في مايو الماضي أفصح الوسيط القطري أحمد بن عبد الله آل محمود خلال الاجتماع الثالث للجنة متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة عن تحديات وصعاب تواجه وثيقة الدوحة معتبرًا أن أي إبطاء خطير أو عجز جوهري في التنفيذ ستكون له آثار سلبية على دارفور والسودان والمنطقة برمتها حسب تعبيره، وأقر في ذات الوقت عن رضاهم بالخطوات التي اتخذتها الأطراف في سبيل تنفيذ الوثيقة والتعهدات التي قطعتها على نفسها ببذل كل الجهود الممكنة للبقاء بدرب السلام والعزيمة على تخطي الصعاب، ورأى آل محمود أن من أولى التحديات إقناع الأطراف المترددة في اللحاق بالسلام والتي تعمل على وضع العراقيل أمام السلام وقال »إن هذا يضعنا أمام تحدٍ مزدوج يتمثل في إبقاء الأطراف ملتزمين بالاتفاقية من جانب والتعامل مع الجماعات المسلحة المترددة لإلحاقهم بالعملية السلمية من جانب آخر« والتحدي الثاني هو مسألة الموارد والقدرات رأى أنها مسألة تنشأ في كل مرحلة من مراحل العملية السلمية. وبعدها بدأت تظهر للوجود وبدأ الامتعاض يكسو وجوه قادة الحركة ووزراء السلطة الانتقالية بسبب ما سموه عدم التزام الحكومة بالإيفاء بما عليها من التزامات مالية، واستنجد رئيس السلطة د. التجاني سيسي بالبرلمان لانقاذ الاتفاق، وحذر السيسي اكثر من مرة من ان تلكؤ الحكومة في الايفاء بتعهداتها لصندوق اعمار دارفور والتباطؤ في انفاذ بند الترتيبات الامنية يجعل الاتفاق في مهب الريح، وقال في وصف متشائم »ان اتفاق الدوحة ليس مثاليًا ولكن البديل يبدو قاتمًا ومخيفًا ورفض وقتها ان تعامل السلطة كوحدة حكومية تستجدي المال من وزارة المالية، واشار الى ان عدم التمويل ساهم في تعثر قيام اهم مؤتمرين هما مؤتمر عموم اهل دارفور الذي كان من المؤمل التآمه في ابريل الماضي ومؤتمر العودة الطوعية ووقتها ابدى البرلمانيون قلقهم بشأن »الدوحة«، واكد عدد منهم انها تسير بخطى حثيثة صوب مصير أبوجا وشددوا على ضرورة تفادي السلبيات وطالبوا الحكومة بالالتزام بما عليها. ولكن التصعيد الأكثر خطورة في سير انفاذ الدوحة هو ما جرى الايام الماضية من اتهامات متبادلة وهو ما قاد لاسترجاع ذكريات ابوجا للأذهان وشكاوى مناوي واتهاماته للحكومة وتهديداته بالانسحاب من الاتفاق بعد ان لوحت حركة التحرير والعدالة بذات التهديد بعد الحادث الذى وقع فى مدخل مدينة الفاشر بعد اشتباك الجيش مع قوات قالت الحكومة انها تابعة للجبهة الثورية كانت تُعد العدة لقصف المدينة بينما اكدت التحرير والعدالة ان الذين استُهدفوا منتسبين لها، وشدَّدت على ضرورة تدخل يوناميد للتحقيق في الاحداث، و قالت لجنة امن الولاية في بيان إن الذين حسمتهم القوات المسلحة هم من قصفوا الفاشر عدة مرات، بينما لوَّح السيسي هنا في الخرطوم بالانسحاب من اتفاقية الدوحة بعد ان اكد ان الهجوم وقع على قواته، ورأى ان هذه الاحداث من شأنها ان تؤثر في اتفاق الدوحة وتقلل فرص نجاحه، وردد السيسي كثيرًا في الفترة الاخيرة ان جهات لها اغراض شخصية تسعى لتقويض الاتفاق. وبسبب الأحداث سادت مخاوف في دارفور من ان يتسبب ما حدث في تقويض الاتفاق، واكدت شبكة الشروق ان أوساطًا سياسية وقانونية بشمال دارفور دعت حكومة الولاية وحركة التحرير لانتهاج الحوار وسيلة لمعالجة قضايا المنطقة ووقف التصعيد، وأعربت عن خوفها من أن تقوض الأحداث عملية السلام، وأكدت أن إنفاذ الترتيبات الأمنية يسهم في حل المعضلات التي قد تواجه الاتفاق، وفي الجنينة ناشدت قوى سياسية وقيادات أهلية طرفي الوثيقة المضي قدمًا في تنفيذها والالتزام بما جاء فيها والابتعاد عن التراشق وتبادل الاتهامات وحذرت من مغبة فقدان الثقة الذي سينعكس سلبًا على مسار تنفيذ الوثيقة. ولكن الكاتب والمهتم بالشأن الدارفوري عبد الله آدم خاطر بدا متفائلاً في حديثة ل»الإنتباهة« ولا يشعر بأي قلق حول مصير الدوحة، وقال انه لا يتفق مع من يرون انها تسير على خطى ابوجا، معتبرًا ان ما جرى في الفاشر يأتي في سياق المشكلات العديدة التي حدثت في دارفور لكنها لن تؤثر على الوثيقة، رغم انه اكد وجود تنديد شعبي واسع بما حدث باعتباره تدبيرًا من الحكومة، وقال »أهل دارفور ينتقدون الحكومة ويعتبرون ان هذا سلوكها تجاه كل الاتفاقات«، واردف ان ما حدث اكسب التحرير والعدالة شعبية وابان حجم المساندة لها. وكان القيادي بالتحرير والعدالة تاج الدين نيام نبه في ندوة عن مجهودات السلام في السودان إلى أنهم في اتفاق الدوحة فطنوا لمسألة دمج القوات على الفور باعتبار أن عدم دمجها واحد من المشكلات التي تؤدي للنكوص عن السلام، وشدَّد وقتها على تمسك التحرير والعدالة بالسلام وقال: »لن نتمرد على الدولة مرة أخرى«، وأضاف: »يمكنني أن استقيل من الوزارة لكن لن أخرج من البلاد وسأعمل من الداخل« لأن الاتفاق مسنود بإرادة شعبية يمكنها حمايته، وهو ربما ذات ما عناه خاطر عندما قال: »الدوحة هي لاهل دارفور بشكل متكامل لذلك الحكومة او اي حركة ترى انها غير منتقدة والحكومة لكي تحافظ على موقفها تجاه المجتمع الدولي ما عليها سوى الايفاء بما التزمت«، ولكن هل تمضي الامور كما رأى خاطر ولا تتأثر الدوحة بالمخاشنات هنا وهناك؟ ام يحدث عكس ذلك؟ هذا ربما يكون حدث الغد!!