إذا كانت جميع مواقفي دفاعاً عن حرية الصحافة والتزام جانب المهنية والمهنية في مجال تخصصي الذي أقمت في حقله أكثر من «42» سنة كاملة ودفعت ثمناً لذلك بالصحة الجسمانية و الأمراض أمراض المهنة وعانيت في سبيلها الكثير من الظلم والعنت والافتراء من بعض الزملاء وغيرهم غيرة وحسداً وحقداً وعجزاً.. وإذا كنت حتى الأسبوع الماضي وأنا أشارك في ندوة للاتحاد الدولي للصحفيين حول حرية الصحافة في الوطن العربي وما نقوم به من جهاد واجتهاد في سبيل حماية المهنية من التدخلات والاعتداءات والاجتهادات غير الناضجة والخطيرة التي تأتي من أناس لا علاقة لهم بالمهنة وأسرارها ولم يجهدوا أنفسهم للتبحر في بحارها وأمواجها المتلاطمة في الصراع الأبدي ما بين الصحافة التي تهدف أساسًا إلي نشر وإظهار وإشهار الحقائق .. وبين الحكومات التي غالباً ما تسعى إلى عدم كشف سلبيات ما ينتج من عملها والإخفاقات التي تحدث هنا وهناك.. لقد قاتلنا بضراوة لكي ندافع عن بلادنا في وطنية غير مشحودين عليها ولكي نثبت أننا نعمل بوعي كامل للحافظ على الحريات الصحفية من خلال التمسك بالقانون والمشاركة في أية فعالية شأنها معالجة أوجه القصور في القانون أو القوانين الأخرى ولعل القرار المفاجئ من السيد رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس الوطني بمخاطبة مجلس الصحافة بالنية في تغيير قانون «2004» كان قد شكل صدمة للاتحاد احتج على إثرها لدى رئيس اللجنة ورئيس المجلس الوطني الذي قرر على الفور أن تضم اللجنة نفراً من المجلس الوطني وآخرين من مجلس الصحافة وطرف ثالث هو اتحاد الصحفيين وقد بدأت هذه اللجنة أعمالها برئاسة الدكتور النجيب آدم قمر الدين القادم للمجلس من كلية الصحفيين بالانتخاب.. واجتهدتُ في معالجة بعض الجوانب من القانون الذي وُضع وصيغ في ظل دستور انتقالي وكانت تشارك فيه الحركة الشعبية في الحكومة وتدعو إلى التشدُّد في الجزاءات ولكن خلال ورش العمل ومشاركات الصحفيين في المناقشات تمت معالجة سلبيات ذلك القانون إلى أن أُجيز بإجماع القوى السياسية في مشهد قلما يحدث في بلد يعيش تجاذبات سياسية طيلة عمر استقلال البلاد. اللجنة أنهت أعمالها وكنا في الاتحاد نشارك بعضو واحد في اللجنة التي تم تصغيرها وقصرها على ثلاثة أشخاص، وقد أُبعدت منها حتى لحظة اكتشافنا لمؤامرة استهدفت حق الاتحاد الثابت بالسوابق والأدلة والشواهد العربية والإقليمية والدولية.. وأود في هذا المقام أن أؤكد أن موقف الاتحاد واضح وثابت لا يحتمل أي شكل من أشكال التخابث عليه والعبارات الواضحة التي وردت في صلب خبر هامس في إحدى الصحف اليومية بأن القانون الجديد فيه تشدُّد أكثر من القانون السابق مع إشارة أن رئيس اتحاد الصحفيين كان عضواً في لجنة إعادة صياغته.. تؤكد حقيقة الخبث الذي أشرت إليه ولذا فإنني أوضح للكاتب والصائغ للخبر أنني لم أشارك في صياغة هذا القانون الذي تخوف منه وأنني تركت اللجنة لآخرين بعد أن تم اختيارهم لإكمال المشروع.. بل إن لجنة ثالثة هي التي أكملت صياغة القانون بعد أن استمعت لأطراف عديدة فيها الذين يعنيهم القانون وفيهم من يحشر أنفه في شؤون الإعلام دون اختصاص أو تخصص أو حتى مجرد ممارسة وغيرهم من المتربصين بالإعلام.. وأوضِّح أننا في اتحاد الصحفيين لنا موقف واضح ومكتوب سلمناه للجنة الثقافة والإعلام بالمجلس الوطني.. ولجنة القانون بالمؤتمر الوطني.. وكتبناه في الصحف والأرشيف يحفظ لنا كل تلك الممارسة. واليوم سوف يُطرح القانون على الصحفيين وذوي الاختصاص في ورش وحوارات مفتوحة.. عليهم أن يشاركوا بالنقد والمطالبة بتخليص القانون من جميع العيوب التي تحد من حرية الصحافة وعلى رأس هؤلاء رؤساء التحرير والناشرون والمتربصون بالاتحاد وقيادته ورموزه.. وإذا ثبت لأحد أن رئاسة الاتحاد قد ساهم بأي قدر في مسألة الجزاءات والتشديدات التي أشارت إليها الصحيفة فإنني أعلن منذ الآن استقالتي من الاتحاد.. والاعتذار عمَّا فعلته بعد هذا العمر الطويل في حقل الصحافة مهنيًا وأكاديميًا وأخلاقيًا، وهذا بيان للصحفيين.