كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المطالبة بزيادة الأجور من قبل اتحاد العمال، الذي اتجه أخيراً للاعلان عن الاستنجاد برئاسة الجمهورية ونواب البرلمان لزيادة الحد الأدنى للأجور في ظل المعاناة والغلاء المعيشي الذي يعانيه المواطن، حيث تبلغ نسبة الحد الأدنى 8,5% من التكلفة الحقيقية للمعيشية البالغة«1947» جنيها مقارنة ب«165» جنيها، والتي ظلت ثابتة منذ العام 2006م، ورغم ذلك تتمسك وزارة المالية برفضها زيادة الأجور وتضمينها موازنة العام 2013م، بحجة عدم مقدرتها دفع التكاليف في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد لضعف الموارد، وأن الزيادة لن تكون واردة إلا بزيادة المحروقات والضرائب، الأمر الذي رفضه الاتحاد، حيث أصبحت زيادة الأجور تمثل هاجساً للعاملين والموظفين في القطاعين العام والخاص على حد سواء، في ظل تمسك اتحاد نقابات عمال السودان بمعالجة المشكلة برفع رؤيته للمجلس بعد تشكيل لجنة لذلك. وعقد اجتماع طارئ لحسم قضية الأجور باعتباره الملاذ الأخير. ويبقى السؤال: هل يستطيع الاتحاد الوصول لحل نهائي في ظل تمسك المالية برفضها زيادة الأجور. وقد أوضحت آخر تقارير في شهر مايو هذا العام، أن مستوى الأجور والمرتبات يعادل 9% من مستوى المعيشة مقارنة بشهر سبتمبر من العام الماضي، وأن المرتبات تساوي 12% من مستوى المعيشة، وعند إضافة ال«100جنيه» المنحة«تساوي 19% من مستوى المعيشة. ويقدر المراقبون مستوى الأجور في الوقت الراهن ب 5% فقط، وفي ظل تلك الظروف يرى المراقبون أن الاتجاه لزيادة الحد الأدنى للأجور لا يسهم في حل مشكلة العمال والتغلب على غول الأسعار، وذلك لامتصاص الزيادة بواسطة التضخم في وقت يطالب عدد من العمال بضرورة إعادة النظر في الزيادات وتحديدها وفق الأسعار الحالية، وإعادة النظر في ضريبة الدخل الشخصي والخصومات العديدة في المرتبات. ويقول الخبير الاقتصادي حسين القوني لابد من الاعتراف بأن المرتبات لا تغطي الاحتياجات الضرورية للمواطن، الأمر الذي أدى للبحث عن أكثر من وظيفة من أجل زيادة الدخل ومواجهة متطلبات الحياة، مبيناً خلال حديثه ل«الإنتباهة» أن مطالبة اتحاد العمال بزيادة الأجور أمر ضروري، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الدولة لا يمكن تطبيقها، لافتاً إلى أن الزيادة قد تؤدي لزيادة أسعار السلع بصورة جنونية، بجانب ارتفاع معدلات التضخم، مضيفاً أن المحصلة النهائية هي تضرر العاملين، مشيراً أن المصلحة العامة تقتضي عدم زيادة المرتبات إلا بحدوث زيادة في دخل الدولة، وإذا حدثت ستكون استجابة وطنية وليست سياسية. وقال هذا لا يعني أن تقف الدولة مكتوفة الأيدي، داعياً إلى الاتجاه لإنشاء جمعيات تعاونية بالمصالح الحكومية مواكبة للمتغيرات، والعمل على توفير سلع بأسعار مناسبة من شأنها الإسهام في خفض الأسعار وتعويض العاملين، ويقول الخبير الاقتصادي حسن ساتي ل«الإنتباهة» هنالك منطق قوي للمطالبة بالأجور المتفق علية عالمياً. مبيناً أن زيادة الأجور تتم إما بزيادة الإنتاجية أو التوافق بين الأجور والأسعار، وهو الجانب الأهم حتى يكون الأجر محافظاً على قيمته الشرعية. وأشار لوجود فجوة بين الأجور والأسعار في البلاد. وقال إن آخر تقرير للمجلس الأعلى للأجور ذكر أن الحد الأدنى يساوي 300 جنيه فقط، ويغطي 12% من تكلفة المعيشة في حدها الأدني ّ«حد الكفاف»، موضحاً أنه من المفترض أن يكون الحد الأدني للأجر في حدود ال 2500 جنيه «300م12*100» حتى يتوافق مع متطلبات المعيشة. وقال إن مطالبة اتحاد العمال بالزيادة ضرورة واقعية وتحقق النظر من واقع الحكومة بضرورة التركيز على معالجة التضخم بوضع سياسات اقتصادية، وذلك حسب السياسة المالية، ولكن الميزانية العامة لا تستطيع أن تدفع وذلك لانهيار الاقتصاد السوداني حتى إذا خصصت كل ميزانية الدولة لا تفي بالغرض المطلوب، مما يوضح أن المشكلة أكبر من الحكومة والنقابات، حتى مشكلة التضخم فشلت جميع السياسات في معالجتها. مشيراً إلى أنه لابد أن يكون الحل اقتصادياً سياسياً حتى يعالج كل المشاكل للمساهمة في خروج البلاد من الأزمة التي تعاني منها، مبيناً أنه لابد من معالجة الركود والتضخم الذي يسيطر على الاقتصاد. وقلل من الوصول لحل جذري، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي للبلاد في حالة تدهور مستمر، وذلك لفشل الحكومة في معالجة الأزمة.