ما زال الجدل مستمراً بين وزارة المالية الاتحادية بالسودان والاتحاد العام لعمال السودان بشأن زيادة الحد الأدني لأجور العاملين بقطاعات الدولة، وتصاعدت حدة الجدل بعد أن غضت موازنة 2013م طرفهاعن هذه القضية رغم الزيادة الكبيرة التي طرأت على الأسعار خلال هذا العام، وتزامن هذا الجدل مع إجازة البرلمان في الأيام الماضية ضريبة المركبات العامة بعد أن سقط طلب زيادة رسوم ترخيص السيارات.. وحسماً للجدل كونت رئاسة الجمهورية لجنة بالقرار (385) لسنة 2012م لدارسة وتقييم هياكل الأجور في الخدمة العامة برئاسة د«فاروق البشرى وعضوية المالية وعدد من الوزارات واتحاد العمال استجابة لطلب اتحاد العمال،عقدت أمس الأول اجتماعاً مطولاً بحضور رئيس الجمهورية عمر البشير، ومحافظ بنك السودان،ووزير المالية حيث كشفت مصادر مطلعة تطرق الاجتماع الى استقرار سعر الصرف والتضخم في أسعار الدولار،وفي ذات السياق طالب الاتحاد العام لنقابات عمال السودان رئاسة الجمهورية بالتدخل العاجل وإصدار قرار حاسم بزيادة المرتبات ورفع الحد الأدنى للأجور،واتهم الاتحاد وزارة المالية بالتنصل عن الاتفاق المبرم بين الطرفين في آخر اتفاق لهما، لكن وزير المالية نفى وجود اتفاق مع الاتحاد برفع الحد الأدنى للأجور الى «425» جنيهاً وتطبيقة مطلع العام القادم، مؤكداً التزام وزارتة نتائج اللجنة المكونة من قبل رئيس الجمهورية، وقال ما ستفضي إليه اللجنة من نتائج واجب التنفيذ من قبل المالية، ومن جانبه أشار بروفيسور إبراهيم غندور رئيس الاتحاد في تصريحات صحفية إلى أن الاتحاد ظل على الدوام يتحمل مسؤوليته تجاه منسوبيه وعلى دراية كاملة بالأوضاع الاقتصادية،لكنه قال إن ذلك لا يعني التراجع وعدم الالتزام بالقرارات والاتفاقيات،منتقداً ما اسماه بالطريقة التي تتعامل بها وزارة المالية مع الاتحاد،مجدداً تمسكهم برفع الحد الأدنى للأجور وعدم المساومة في ذلك،وفي سياق متصل أبان وزير المالية أن الاجتماع الذي عقد بين وزارته واتحاد العمال ناقش فيه القضايا التي تهم قطاع العاملين في الدولة مع مراعاة المصلحة العامة لهم، مشيراً الى أن المالية التزمت بتنفيذ القرار رقم»38» الخاص بالمعاشيين ورفع الحد الأدنى الى «250» جنيهاً الى جانب الالتزام بسداد متأخرات العاملين بالولايات من العام 2007م حتى العام الماضي 2011م على أن يتم تقصيدها ابتداءً من العام 2013م لفترة مدتها خمس سنوات. وأوضح آخر تقرير صدر في شهر مايو من هذا العام أن مستوى الأجور والمرتبات يعادل 9─من مستوى المعيشة مقارنة بشهر سبتمبر من العام الماضي، وأن المرتبات تساوي 12─ من مستوى المعيشة، وعند إضافة ال100جنيه المنحةîتساوي 19─ من مستوى المعيشة« ويقدر المراقبون مستوى الأجور في الوقت الراهن ب5─ فقط،وفي ظل تلك الظروف يرى المراقبون أن الاتجاه لزيادة الحد الأدنى للأجور لا يسهم في حل مشكلة العمال والتغلب على غول الأسعار، وذلك لامتصاص الزيادة بواسطة التضخم،فيوقت يطالب عدد من العمال بضرورة إعادة النظر في الزيادات وتحديدها وفق الأسعار الحالية وإعادة النظر في ضريبة الدخل الشخصي والخصومات العديدة في المرتبات« ويقول الخبير الاقتصادي حسين القوني لابد من الاعتراف بأن المرتبات لا تغطي الاحتياجات الضرورية للمواطن الأمر الذي أدى للبحث عن أكثر من وظيفة من أجل زيادة الدخل ومواجهة متطلبات الحياة، مبينا أن مطالبة اتحاد العمال بزيادة الأجور أمر ضروري، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الدولة لا يمكن تطبيقها، لافتاً أن الزيادة قد تؤدي إلى زيادة أسعار السلع بصورة جنونية بجانب ارتفاع معدلات التضخم مضيفا أن المحصلة النهائية هي تضرر العاملين، مشيرا أن المصلحة العامه لا يمكن زيادة المرتبات إلا بحدوث زيادة في دخل الدولة وإذا حدثت ستكون استجابة وطنية وليست سياسية وقال لالإنتباهةîهذا لا يعني أن تقف الدولة مكتوفة الأيدي داعياً لإنشاء جمعيات تعاونية بالمصالح الحكومية مواكبة للمتغيرات والعمل على توفير سلع بأسعار مناسبة من شأنها تسهم في خفض الأسعار وتعويض العاملين، ويقول الخبير الاقتصادي حسن ساتي هنالك منطق قوي للمطالبة بالأجور المتفق عليه عالمياً، مبينا أن زيادة الأجور يتم إما بزيادة الإنتاجية أو التوافق بين الأجور والأسعار وهو الجانب الأهم حتى يكون الأجر محافظاً على قيمته الشرعية« وأشار لوجود فجوة بين الأجور والأسعار في البلاد« وقال إن آخر تقرير للمجلس الأعلى للأجور ذكر أن الحد الأدنى يساوي 300 جنيه فقط ويغطي 12─ من تكلفة المعيشة في حدها الأدني ّحد الكفافî موضحافي حديثه لالإنتباهةî من المفترض أن يكون الحد الأدنى للأجر في حدود ال2500 جنيه حتى يتوافق مع متطلبات المعيشة« وقال إن مطالبة اتحاد العمال بالزيادة ضرورة واقعية وتحقق النظر من واقع الحكومة بضرورة التركيز على معالجة التضخم بوضع سياسات اقتصادية وذلك حسب السياسة المالية، ولكن الميزانية العامة لا تستطيع أن تدفع وذلك لانهيار الاقتصاد السوداني حتى إذا خصصت كل ميزانية الدولة لاتفي بالغرض المطلوب مما يوضح أن المشكلة أكبر من الحكومة والنقابات حتى مشكلة التضخم فشلت جميع السياسات في معالجتها« مشيراً إلىأنهلابد أن يكون الحل اقتصاديا سياسيا حتى يعالج كل المشاكل للمساهمة في خروج البلاد من الأزمة التي تعاني منها،مبينا أنهلابد من معالجة الركود والتضخم الذي يسيطر على الاقتصاد، وقلل من الوصول لحل جذري، مشيرا إلىأن الوضع الاقتصادي للبلاد في حالة تدهور مستمر، وذلك لفشل الحكومة في معالجة الأزمة.