في العفو خيرٌ من أن يُخطئَ في العقوبه » وما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أختار أيسرهما.. أما حكاية الفكي أب جداده.. فهي تشبه الفكي الذي شارك في إغتيال الشهيد محمد طه محمد أحمد فأنتهى به الأمر إلى حبل المشنقه . لكن الفكي أبْ جداده لم يهرق دم » الجداده » التي ماتت فطيسه.. وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله غفوراً رحيماً.